فتحت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ملف تنظيم الدولة في أوروبا من خلال تحقيق موسع تساءلت فيه عن الكيفية التي بنى من خلالها التنظيم آلة الرعب هناك رغم كل الإجراءات الأمنية المشددة.
ووفقا لمصادر ووثائق اطلعت عليها الصحيفة الأمريكية فإنه لا يمكن القول بأن الهجمات التي وقعت في باريس وبروكسل كانت بمعزل عن التنظيم الأم في سوريا والعراق، مشيرة إلى أن تتبع تلك الوثائق يشير إلى رغبة التنظيم حتى قبل توسعه في سوريا، لشن هجمات في أوروبا.
ويوضح التقرير أن تنظيم الدولة وبعد إعلانه الرسمي في عام 2014 نجح في استقطاب العشرات من المقاتلين وبينهم أوروبيين، وهو ما سهل له عملية زرع عناصره داخل أوروبا.
وبين أن رضا حامي، فني الكمبيوتر الذي اتضح فيما بعد أنه عبد الحميد أبا عوض المسؤول عن شن هجمات باريس وبروكسل، كان قد التحق بالتنظيم ولم يبق في سوريا سوى أسبوع واحد، حيث تلقى هناك تدريبات على كيفية إطلاق النار ببندقية وأيضا تدريبات أخرى على إلقاء قنابل يدوية.
أبا عوض الذي كان يحمل الجواز الفرنسي سرعان ما عاد إلى فرنسا بعد أسبوع واحد فقط قضاه في سوريا، وكونه معالج كمبيوتر فانه تمكن من الافلات من المتابعة على الاتصالات التي تقوم بها اجهزة الامن وخاصة اتصالاته مع عنصر من التنظيم داخل سوريا.
المهمة التي كلف بها كانت عملية احتجاز رهائن واختيار هدف سهل، بالإضافة إلى تجنيد عناصر من داخل أوروبا لتنفيذ هجمات على أهداف سهلة.
وبحسب مسؤولين فإن بوادر سعي التنظيم لشن هجمات داخل أوروبا تعود إلى وقت مبكر من العام 2014، إلا أن أجهزة الأمن كانت ترى فيها محاولات فردية لا علاقة لها بالتنظيم الأم، الأمر الذي دفع بتلك الأجهزة إلى التقليل من خطورتها.
يقول مايكل تي فلين الجنرال المتقاعد الذي كان يدير وكالة استخبارات الدفاع إن "التفكير بشن هجمات في أوروبا كان واضحا منذ العام 2012 وتحديدا عندما نقل التنظيم وجوده إلى سوريا".
في العام 2014 تم اعتقال مجموعة من عناصر تابعة للتنظيم من قبل الشرطة اليونانية وكانت هذه المجموعة قادمة من سوريا، حيث عثر بحوزتها على كتاب يشرح آلية إعداد قنبلة يدوية وكانت مكتوبة باللغة الفرنسية، بالإضافة إلى نحو 1500 يورور، مما يشير إلى أن التنظيم سعى مبكرا لاستهداف أوروبا، إلا أن الشرطة اليونانية سرعان ما أفرجت عن المجموعة بعد تحقيق روتيني.
وفيما بعد تبين أن المجموعة كانت على علاقة مع المجموعة التي نفذت تفجيرات باريس وبروكسل، حيث تظهر الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة أن هذه المجموعة كانت على اتصال مع عناصر في التنظيم داخل سوريا.
وتؤكد الصحيفة الأمريكية أن التنظيم أرسل على الأقل 21 مقاتلا إلى أوروبا بقصد القيام بتفجيرات وأعمال إرهابية داخل أوروبا، بحسب سجلات التحقيق الفرنسية.
جميع المقاتلين الذين أرسلهم التنظيم إلى أوروبا هم من حملة الجنسيات الفرنسية والبلجيكية، بالإضافة إلى مقاتلين آخرين أرسلهم التنظيم إلى تركيا لغرض استهداف اليهود هناك، إلا أن العديد من الهجمات تم إحباطها قبل وقوعها.
في مايو 2014 تعرض معبد يهودي في بلجيكا إلى هجوم أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، وكان المنفذ هو مهدي ينيموشي، وقالت السلطات البلجيكية إن الهجوم تصرف فردي ولا علاقة له بتنظيم الدولة، رغم أن نيموشي كان عائدا من سوريا.
التحقيقات كشفت أن نيموشي كان قد أجرى اتصالا لمدة 24 دقيقة مع أبا عوض الذي يبدو أنه كان المخطط الرئيس للهجمات التي وقعت في باريس وبروكسل وهو المسؤول حتى عن تجنيد المقاتلين في أوروبا لشن عمليات داخلها.