حماس وفتح .. تراجع ملحوظ بشعبيتهما

الشعارات الرنانة.. أوصلت الهاتفين بها إلى الهاوية

12516468_10207322169265698_2021903011_n
حجم الخط

لا يوجد فلسطيني، من الشمال حتى الجنوب، لا يعرف اللونين الاصفر والأخضر، لما يرمزان ، فهي ليست سنوات بالقليلة من التفرقة والانشقاق السياسي والفكري، الذي شتت القضية الفلسطينية، ولا ينكر أحد أن التنظيمين الأكبرين هما السبب في تراجعها، كما لا تستثنى الفصائل الأخرى من بعض المسئولية .

مؤشر الشعبية في انخفاض

وحول تراجع شعبية حركة حماس في قطاع غزة، وحركة فتح في الضفة الغربية، قال الكاتب والمحلل السياسي د." عادل سمارة" أن تأكيد هذا الأمر يحتاج إلى مسح يقوم به أحد مراكز البحوث للمصداقية، ولكنه "اعتقد" أن الطرفين قد فقدا شعبيتهما في مناطق حكمهما.

وأضاف "سمارة" ، ليس شرطاً بأن يكون إن خسر شعبيته في منطقة أن يكسبها في المنطقة الأخرى، بمعنى ليس شرطاً أن تكون حماس قد فقدت شعبيتها في غزة وكسبتها في الضفة الغربية .

فيما أوضح الكاتب والمحلل السياسي هشام أبو هاشم، بأن كل حزب أو فصيل سياسي يكون على رأس الحكم، يكون هناك مطالب كثيرة للمواطنين ،وهذا ما حدث مع حركتي فتح وحماس.

وأضاف " أبو هاشم " : حركة حماس قبل دخولها المعترك السياسي، كان لها حضور ضخم أدى لفوزها، ولكن عندما جربها المواطنين ووجدوا أنها لا تعطي شيئاً، فخسرت من شعبيتها.

فيما يرى الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد عوض ، أن حركة فتح قد تضررت من جراء دعمها وتمسكها في السلطة، وهذه العلاقة المتداخلة قد أثرت عليها، وهي تضطر أن تدافع عنها.

وأشار " سمارة " يمكن بسهولة ملاحظة ذلك خلال المناسبات الاجتماعية كيف فقد المواطنين ثقتهما بالتنظيمين الأكبر، وتشعر كيف ملت من أحاديث المصالحة شاعرين بأنها جاءت للتسلية أو لإشعارهم بأنهم يريدون الاتفاق وهم ليسوا كذلك، لافتاً إلى أن الخطير بأن لا طرف ثالث قادر على جزم الأمر و الاستفادة أخذ الشعبية.

الخطاب الشعبوي وشعاراته الرنانة

وحول مسألة الخطاب الشعبوي القائم على الشعارات الكبيرة، فقد وصفه" عوض" بمرض أصاب الفصائل، مضيفاً أنه ما زالت الفصائل حتى الان تستخدمها وتحققها، مما أحبط الجمهور لأن الفصائل أثبتت أنها عاجزة على تحقيق هذه الشعارات مما أظهرها " بالكاذبة "، مضيفاً أن هذه الشعارات لم يتبق لها سوقاً وأصبحت إرثاً قديماً .

فيما يرى كثيرون أن فتح "فاشلة" في إدارة خطابها الشعبوي في حين تركز على توجيه الخطاب للعالم العربي، في هذا السياق، يعتقد "سمارة"،  إن الحوار الشعبي عادة مرتبط بالشخصية، وإن غياب الشخصية القيادية هي التي تُغيب الخطاب الشعبوي ، ضارباً المثل بأن الشهيد ياسر عرفات لم يقل يوماً على الهواء بأني لا أريد العودة إلى صفد في المقابل لم يجبر أحداً الرئيس محمود عباس إلى العودة ليقول بأنه لا يريد، هذه الخطابات تؤثر كثيراً على قناعة المواطنين.

وأشار " سمارة" عدم وجود مشروع وطني فلسطيني عليه اجماع، بالتالي فإن هذا يقود إلى صراع داخلي فلسطيني بقيادة فتح وحماس، ولكن هذا لا يعني بأن الفصائل الاخرى غير متورطة فيه.

أما بالنسبة لحركة فتح، فيرى" أبو هاشم "  أن الوضع الداخلي والاقليمي هو الذي خفف من شعبيتها ، موضحاً أنه  في قطاع غزة هي لازالت موجودة بشكل كامل، وبالضفة الغربية أيضاً ولكن تختلف من منطقة لأخرى حسب التوزيع الجغرافي.

ورأى "أبو هاشم"، بأن استقطاب الفصائل الاخرى للمواطنين ضئيل جداً، لأنهم يعانون من حالة فقدان الثقة بالفصائل، مستبعداً بأن يصل الحراك الفتحاوي الموجود على الأرض لحالة الصدام مع حركة حماس، لأن فتح من أهم بنودها الراسخة لديها هو المحافظة على الصف الوطني.

و أوضح " عوض" أن حماس ترفع شعارات كبيرة تفيد بأنها لا تحتاج اسرائيل والبندقية الدائمة والمقاومة، وفتح أيضاً ترفع الخطاب الشعبوي وأنها أول طلقة، عزى ذلك إلى أنها مشكلة في العقلية والارث، حيث اعتادت أن " تحتقر" الجمهور وتعتبره بأنه لا جاهل ولا يعرف شيئاً ، وهذا جزء من فشل الفصائل الآن.

وأوضح" عوض"  بأن هناك حزبية ضيقة وتدخلات عنيفة قوية تضغط باتجاه الافتراق مع بعضهم، وأن هناك أجندات وتحالفات مع الخارج، و هذه الشعارات تخدم الحزب اكثر من فلسطين، ولا يوجد أي فصيل حقق ما يريد على الأقل وهناك فصائل انتهت كلياً، وهناك فصائل غيرت من أهدافها وسكتت عن شعاراتها، وهناك فصائل تكيفت مع الواقع.

هل هناك انشقاقاً داخل حركة فتح؟

وحول الخلاف داخل حركة فتح، والذي عزا الكثير إليه سبب تراجع شعبيتها، قال " سمارة" بأن الخلاف هو ظاهري أكثر منه جوهري، لأن الخلاف لم يكن بين كوادر صغيرة داخل الحركة، إنما هو بين قيادات كبيرة تجمعها نفس المصالح ولن يفرطان بمصالحهما، وهذا الخلاف يؤثر على شعبية الحركة بين المواطنين ولكن تأثيره لن يكون على الحركة بقدر ما هوا على الشعبية.

وحول الخلاف الذي يجري داخل حركة فتح، يعتقد " أبو هاشم" أن ما يجري لن يصل إلى الانشقاق، معتبراً أن ما يحدث هو مجرد اجتهادات، موضحاً أن الانشقاق ينتهي بالإعلان ولكن حتى هذه اللحظة فإن التيار الإصلاحي والذي يمثله محمد دحلان، لم ينشق عن حركة فتح وهو مازال موجود ضمن الحركة ولكن له رؤيته وعناصره الخاصة.

وأشار " أبو هاشم "  إلى أن هناك هدف استراتيجي لجميع الفصائل والدولة الفلسطينية، وهذا واضح عند الحزب العقائدي -حماس والجهاد- واليساري – الجبهة الديمقراطية والشعبية وحزب الشعب ، والجماهيري- فتح-، لافتاً إلى أن هناك تكتيكات وسياسات يمارسها البعض، مثلا :" تنظيم حماس يرى أن الاسلام الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، فيما ترى فتح في الكفاح الشعبي والحل المرحلي هو الطريق.

وحول الانشقاقات الظاهرة في حركة فتح، فقد يرى " عوض" بأن هناك فرق في تنظيم حماس النابع عن الاخوان المسلمين، والذي له قيوده وطرقه في الانتخابات يغيم عليها الغموض، وحتى الخلافات الداخلية بين العسكري والسياسي، لا أحد يعرفها، ربما لأن مرجعيتهم التنظيمية أقوى، ولأنها تنظيم عسكري فإن أي انشقاق له ثمن على عكس فتح والتي تنظيمها شعبوي أكثر منه عسكري.

وأضاف " عوض": فتح تعتمد على التكتل الجهوي والعشائري وانتماءات الاشخاص، وهذه الانشقاقات تعني تدخلات واجندة وتمويل، أما حركة حماس، فإنها تحكم وتضرب على عكس فتح، فهي تستطيع التعايش مع الانقسامات وتعتبره نوع من الاجتهاد وتحاول عدم الحسم عن طريق الدم.

وأضاف "أبو هاشم" : حركة فتح حركة جماهيرية وتنظيم مفتوح للجميع بخلاف حماس فهي تنظيم مغلق لبعض الشخصيات، موضحاً أنه حتى عناصر الحركة  لا يعرفون ماذا يجري داخل الحركة.

لماذا تراجعت شعبية كل منهما؟

و حول المشاكل التي تعاني منها حركة فتح، رأى " عوض" أن هناك تكلس في عملية الانتخابات للقيادات الأولى، والثانية، والثالثة، فيما لم تعقد مؤتمراتها باهتمام، وفتح باستمرار تبرر أعمال السلطة، إضافة إلى أن هناك أجيال جديدة لا تعرف شيئاً عن تاريخ الحركة شيئاً، فيما ما قيل عن انجاز مشروع التحرر الوطني قد انتهى إلى أوسلو، موضحاً أن هذه العوامل كلها ادت إلى تراجع شعبيتها خاصة في الضفة الغربية.

وأضاف" سمارة" أن فشل السلطة، في المفاوضات ، وبعض قضايا الفساد، وعدم ضبط الأمن بصورة كبيرة، كلها عوامل تجعل فتح تفقد من شعبيتها الجماهيرية.

وأشار " سمارة" إلى أن بداية حركة فتح ، هي عُرفت بالثورة الفلسطينية و أول الطلقة والكفاح المسلح ، بالتالي فإن هذا جذبت الجمهور نحوها، ولكن عندما تغير هذا المبدأ وأصبح يتجه نحو السلام والإمساك في السلطة والسلطة تعني " المال" فهذا أدى إلى خلخلة في شعبيتها .

 وأضاف "سمارة" ، أما بالنسبة لحماس، فإن هناك اتفاق كبير بين القيادة العسكرية وقطر غير معلن ولكن هذا خطير، وأوضح أن سياسة حركة فتح مختلفة كلياً مع حماس التي تتميز بالأيدولوجية الدينية، وبالتي فإن على الرغم من اعتراض بعض كوادرها على سياسة قيادتها إلا أنها تبقى صامتة بسبب منطلقاتها الدينية التي ترتكز إليها.

ولفت "سمارة" إلى أن المصالح الايدلوجية والمادية تبعد بشكل تدريجي التكاثف التنظيمي عن الخطاب الوطني، ولو أن الخطاب الوطني جمع الفصائل لما كان الانقسام حاصل، مضيفاً أن أوسلو و وجود السلطة هو الذي قسّم الطرفين إضافة إلى اختلاف الاهداف السياسية واختلاف لغة كل فصيل، هي التي أدت إلى الانقسام.

أما عن حركة حماس ، فقد واجهت الكيان الإسرائيلي ثلاث مرات، ولديها ارث أخلاقي ونضالي جعلها تنافس حركة فتح في الشارع الفلسطيني، ولكن العائق لديها في غزة مشكلة الحصار والبطالة ولديها أيضاً سياسة قمع الحريات، والتشدد العقائدي، والسلوكي ، كما الخسارات التي لا تعوض والشعارات الضخمة التي ترفعها جعل الحركة تتراجع شعبيتها في غزة، مضيفاً :" الشعب لا يعيش على الايدلوجيا." على حسبما يعتقد " عوض".

وأضاف " عوض" :" كأن النخبة القيادية تعمل عكس ما يريده ويختاره الجمهور، فهي تمنع المصالحة والتسوية كما تحجب حرية التعبير، ويبدو لأنها فشلت في تحقيق ما أرادت ترغب في أن تقف أمام تحقيق الجمهور أهدافه.

وفي سياق المصالحة الفلسطينية، فقد يرى " عوض" بأن هذا الموضوع خرج من يد التنظيمين، وأصبحت القضية قرارات اقليمية، وهي لم تعد لها قدرة على تقرير المصالحة، وخاصة بأن شروط كل منهما مختلفين والتي وضعتها الدول الحلفاء وليست الفصائل، المختلفة أصلاً في الالتقاء.