تعتبر المساهمة في التفكير والخلوات للتفكير الإستراتيجية تمريناً مهماً يتكرر كل عام من قلب عديد المؤسسات الفلسطينية لرسم خطتها على مدار عام او ثلاثة أعوام وتجديد استراتيجيتها أو محاولة إجراء تغير استراتيجي في الفئات المستفيدة من خدماتها، وتعتمد أهميتها على مدى جدية المؤسسة نفسها على الاستفادة من هذا التمرين الذي ينطلق غالباً بقرار من الهيئات المسؤولة في ذات المؤسسة ويتاح المجال للشركاء لإبداء مداخلاتهم. وغالباً ما تكون فاتحة الكلام في هذا التمرين سياسية بامتياز فيفرط الجمع بالحديث السياسي ويكون نصيب الوضع الدولي دسماً وكبيراً للتدليل على مدى انعكاسه على الوضع الفلسطيني ومن ثم على موقع وبرامج وتوجهات المؤسسة المستهدفة بالتفكير الاستراتيجي، حتى انك تظن نفسك في ندوة سياسية متخصصة، فيخرج أستاذ الفلسفة بفكرة براقة، دعونا من الحديث عن الوضع الدولي والإفراط بالمبالغة، والأهم ان نعرف : هل نحن مبادرون فلسطينياً على الصعيد السياسي أم أن سلوكنا السياسي برمته عبارة عن ردة فعل. مجمل الفكرة أننا بتنا مفرطين بجلد الذات والنظر بتشكك في كل قرار أو توجه أو رؤية سياسية على اعتبار أننا نحن أدرى بشعاب الوطن والأقرب لنبضه وما تبقى لا علم له بذلك، ونعتمد التسريب المبرمج والممنهج أن هناك توجهاً قيل في أروقة القيادة، تخيلوا معي هذا النمط من التسريب الذي يقال بطريقة لا تلعثم فيها حتى تظهر انها موثقة ومؤكدة ومسنودة. وفي تمارين أخرى تكون اقرب إلى المزارعين والزراعة والتصنيع الزراعي، وحديث غني حول الأمن الغذائي وتفضيل مفهوم السيادة على الغذاء، وواقع مشاكل مربي الدواجن البياض، ومزارعي العنب اللابذري، ومشاكل السوق في توفير الفواكه من المزارع الفلسطيني وكيف نثق انه فلسطيني المصدر من خلال التغليف وبطاقة البيان العربية. وفي إطار التفكير الاستراتيجي في قطاع المياه الفلسطيني بات واضحاً أن هناك خطوات عملية تتجاوز الحديث المكرر عن مشاكل هذا القطاع واعتمادنا المفرط على مصادر المياه الإسرائيلية المنهوبة من مصادرنا أصلا، وبات الأهم اليوم تنفيذ قانون المياه الفلسطيني، ونهرب صوب عدادات المياه مسبقة الدفع ونسوقها عكس كونها منافية لحق الإنسان الأساسي في الوصول إلى مصادر المياه بحرية ويسر ودون تعقيدات، باتجاه انها المسعف لموضوع المياه غير المحاسب عليها والتي تضيع وتتجاوز المليار شيكل، وبدلا من تأسيس مرافق المياه يجري الإصرار على استمرار هيئات الحكم المحلي بتقديم خدمات المياه التي هي السبب الرئيسي في تفاقم نسبة المياه غير المحاسب عليها. بات ملحاً اليوم ان نضع محاور رئيسية يجب الاهتمام بها: - استمرار تدفق المعلومات للرأي العام الفلسطيني حتى نضع حداً للتسريبات والشائعات التي تضر ولا تنفع. - الدقة في التعاطي مع ملف المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية وعدم العودة للحوار السابق الذي بات وراء ظهورنا بخصوص التمويل وضخامته وقضايا الأجندة، وأعتقد ان هذا الملف حسم تاريخياً باعتماد معايير الشفافية وتقديم التقارير اللازمة لجهة الاختصاص، وباتت المنظومة القانونية حكماً فصلاً. - التدقيق في القرارات التي تتعلق بحقوق المستهلك وخصوصا القطاعات التي تلامس حياة الناس اليومية مثل تركيب عدادات المياه مسبقة الدفع، ورفع أسعار التأمين، وأسعار الإسمنت، وأسعار المواصلات والمحروقات. - اليوم بات مهماً عملياً وليس لفظياً استراتيجية واضحة لدعم وتشجيع المنتجات الفلسطينية ومنحها الأفضلية على قاعدة الجودة والسعر المنافس، ودعم المزارع الفلسطيني وزيادة عوامل صموده. - بات ملحاً وضع خارطة تكاملية للشراكة والإسناد في القطاع الصحي ما بين الحكومي والخاص والأهلي، ويمتد الأمر صوب القطاع الزراعي، وقطاع المياه والصرف الصحي. - لم يعد مجدياً التعاطي مع مقاومة الاستيطان والجدار ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية كهبات او ردات فعل دون رؤية متكاملة وإسناد.
انطلاق المؤتمر الدولي للتحالف الأوروبي المُناصر لأسرى فلسطين
30 سبتمبر 2023