نظم مركز غزة للثقافة والفنون والتجمع من أجل المعرفة "يوتيوبيا" لقاءً لمناقشة النص المسرحي "مطب اصطناعي" للكاتبة ريما أبو القمصان ضمن "مبادرة تحت الطبع" وبدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان
وجرى اللقاء بحضور الدكتورة سهام أبو العمرين، وعدد من النقاد والكتاب والمهتمين وذلك في قاعة المسحال، بمشاركة عازف العود الفنان حسن الاستاذ بمقطوعات موسيقية وغنائية.
واعتبر أشرف سحويل رئيس مجلس ادارة مركز غزة للثقافة، أن مشاركة الشعراء والأدباء تبعث رسالة بليغة على ان الثقافة الوطنية بما تحمله من هموم وقضايا الشعب الفلسطيني وعبر عن سعادته بمشاركة الضيوف في فعاليات مبادرة تحت الطبع في دورتها الثالثة خلال ثلاثة أعوام، مرحّبا بالكاتبة الشابة/أبو القمصان والدكتورة الناقدة /سهام أبو العمرين مثمناً دور برنامج الثقافة والفنون بمؤسسة عبد المحسن القطان على دعمهم للمبادرة.
وقامت الكاتبة أبو القمصان بقراءة أجزاء من العمل المسرحي بطريقة كوميدية ساخرة تبعا للحالة العامة التي كُتِب بها العمل.
وقدمت الدكتورة أبو العمرين قراءة شاملة في النصّ المسرحي "مطب اصطناعي" بعدما أثنت على دور مركز غزة للثقافة والفنون ويوتوبيا في محاولة تحريك الماء الراكد الذي يصيب المشهد الثقافي في غزة، و أوضحت أن المسرح عملية معقدة وصعبة والنصوص المسرحية كُتِبت لتُمشهَد وتُمسرَح على الخشبة ومن هنا بالذات تكتسب صعوبتها –أي نقلها إلى أرض الواقع-. ومن جهة أخرى فهي صاحبة التأثير الأقوى لأنها تخاطب العقل والوجدان في آن، فالكاتب المسرحي بريخت رائد المسرح الملحمي تنبأ بإحداث تغييرات محتمعية، مثلما فعل برنارد شو في مسرحه السافر وسارتر في مسرحه العبثي الوجودي وفرويد في مسرحه السايكودرامي الذي عالج وقوّم السلوك الإنساني. في سياقٍ آخر ذهبت بالقول أن " ليس كل ما تكتبه امرأة يسمّى أدب نسويّ لأن الأخير يجب أن تكتبه امرأة ويحمل قضية نسوية في جوهره ويحدث تغييرا أيضا في الصورة المُدرَجة عنها –كتابيّا-.
الكاتبة الشابة أبو القمصان قامت بقراءة جزء آخر من العمل، قبل أن يعزف الأستاذ مقطوعة موسيقية أخرى.
ومن مداخلات الحضور قال الدكتور علاء الغول أن ما أدرجته ضيفة اللقاء في مداخلتها حمل عرضا تاريخيا للمسرح وثناءً واسعا على نصّ الكاتبة، لكنه لا يرى فيه استحقاقا لإسقاطه على نصّ ريما، فنصّ "مطب اصطناعي" في نظره لا يعدو كونه محاولة أو وجهة نظر، ولا يحمل علاجا دراميا للقضية المطروحة ولا حتى بناءً محكما للشخصيات والحوارات الداخلية بينهم.
الممثل المسرحي ماهر داوود تحدث عن وجوب التفريق بين النصّ كجنس أدبي مكتوب والنصّ كعمل مسرحي، ونص ريما كان بسيطا ولا يتوفر فيه العناصر الأساسية كنصّ مسرحي، لكنه يصلح للتمثيل على الخشبة، فهنالك غسان كنفاني صاحب اللغة الجزِلة والمخزون المعرفي والثقافي الذي استطاع نصّه المسرحي أن يصمد إلى يومنا هذا لأنه معبّأ بالشيفرات والضمنيّات وماورائيات المعنى.
الشاعر أحمد الحاج بدوره اعتقد أن هنالك مشكلة في الانطلاق نحو مناقشة آليات الكتابة المسرحية، فهذا النصّ كُتِب من داخل الخشبة لا بعيدا عنها، ومن هنا لا يجوز محاكمته كنصّ أدبي مستقلّ بعيدا عن المسرح، بل كعمل متكامل. وأضاف: "فيما يخصّ اللغة التي جاءت في العمل، فيجب أن نفرّق أيضا أنها هنا تختلف عن أي جنس أدبي آخر لأن لغة المسرح مباشرة في تواصلها مع الجمهور، ولا مانع أن تكون موجّهة باللغة العامية
المخرج والمسرحي جمال أبو القمصان قال أن النصّ كُتِب بالعامية بسبب غرقه في الذاكرة الفلسطينية، ولا تُحال الذاكرة هنا إلا بلغة محكيّة عامية تستطيع أن تعبّر عنها شكلا ومضمونا.
الروائي غريب عسقلاني قال أن ارتباط اللغة العامية بالنصّ لا يعتمد إلا على شخوصه المتحركة على المسرح، ووجه سؤالا للكاتبة: "هل كنتِ هنا تريدين أن تسخري من الواقع فقط، أم تقدّمين حلّا دراميا للمشكلة، خاصة أن أزمة المياه الملتفّ حولها النصّ لم تُعالجها ذهنيّة الكاتبة وتركتها للمواطن لكي يحلّها رغم عدم امتلاكه حلّا، واكتفت بطرحها في قالب كوميدي ساخر.
الكاتب محمد نصار قال أن النص المسرحي سواءً مكتوبا كان أم مُمَسرَحًا فيجب أن يخضع لأسس تتعلق بالمكان وديكوره وسينوغرافيته ورسم الشخصيات والحوار الذي يُدار مونولوجيا، وأنه طالما سيُكتَب النصّ بشكل أدبي فيجب أن يُعاد النظر فيه من خلال هذه الأسس.
وفي ختام اللقاء قدم مركز غزة للثقافة والفنون ويوتوبيا درعاً تكريمياً للكاتبه الشابه ريما ابو القمصان تشجيعاً لها بمشاركة الروائي الكبير غريب عسقلاني و أكد سحويل أن مثل هذه اللقاءات ستتواصل بجهود مركز غزة ويوتوبيا حفاظا على مشهد أدبي قادر على النهوض والمواصلة.