شهدت المنطقة العربية أزمات متعددة، أسهمت في تغيير موازين القوى في المنطقة، وبعض سياسات الدول العربية الخارجية مع العديد من الدول العظمى، كما تدل كافة المؤشرات على أن روسيا عادت إلى الساحة الدولية بقوة، من خلال إقدامها على دعم بعض الدول العربية عسكرياً، هذا ما أدى إلى خلق نوع من التوازن في المنطقة العربية والعالمية.
قال المحلل السياسي الدكتور أسعد أبو شرخ لـ "وكالة خبر"، إن السياسة الروسية واضحة تجاه العرب، حيث أن بوتين طلب من الدول العربية اتخاذ موقف واضح من كافة القضايا التي يمر بها الشرق الأوسط، بما فيها تحديد الموقف تجاه إسرائيل، حتى تقوم روسيا بتقديم الدعم لتلك الدول التي تحدد موقفها.
وأضاف أبو شرخ، أن روسيا لا تقدم المساعدة إلى أي دولة دون مقابل، موضحاً بأن العلاقة بين روسيا و سوريا مختلفة، نظراً لأن سوريا الدولة الوحيدة التي يتواجد بها النفوذ الروسي بكافة أشكاله، وأن سقوط النظام السوري يعتبر ضربة للقاعدة الروسية.
و أشار إلى أن تحسناً طرأ على العلاقات بين روسيا ومصر من جهة والجزائر من جهة أخرى، مضيفاً بأن الدول العربية تريد أن تحسن علاقتها مع روسيا، لذلك عزفت إلى تحديد علاقاتها وفقاً للسياسة الروسية، كما نراه اليوم بتغير الموقف المصري تجاه سوريا.
وتابع أبو شرخ، أن بعض الشخصيات المصرية وعلى رأسهم الكاتب محمد حسنيين هيكل، وضعوا السلطات المصرية الحاكمة في محط الأنظار والتساؤلات أبرزها: لماذا يبقى النظام تابعاً؟، و من يقود الشرق الأوسط؟، ومن يمثل العرب؟، ما دفع القيادة المصرية إلى التوجه نحو قيادة المنطقة، وكسر قيود التبعية، لذلك عادت مصر إلى حليفها القديم روسيا.
و لفت أبو شرخ، إلى أن العلاقة الروسية الجزائرية تاريخية، وذلك لأن الجزائر تريد أن تلعب دوراً خارجياً، وتنهض من أجل الدفاع عن الكينونة العربية، موضحاً بأن هذه الأمور تنعكس بالسلب على دولة الاحتلال، نظراً لأن مصر والجزائر الدولتين الأكثر ثقلاً في المنطقة.
و من جهته قال المحلل السياسي الدكتور أحمد عوض لـ "وكالة خبر"، إن التدخل الروسي في المنطقة خياراً استراتيجياً لدى القيادة الروسية، بمعني أن روسيا قادرة على التنافس الدولي، وتريد أن تستغل هذه الظروف لفرض قوتها على الغرب، لكي تتحكم بالعديد من مصادر الطاقة في المنطقة، و تحافظ على حلفائها إلى حد كبير.
و أضاف، أن روسيا تعمل على وضع قدم لها في الشرق الأوسط من خلال بعض دول محيط البحر المتوسط، و تعيد العالم إلى قرن العشرين في بروزها كقوة منافسة وشرسة في الساحة الدولية، وعدم مقدرة الولايات المتحدة الأمريكية على مواجهة المخططات الروسية في المنطقة العربية.
ونوه عوض، إلى أن التحالف المصري الأمريكي عميق ولم يتغير، وذلك لأن علاقتها مع روسيا ليست استراتيجية، مضيفاً بأن السيسي يريد تقوية العلاقة مع روسيا، لكنها لن تصل إلى درجة علاقاتها مع أمريكا، و أن مصر تدرك ما تفعله و نظام السيسي لم يغير النمط القائم منذ عهد مبارك و السادات.
و تابع، أن النظام المصري يدرك أهمية تعزيز الموقف الداخلي، ولا يريد أن يتحمل نتائج الأزمات العربية كما فعل جمال عبد الناصر في بداية حكمه، مضيفاً بأن السياسة الحالية تتجه نحو تطبيق نظرية السادات و مبارك في الحكم، من خلال رفع المستوى المعيشي و تقليص نسبة الفقر والبطالة، و تعزيز الجبهة الداخلية.
و شدد على أن مصر غادرت الساحة الدولية بشكل ملحوظ، بعد انتهاء حكم السادات و لم تتدخل في الشؤون الدولية و العربية بشكل مباشر، موضحاً بأن النظام المصري يريد ضبط أمنه الداخلي فقط.