رافقت زيارة وفد قيادات حركة "حماس"، إلى القاهرة في الأسبوع الماضي تصريحات عن فتح "صفحة جديدة" من العلاقات الثنائية بين الطرفين، عقب اتهامها مؤخرًا بالتورط في عملية اغتيال النائب العام السابق، المستشار هشام بركات.
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات، طلبت عدم نشر اسمها، إن الميناء العائم بين قطاع غزة وميناء لارناكا القبرصي الذي تحاول تركيا تضمينه الاتفاق مع إسرائيل لتطبيع العلاقات بينهما كان محور المحادثات التي أجراها وفد "حماس" مع المسئولين الأمنيين في مصر.
وتدرك القاهرة أن نجاح الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى انتزاع موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فى الموافقة على إنشاء هذا الميناء ستكون له تداعيات شديدة الخطورة على الوزن الاستراتيجى لمعبر رفح، وعلى مجمل الدور المصرى من القضية الفلسطينية؛ لذا سعت إلى تقديم تطمينات للحركة بعدم ممانعتها لفتح دائم ومستمر للمعبر بل وتشغيل الممر البحرى بين ميناء العريش وقطاع غزة.
وأفادت المصادر، أن وفد "حماس" أطلع القاهرة على جميع التطورات فيما يتعلق بالمفاوضات بين أنقرة وتل أبيب حول الميناء العائم، وعدم ممانعة إسرائيل في إنشائه، ومطالبتها فقط بضمانات أمنية لعدم استخدام الميناء للإضرار بأمنها.
وفي حين تتحفظ إسرائيل على تضمين الميناء في أي اتفاق مع أنقرة كى لا يأخذ صفة الإلزام لها، أثارت المعلومات التي قدمتها "حماس" حول الميناء العائم، ارتياحًا لدى المسئولين المصريين الذين كانوا يعانون شحًا في المعلومات حول الميناء.
وقال الدكتور طارق فهمى رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، إن القاهرة اشترطت خلال مفاوضاتها عودة 1000 فرد من الحرس الرئاسى الفلسطينى وإتمام المصالحة بين "حماس" و"فتح" وعودة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى القطاع، لضمان تشغيل دائم ومستمر لمعبر رفح، وعدم ممانعتها فى حالة الوصول لتوافق بين الحركتين الفلسطينيتين لتشغيل ممر بحرى بين العريش ورفح.
وأضاف: "القاهرة أبلغت حماس كذلك عدم اعتراضها على استمرار الجهود القطرية للوصول للمصالحة بين فتح وحماس، وأنها لا تضع أى فيتو لإفشالها، مادام الناتج النهائى لها سيصب فى صالح الشعب الفلسطيني، وينهى انقسامًا اقترب من عقد كامل كانت له تداعياته الكارثية على الشعب الفلسطينى وقضيته المركزية".
وأشار فهمى إلى أن "اللقاءات بين القاهرة وحماس أخذت طابعًا استكشافيًا فى المقام الأول، ولم تصل إلى نقاط توافق حول ملفات الخلاف بين القاهرة والحركة خصوصًا حول الصلات بين "حماس" والحركات المسلحة فى غزة، وعلى رأسها تنظيم بيت المقدس وغيرها، لاسيما أن الحركة نفت أى علاقات لها بهذه الحركة، بل وتعهدت بالتعاطى بإيجابية مع اتهامات تسوقها القاهرة فى هذا السياق فضلاً عن استمرار الخلافات حول قضايا أخرى".
كما تناولت المحادثات الأوضاع في سيناء، في الوقت الذي أكد فيه وفد "حماس" عدم تدخل الحركة فى الشأن المصرى أو تورطها فى أى عمل يضر بأمن مصر. ولم تقتصر المفاوضات عند هذا الحد، إذ كانت العلاقات بين "حماس" وإيران فضلاً عن "حزب الله"، الذي صنفته دول مجلس التعاون الخليجى "تنظيمًا إرهابيًا" في صلب المحادثات.
وطالبت القاهرة بالحد من هذه العلاقات وهو ما رفضته "حماس" بشكل واضح، مؤكدة انتفاء أى دعم عربى للحركة يعوضها عن الدعم الإيرانى، فضلاً عن أهمية استمرار صلاتها مع "حزب الله" فى ضوء استمرار المواجهة بين الطرفين وإسرائيل.
وقال السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن "الخلافات بين القاهرة وحركة حماس لازالت كبيرة والبون شاسع بين الطرفين، فرغبة القاهرة فى قطع الصلات بين حماس وجماعة الإخوان وكل من إيران وحزب الله لن تجد استجابة كبيرة لدى الحركة، فضلاً عن أن القاهرة ستجد صعوبات فى الوفاء بمطالب "حماس" فيما يتعلق بتشغيل دائم ومستمر لمعبر رفح فى ظل هيمنة الحركة على قطاع غزة وعدم تحقيق المصالحة مع حركة فتح".
واستبعد الأشعل تطبيعًا قريبًا للعلاقات بين الطرفين، قائلاً: "حماس مهتمة بضرورة كشف القاهرة عن مصير طلابها الأربعة الذين اختفوا فور دخولهم الأراضى المصرى، والقاهرة تريد ضمانات بعدم استخدام قطاع غزة كمحطة لمقاتلى ولاية سيناء والتوقف عن تقديم دعم لوجيستى للتنظيمات المسلحة، وهو أمر ترفضه "حماس"، فضلاً عن استمرار الخلافات حول عديد من المواقف الاستراتيجية للطرفين، بشكل يؤكد أن استعادة علاقات الطرفين لزخمها مازالت بحاجة لوقت طويل رغم التشديد على أهمية وجود قناة تواصل بينهما".
وتعتبر مصر الراعي الرئيس لمفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في السابع من يوليو 2014، كما أنها الراعي الرئيس لملف المصالحة الفلسطينية، واستضافت في أكتوبر الماضي مؤتمرًا لإعادة إعمار غزة.