وطني؛ كيف تنتقي من سيُورى ثراك ؟ ما هو مقياسُك للأثيرين لديك؟
هؤلاء كيف تختارهم ؟ إن عشقوكَ فأنا عشقتكَ حتى سكنتَ بين ضلوعي فما عدتُ أرى غيرك ! إن أحبّوا أرضكَ فأنا أحببتها كما لو كانتْ قلبي الذي ينبض ! إن استنشقوا ترابكَ فأنا استنشقته ومرغتُ به شَعري! قطفتُ زيتونكَ بأناملي وزرعتُ نرجساً بين ثنايا صخورك ، ولعبتُ حافية القدمين لألامسكَ وتلامسني...
احترقتُ على أسْراكَ ، وأحرقتني دموعي على شهدائك. الآن ؛ سأقدّم قرابينَ لتأخذني إليك ؛ لو استطعتُ لانتزعتُ حياتي وقصَصْتها حيواتٍ وزّعتها على أبنائك ، لو كان بإمكاني لاستللتُ حرّيتي وقسَمتها حريّاتٍ لأسْراكَ ، أو ربّما صيّرتُ نفسي بلسماً وزّعته على جرحاك.
لو استطعتُ لجعلتُ من نفسي حجارة تُضرب على الجنود ، أو لجعلتُ منّي أشواكاً تُرمى في طريق الغاصبين أو كوابيسَ أحلامٍ تقض مضجع المحتلين ، أو ربما جعلتُ نفسي أمهات وآباء لأيتامك !
فهلْ تقبل قرابيني ؟!
وطني؛ أنا منكَ وإليك، أنا فيكَ وأنتَ فيّ ، أنا لكَ وأنتَ لي . ولدتُ و حبّكَ بقلبي فهل كان عليّ أن أحبّك قبل الولادة لتختارني! لمْ أرتكبْ بحقكَ إلّا العشق ، توحّدت مع نسيمكَ فكنتَ أنفاسي، فهل ستختارني؟!
شهداؤك أصبحوا قناديل في طريقي ، فهلّا جعلتني قنديلاً في طريق أحدهم! وطني؛ في قائمة شهدائك الذين ستستثأثر بهم لنفسكَ ماذا لو كنتُ أنا !