بدخول الحرب المستعرة في بلادهم عامها السادس، تمكن أهالي "درعا" السورية من التأقلم مع الظروف الجديدة، حيث إنقطاع التيار الكهربائي والحصار المفروض عليهم.
الكثير من أهالي محافظة درعا، جنوب سوريا، استغنوا عن استخدام الأدوات الكهربائية المعروفة، كالتلفاز والغسالة والبراد والمكواة، وعادوا إلى استخدام أدوات بدائية تستطيع أن تحل محلها؛ بسبب تواصل انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، التي أصبحت أكبر من إمكانياتهم المادية، في ظل توقف دورة الحياة الطبيعية، ما فرض عليهم إعادة النظر في سلم أولويات المعيشية.
يقول أحمد، وهو مهندس كهرباء لـ"الخليج أونلاين": "الإنسان يستطيع أن يتلائم مع الظروف، ويخضعها لاحتياجاته، إن صمم هو فعلاً على ذلك".
وأوضح أن "شرب الماء البارد وحفظ المواد الغذائية من الفساد، وارتداء الألبسة المكوية جيداً واستخدام الغسالات، على الرغم من أهميتها، لم تعد في سلم الأولويات بالنسبة لعامة المواطنين؛ لأن رغيف الخبز وتأمين الحليب والطعام للأطفال أكثر الأمور إلحاحاً في هذه الفترة العصيبة".
وأضاف: "المواطن وبسبب قلة الإمكانيات المادية أصبح يقنن مشترياته جيداً، فلم يعد يشتري كميات كبيرة من الطعام لأنه لم يعد هناك وسائل تبريد لحفظها، كما أنه لنفس السبب لم يعد يطبخ أكثر من احتياجاته الفعلية".
وأشار إلى أنه للحصول على المياه الباردة، عاد إلى "استخدام الخابية والجرة الفخارية وبدل أن يكوي البنطال أو القميص عاد إلى وضعه تحت فرشة نومه، وأصبح يستخدم ملابس لا تحتاج إلى الكي، كما عادت النساء إلى الوسائل القديمة في غسل الملابس باستخدام الأيدي".
ويقول أنور وهو محام: "المواطن السوري بشكل عام، وابن درعا المحررة بشكل خاص، بغض النظر عن إمكانياته المادية، أصبح مجبراً على استخدام الحد الأدني من الطاقة الكهربائية المتوفرة، ويقبل بقليلها؛ لأنه لا خيار أمامه".
وأردف قائلاً: "حتى أن وجد شريكاً يساعده في شراء مولدة، فان استخدامها بشكل يومي يحتاج إلى إنفاق أموال تفوق مقدرته شهرياً".
مهندس إلكترون يدعى رياض، أشار إلى أن: "المواطن في درعا استعاض عن اللمبات والمصابيح الكهربائية الخاصة بالإنارة، بمساطر تحمل حبيبات ضوئية، يتم تشغيلها بواسطة مدخرات كهربائية بطاريات صغيرة، حيث تشغل بطارية صغيرة الحجم "8 أمبير" إنارة منزل من الليزيريات لمدة 12 ساعة على الأقل".
وأضاف: "أما بالنسبة لتشغيل شفاطات المياه وهي من الضروريات في ظل شح المياه يتم من خلال رافع جهد وبطارية كبيرة، بقدرة 100 أمبير، يتم شحنها إما في أماكن خاصة، تقدم هذه الخدمة بمقابل مادي، أو يتم شحنها عن طريق اللوحات الشمسية".
ولفت إلى أن "البرادات توقفت بشكل كامل عن الاستخدام، وتحولت إلى خزانات مفتوحة للاستخدامات الأخرى، وتم الاستغناء عن الغسالات الذكية الاتوماتيكية، التي تحتاج إلى طاقة كهربائية منتظمة، بغسالات عادية تعمل على البطارية ورافع الجهد".
وبين رياض أنه "تم الاستغناء أيضاً عن التلفاز وملحقاته بشاشات عرض تلفزيونية مضغوطة، تعمل بطاقة كهربائية منخفضة بقوة 12 فولت، يمكن الحصول عليها من مدخرة بطارية صغيرة بقدرة 8 أمبير، حيث تؤمن تشغيل شاشة العرض التلفزيونية لمدة ساعتين، وتعمل لساعات أطول مع ارتفاع حجم البطارية".
وأشار إلى أن "شاشات العرض متوفرة بأحجام مختلفة، لكن أسعارها مرتفعة يتجاوز سعر الواحدة منها مابين 150 و 250 دولار أمريكي، وهو مبلغ كبير يفوق إمكانيات أي مواطن" لافتاً إلى أن "المواطنين بدأوا بتحويل شاشات الحاسوب المضغوطة المتوفرة لديهم إلى شاشات عرض تلفزيونية، من خلال إجراء بعض التعديلات عليها، من قبل ورشات إصلاح الأدوات الكهربائية، التي وجد أصحابها فرص عمل جديدة، بعد أن توقفت أعمالهم نتيجة توقف استخدام الأدوات الكهربائية".
من جهته أكد أحمد وهو صاحب ورشة تصليح أدوات كهربائية أن "تحويل شاشة الحاسوب إلى شاشة عرض تلفزيونية لا يحتاج سوى إلى تغيير دائرة كهربائية خاصة، وبعض العمل البسيط، لكنه يكلف حوالي 50 دولاراً".
وأشار إلى "وجود اقبال كبير من قبل المواطنين على تحويل شاشات الحواسيب إلى شاشات عرض تلفزيونية؛ لأن الحواسيب لم تعد مستخدمة؛ كونها تحتاج إلى طاقة نظامية لتشغيلها".
من جهته يقول عمر، وهو صاحب ورشة تصليح أدوات كهربائيةإن "عملهم بسبب عدم استخدام الأدوات الكهربائية توقف تماماً، لكنه نشط مؤخراً مع عمليات تحويل شاشات الحواسيب إلى شاشات عرض تلفزيونية، كما نشطت أيضاً أسواق بيع اللوحات الشمسية واكسسوراتها، كبدائل طاقة رغم ارتفاع أسعارها، ما أمن فرص عمل ومداخيل اقتصادية للعاملين في هذه الأسواق، وحسن من وضعهم المعيشي".