بقلم: يوسي غورفيتز*
في 12 شباط، نشرنا، نحن في منظمة «يش دين» (يوجد قانون) في إسرائيل، إعلاناً يحدد موقفنا الرسمي، وكان بعنوان «من الاحتلال إلى الضم». ويعرض الإعلان الطريقة التي تستخدمها الحكومة الإسرائيلية في تنفيذ استنتاجات «تقرير لجنة ليفي» من دون أي نقاش عام أو حتى قرار حكومي رسمي. وتنفيذ هذه الاستنتاجات يعني أن إسرائيل تقوم بضم الضفة الغربية بالأمر الواقع من دون إعطاء سكانها الفلسطينيين أي حقوق.
قبل كل شيء، لابد لنا من التمييز بين الاحتلال والضم. القانون الدولي يعترف بشرعية احتلال، بمعنى أن هناك دولة تحتل أراضي يعيش فيها سكان أصليون.
ولكن القانون الدولي يبني هذا الاعتراف على فرضية أن الاحتلال مؤقت، وأن القوة المحتلة مؤتمنة وتحتفظ بما سيطرت عليه إلى حين تسوية النزاع.
علاوة على ذلك، لا يجوز للقوة المحتلة أن تجري أي تغييرات طويلة الأمد في المنطقة المحتلة، والضم هو استيلاء أحادي الجانب من قبل دولة بوساطة القوة أو التهديد باستخدامها، وهو بالتالي محظور في القانون الدولي. وإعلاننا لا يتعامل مع تقرير ليفي ذاته، وإنما مع تنفيذه، ومع ذلك، لابد لنا من قول كلمة حول التقرير ذاته: إنه انقلاب حقيقي في الطريقة التي تتعامل بها دولة إسرائيل مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فحسب التقرير، الموقف القانوني لإسرائيل هو أن الأراضي الفلسطينية المحتلة ليست محتلة، لأن الانتداب البريطاني (وعد بلفور) وعد اليهود بإعطائهم هذه الأراضي. والحكومة الإسرائيلية لم تتبن أبداً بصورة رسمية تقرير ليفي. إذ إن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، هو الذي عين ليفي، ولكنه لم يجرؤ أبداً على أن يتبنى تقريره بصورة رسمية. لماذا؟ قبل كل شيء، وضع الاحتلال الحالي هو في الحقيقة ملائم لإسرائيل. فهو يضفي شرعية قانونية جزئية على وجودها العسكري (وليس وجودها المدني) في الضفة الغربية. فلو لم تكن الضفة الغربية محتلة، عندئذ كان الوضع سيبدو بصورة مريبة وكأنه ضم. وكما لاحظنا أعلاه، الضم محظور.
ثانياً، لا أحد في العالم سيقبل شرعية سيطرة إسرائيلية تترك الفلسطينيين مجردين من أي حقوق. وتبني تقرير ليفي بصورة رسمية سيشكل كارثة دعائية. ولا أحد في العالم سيقبل ادعاء إسرائيل بأن نحو 50 سنة من السيطرة العسكرية ليست احتلالاً. ولكن رغم أن الحكومة لم تتبن أبداً التقرير بصورة رسمية، إلا أنها بدأت عملياً تنفيذه. فعلى الجبهة القانونية، نشرت وزارة الخارجية في أواخر 2015 وثيقة تتبنى روح تقرير ليفي. وحسب هذه الوثيقة، إسرائيل لديها الحق في بناء مستوطنات، استناداً إلى تبني عصبة الأمم في 11 أيلول 1922 الانتداب البريطاني بشكل رسمي على أساس وعد بلفور. وبدورها، تبنت وزارة العدل الإسرائيلية روح تقرير ليفي وموقفه من شرعية البناء غير القانوني لمستوطنات وعشوائيات. وفي الوقت ذاته، بدأت وزارة العدل تطبيق إحدى توصيات التقرير، فشرعت في إنشاء محكمة جديدة تتعامل حصرياً مع المسائل المرتبطة بالأراضي في الضفة الغربية. وهذه المحكمة تضم فقط قضاة «إسرائيليين».
ومعنى ذلك بالنسبة لفلسطيني يريد حماية ملكية أرضه واضح: لا تضع وقتك. وعلى كل حال، الفلسطينيون لا يثقون كثيراً بالمحاكم العسكرية الإسرائيلية. ومنذ نشر تقرير ليفي، أخذت الحكومة تغير موقفها: فهي تقول للمحاكم، المرة تلو المرة، إن تلك العشوائيات ذاتها سوف تعلن قانونية. ومن أجل إضفاء الشرعية على العشوائيات، قامت حكومة نتنياهو بخطوتين رئيسيتين. ففي تموز 2015، أمر نتنياهو بإنشاء «لجنة إعادة تنظيم» مكونة من أعضاء مهمتهم «إعادة ضبط» الوضع القانوني للأراضي موضوع النزاع، وبالتالي إضفاء شرعية على العشوائيات. والخطوة الثانية التي قامت بها حكومة نتنياهو كانت «إعادة تنظيم القانون» بهدف إرغام ملاك الأراضي الفلسطينيين على قبول تعويض مقابل إسقاط حقهم القانوني في ملكية أرضهم.
والهدف هو منع إخلاء العشوائيات والمباني غير القانونية. وحكومة نتنياهو تؤمن بالملكية الخاصة، إلا إذا كان الشخص المعني فلسطينياً. و«إعادة تنظيم القانون» هي محاولة لتحويل تقرير ليفي إلى تشريع. وقد عرض النائب في الكنيست يواف كيش مشروع قانون بهذا الخصوص. وإقرار مشروع القانون هذا سيؤدي إلى مصادرة أراض من دون الادعاء بضرورات عسكرية عاجلة، وهذا أمر محظور بموجب القانون الدولي. والنتيجة النهائية لجميع هذه الآليات القانونية هي ضم زاحف لمساحات واسعة من الضفة الغربية.
عن موقع «موندوويس»
*عضو في منظمة «يش دين» (يوجد قانون) الإسرائيلية.