مبعوث فرنسي في الأراضي المحتلة ..لتحريك التسوية

حلمي موسى
حجم الخط

بدأ المبعوث الفرنسي الخاص لشؤون المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، بيير فيمون، اجتماعاته يوم أمس مع كبار المسؤولين الإسرائيليين وآخرين من السلطة الفلسطينية، بعد وصوله إلى الأراضي المحتلة، في زيارة تهدف إلى بلورة ظروف متّفق عليها لعقد المؤتمر الذي دعت إليه باريس لتحريك المفاوضات العالقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة.
وعلى خلفية المباحثات المتوقّعة، اتصل رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند طالباً منه وقف بثّ قناة «الأقصى» التلفزيونيّة على القمر الاصطناعي الفرنسي.
وقد وصل المبعوث الفرنسي الخاص إلى مطار اللدّ يوم أمس، في زيارة تستغرق يومين، يقضيهما متنقلاً بين القدس ورام الله، للقاء المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين. وبرغم أنَّ فُرص عقد هذا المؤتمر ليست كبيرة بسبب رفض، أو على الأقل تحفّظ، إسرائيل إزاءه، إلَّا أنَّ ذلك لم يمنع استقبالها للمبعوث الفرنسي. ومعروف أنَّ السلطة الفلسطينية رحّبت بالمبادرة الفرنسيّة، ما يعني أنَّ العقبات لا تقع في الجانب الفلسطيني.

وأمس، بدا أنَّ تحركاً ما قد طرأ على الموقف الإسرائيلي، خصوصاً بعدما اتّصل رئيس الحكومة الإسرائيليّة بالرئيس الفرنسي، طالباً منه وقف بثّ قناة «الأقصى» التلفزيونيّة التابعة لحركة «حماس»، بحجّة بثّها برامج تحرّض عنصريًّا ضدّ إسرائيل.
وتباهت إسرائيل بأنَّ هولاند استجاب لطلب نتنياهو، وأمر شركة القمر الاصطناعي الفرنسية Eutelsat بوقف بثّ هذه القناة.
ولكن مصادر إسرائيليّة قالت إنَّ الطلب بشأن القناة، جاء في إطار حديث الطرفين حول المؤتمر الدولي الذي يصل فيمون من أجل تسهيل انعقاده.
ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله، إنَّ نتنياهو سأل عدّة أسئلة عن المبادرة الفرنسيّة، خلال حديثه مع هولاند يوم الجمعة الماضي. وقد أكَّد نتنياهو للرئيس الفرنسي استعداد إسرائيل للشروع بمفاوضات مع السلطة الفلسطينية من دون شروط مسبقة، مشيراً إلى أنَّ إسرائيل تُسرّ لتدخّل دول غربيّة أخرى في العمليّة السياسيّة. ومعروف أنَّ إسرائيل كانت على الدوام تعارض كل تدخل دولي ينتقص من وحدانية الرعاية الأميركيّة لعمليّة المفاوضات مع الفلسطينيين.
ووجد نتنياهو الفرصة، أثناء حديثه مع الرئيس الفرنسي، للإعراب عن معارضته للموقف الفرنسي الذي أكَّد، مؤخراً، أنَّه إذا فشل المؤتمر، فستعترف فرنسا بفلسطين، دولة مستقلّة على حدود العام 1967. وليست صدفة أنَّه قبل وصول فيمون إلى المنطقة، أعلن وزير الخارجيّة الفرنسي جان مارك آيرولت في القاهرة، أنَّ بلاده لا تعتزم الاعتراف «بشكل تلقائي» بفلسطين، في حال فشَل المؤتمر.

 

وبحسب وسائل إعلام إسرائيليّة، فإنَّ وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة تريد من فيمون فهم المعنى الحقيقي لتصريح آيرولت. ومعروف أنَّ أهم اجتماعات فيمون في إسرائيل، ستجري مع المدير العام لوزارة الخارجيّة دوري غولد، والمبعوث الخاص لرئيس الحكومة لشؤون المفاوضات، المحامي اسحق مولخو، إضافة إلى القائم بأعمال مستشار الأمن القومي يعقوب نيجل. وليس معروفاً بعد إن كان نتنياهو سيلتقي المبعوث الفرنسي أم لا.
وتحظى المبادرة الفرنسيّة بتأييد غالبيّة دول المنطقة، خصوصاً مصر والأردن، كما تحظى بتأييد الكثير من دول أوروبا الغربيّة. ولم يصدر أيّ اعتراض على المبادرة من جانب الإدارة الأميركيّة التي تبدو وكأنَّها تؤيّد الفكرة من دون إعلان ذلك.
ويرى بعض المعلّقين أنَّ إسرائيل تحاول التلطيف من اعتراضها على الخطة الفرنسيّة خشية اضطرار فرنسا للذهاب إلى مجلس الأمن الدولي كما كانت تخطّط سابقاً. وتخشى إسرائيل من أنَّه إذا لم تقدّم فرنسا خطتها، سيتقدم الفلسطينيون بمشروع قرار خاص بهم عبر ممثّل الدول العربيّة في مجلس الأمن، وهو مصر، التي لا تريد لعلاقتها معها أن تتضرّر في الظروف الراهنة.
وطوال الشهر الماضي، منذ الإعلان عن المبادرة، تجري وزارة الخارجيّة الفرنسيّة اتّصالات مكثّفة مع الكثير من دول العالم لحثّها على تأييد المبادرة والمشاركة في إنجاحها.
من جهة أخرى، وفي خطوة لها دلالة، منعت الحكومة الإسرائيلية، يوم أمس، دخول وزيرة الخارجيّة الأندونيسية ريتنو مارسودي إلى رام الله، حيث كان من المقرّر أن تقوم بزيارة رسميّة لافتتاح قنصليّة فخريّة لبلادها هناك، والاجتماع بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجيّة رياض المالكي. وبرّرت إسرائيل منع وزيرة الخارجيّة الأندونيسية من دخول أراضي السلطة الفلسطينية برفضها زيارة القدس المحتلة والاجتماع بمسؤولين إسرائيليين.
وكانت أندونيسيا قد دعت، على خلفية انعقاد المؤتمر الإسلامي في جاكرتا قبل أسبوع، إلى فرض المقاطعة على البضائع الإسرائيليّة المنتجة في المستوطنات غير الشرعية، وأدخلت هذه الدعوة في نص البيان الختامي للمؤتمر.
ويعتبر قرار المنع الإسرائيلي هذا سابقة تظهر المزيد من التشدّد في الموقف من السلطة الفلسطينية ومن الدول التي لا تقيم علاقات ديبلوماسية معها. وكان وزير الخارجية الإسرائيلية الأسبق، أفيغدور ليبرمان، قد فرض سياسة حظر دخول وزراء خارجيّة دول غربيّة إلى مناطق السلطة الفلسطينية من دون أن يزورا إسرائيل ويجتمعوا إلى المسؤولين فيها.
وقد منعت إسرائيل، وفق هذه السياسة، وزيرة الخارجية الكولومبية من دخول رام الله في العام 2014. ولكن إسرائيل لم تلجأ إلى منع وزراء خارجية دول عربية وإسلامية من زيارة رام الله، وهذه هي المرة الأولى التي تفعل ذلك مع أكبر دولة إسلامية في العالم.