يُكمل اليوم الرئيس محمود عباس عامه الـ 82، وهو الرئيس الثالث للسلطة الوطنية الفلسطينية منذ 15 يناير 2005 ولا يزال في المنصب على الرغم من انتهاء ولايته دستورياً في 9 يناير2009، ويشغل منصب رئيس اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية منذ 11 نوفمبر 2004 بعد وفاة زعيمها الشهيد ياسر عرفات.
وقد كان أول رئيس وزراء في السلطة الوطنية الفلسطينية حيث تولى رئاسة الوزراء جامعاً معها وزارة الداخلية في الفترة ما بين مارس إلى أكتوبر 2003، حيث استقال بسبب خلافات بينه وبين رئيس السلطة ياسر عرفات حول الصلاحيات، وقد قاد قبل ذلك المفاوضات التي أبرمها الفلسطينيون مع نظرائهم الإسرائيليين.
قاد المفاوضات مع الجنرال "ماتيتياهو بيليد" والتي أدت إلى إعلان مبادئ السلام على أساس الحل بإقامة دولتين والمعلنة في 1 يناير 1977.
كما إنه عضو في اللجنة الاقتصادية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ أبريل 1981، وتولى حقيبة الأراضي المحتلة بعد اغتيال خليل الوزير (أبو جهاد).
وفي عام 1996 أُختير أميناً لسر الجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك جعله الرجل الثاني عمليا في ترتيبه القيادة الفلسطينية، وكان قد عاد إلى فلسطين في يوليو/ تموز من عام 1995.
في انتخابات الرئاسة الفلسطينية 2005 ، رُشح محمود عباس كمرشح رئاسي للسلطة الفلسطينية من قبل حركة فتح، وقد جرت الانتخابات في 9 يناير 2005، وكانت النتيجة نجاحه وحصوله على ما نسبته 62.52%من الأصوات.
ماذا أنجز الرئيس
وبعد إحدى عشر عاماً من تولي الرئيس عباس رئاسة السلطة الفلسطينية، يجدر النظر إلى ما أنجزه الرئيس خلال هذه الفترة، في هذا الإطار يقول " الخبير في الشؤون الإسرائيلية د. فريد قديح." أن الرئيس عباس تولى رئاسة السلطة في فترة انحسار النخب السياسية الإسرائيلية، حيث وصل سلم القيادة الفلسطينية في فترة صعود اليمين المتطرف وانحسار النخب البراغماتية والليبرالية التي كان من الممكن أن تكون شريكة للرئيس في انجاز تسوية سياسية بين الطرفين.
فيما يرى الكاتب والمحلل السياسي "حسام الدجني " أنه يحسب للرئيس محمود عباس أنه افنى عمره في صالح القضية الفلسطينية العادلة فاجتهد وأصاب وأخطأ، مضيفاً أنه في الجانب الذي اصاب به ويراه البعض خطأً، أنه اعتقد أنه سيحقق في المفاوضات الحقوق، وضمان رفاهية الشعب، ولكنه اصطدم بالوجه القبيح للاحتلال فكان هذا المسار خاطئاً من وجهة نظر الشعب، وتحمل الرئيس عباس هذا التوجه إلا أن الاحتلال لم يمنحه شيء.
ولفت " قديح " إلى أن الرئيس حاول بمساعدة الإدارة الأمريكية انجاز بعض الحلول السياسية آخرها المفاوضات التي كان يراعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ولكن لم يكن العيب في شخص الرئيس، مشيراً إلى أن الخلل هو في النخبة السياسية الإسرائيلية، موضحاً أنه منذ منتصف عقبة التسعينات بدأت النخب السياسية الإسرائيلية تتجه نحو التطرف وبدأ يسيطر اليمين المتشدد حتى أصبح اليوم اليمين الاستيطاني الإقصائي، مستذكراً أنه في حقبة الرئيس ياسر عرفات كان هناك ليبراليين في السياسية الاسرائيلية، فكان هناك انجازات سياسية وكان الرئيس عباس شريكاً حينها، وهو أول من تولى ادارة المفاوضات السرية وكان له الدور الرئيسي في صياغة السياسة الفلسطينية.
وأضاف " الدجني " أنه لا ينسى للرئيس عباس بأن خلال فترة حكمه شهدت الاراضي الفلسطينية أنزه انتخابات في المنطقة ككل عام 2006م.
ويرى أيضاً أنه يسجل للرئيس عباس بانه أحسن توظيف الدبلوماسية الفلسطينية لخدمة القضية الفلسطينية رغم انه من الممكن تحقيق الافضل إلا أن ذلك يحسب له من خلال وضع فلسطين على الاجندة الدولية والأممية.
وأضاف قديح : حاول تطوير الإرث بعد استشهاد الرئيس عرفات ، ولكن الظروف الوطنية والاقليمية لم تساعده، حيث توالت أحداث سلبية منذ توليه على المنطقة، بدءً من أخطر الملفات التي تواجهه ولم ينجزها حتى الان وهو الانقسام لافتاً إلى أن الانقسام كان في بداياته إرادة دولية واليوم أصبح الفلسطينيون غير قادرون على انجاز هذا الملف لكثرة تدخلات الدول الاقليمية في هذا الملف.
ويرى " الدجني " أنه يؤخذ على الرئيس عباس ان بعهده حدث الانقسام ولم يتعاطى معه بنظرة الأب وعقل السياسي، وبذلك تأثرت القضية وضعفت مكانتها أمام أحرار العالم، ومما أُخذ عليه أيضاً رفع شعار لا لعسكرة الانتفاضة ورسّخ لمفاهيم التنسيق الامني فاستغلت اسرائيل ذلك ونظرت اليه نظرة ضعف فزادت من وتيرة الاستيطان والتهويد.
ولفت قديح إلى أن مسألة المفاوضات واجهت الرئيس عباس، موضحاً أن رئيس الوزرء الإسرائيلي بينامين نتنياهو يقود الحكومة الاسرائيلية من 2009 حتى اليوم، وإن كل فترة انتخابية تمر في اسرائيل تزداد تطرفاً، ونتنياهو اليوم يخضع للمستوطنين ولزعيم حزب البيت اليهودي " نفتلي بينت "وهو الركيزة الاساسية لحكومة نتنياهو الذي أصبح وجوده مرهون بإرضاء الأحزاب اليمنية المتطرفة الاقصائية، مضيفاً :" أصبح من الصعب على أبو مازن أن يحقق إنجازاً في ظل هذه العقلية المتطرفة."، وتنبأ قديح أنه في الأفق القريب لن يكون للرئيس عباس أي شريكاً إسرائيلياً يحقق معه أي تسوية سياسية في ظل تصاعد التطرف الصهيوني .
يشار إلى أن " المصدر" الإسرائيلي ذكر أن اليمين الإسرائيلي يعتبر الرئيس عباس إرهابيًا وناكرًا لهولوكوست الشعب اليهودي، ولكن أثبت أبو مازن، من خلال أفعاله، بأنه القائد العربي الأكثر اعتدالاً الذي أفرزته الحركة الوطنية الفلسطينية، ونجح، خلال سنوات قليلة، بإحداث استقرار داخل السلطة الفلسطينية، إعادة تطوير مدن الضفة الغربية واقتصادها، وأن يضع أمام إسرائيل تحديًا لم تعرفه من قبل و هو مواجهة الطموحات القومية الفلسطينية ليس من خلال فوهات البنادق. لا تزال أمام الرجل العديد من التحديات وعلى رأسها المصالحة بين فتح وحماس وانعاش الاقتصاد الفلسطيني.