سيوزع رئيس الاركان، غادي آيزنكوت، في الايام القريبة، رسالة خاصة لجنود الجيش الاسرائيلي وقادته في اعقاب قضية قتل «المخرب» المصاب في الخليل. في الجيش قلقون من تأثير القضية في الوحدات القتالية ومن وصول الخلاف السياسي الى داخل صفوف الجيش وتأثير الحوار الفظ والعنيف في الشبكات الاجتماعية على قيمه القتالية. صيغة الرسالة يتم وضعها في هذه الاثناء. ينوي آيزنكوت العودة من خلالها لتوضيح ضرورة الحفاظ على الجيش الاسرائيلي كجيش للشعب في دولة يهودية وديمقراطية. وسيفصل فيها أوامر اطلاق النار الملزمة وقيم الجيش الاسرائيلي وأهمية الحفاظ عليها، والحاجة الى منع الخلافات على خلفية سياسية داخل الجيش والدروس التنفيذية التي يمكن استخلاصها من الحادثة. وزير الدفاع، موشيه يعلون، آيزنكوت، وقائد المنطقة الوسطى ،روني نوما، بقي موقفهم على حاله لأن القضية تم علاجها بالشكل المطلوب. وبعد اجراء التحقيق الأولي في اعقاب الحادثة تم التوضيح بأن الجيش يرفض بشدة هذا سلوك الجندي، وأنه يجب التصرف فورا لعلاج هذا التجاوز الخطير للأوامر. اضافة الى رسالة رئيس الاركان، سيقوم الجندي التربوي بصياغة عناوين لدرس تفصيلي في اعقاب القضية. رغم أن الجيش واجه في السابق خلافات متقدة حول أوامر فتح النار والغطاء للجنود، خصوصا فيما يتعلق بأحداث مع الفلسطينيين في «المناطق»، فان هيئة الاركان تجد صعوبة أكثر الآن في الفصل بين العلاج العسكري وبين ما يحدث في المجتمع المدني. في الانتفاضة الاولى والانتفاضة الثانية كانت تأثيرات الأمر واضحة خصوصا في وحدات الاحتياط. كانت الوحدات النظامية منفصلة نسبيا عما يحدث في الخارج. وفقط عندما خرج الجنود في اجازة تحدد الجدال السياسي أكثر في بيوتهم. الآن، ولأن كل جندي يحمل الهاتف الذكي ويستطيع متابعة الاخبار والنقاشات في الشبكات الاجتماعية وهو يوجد في «المناطق»، فان هذا الفصل لم يعد ممكنا. نظرا لأن السياسيين يتحدثون في القضية بشكل فظ ويتهجم بعضهم مباشرة على رئيس الاركان والنيابة العسكرية، فان هذا يؤثر ايضا في النقاش داخل الجيش. يعتقدون في هيئة الاركان أن هناك حاجة فورية الى تحديد سياسة استخدام القوة واطلاق النار للقادة والجنود من اجل منع تأثير العاصفة في الفيس بوك على المقاتلين بشكل قد يتحول الى احتجاج داخل الوحدات في الظروف المتطرفة. أو رفض تنفيذ الاوامر أو اخلالات اخرى لأوامر مواجهة «المخربين». ليست هذه هي المرة الاولى التي يواجه فيها الجيش الظاهرة. قبل سنتين وعلى خلفية علاج انضباطي للجندي الذي تم تصويره وهو يهدد الفلسطينيين في الخليل بسلاحه، انتشرت في الانترنت احتجاجات الجنود المؤيدين لـ «دافيد النحلاوي». الامر الذي وصف هنا بأنه التمرد الرقمي الاول. في بداية المواجهة الحالية أعرب اشخاص رفيعو المستوى في الجيش الاسرائيلي عن قلقهم من تأثير الشبكات الاجتماعية التابعة لليمين على سلوك الجنود عند احباط العمليات. وكان الخوف أنه اضافة الى دعوات الوزراء واعضاء الكنيست وحاخامات الى قتل كل «مخرب» يحاول مهاجمة الاسرائيليين، فان اخلاق الحرب البديلة ستتغلغل من خلال هذه المواقع التي تؤيد استخدام القوة بدون قيود اثناء سلوك الجيش اليومي وايضا خلافا للاوامر. لقد اعترف الضباط أنهم يجدون صعوبة في مواجهة الظاهرة وأنهم لا ينوون ولا يستطيعون التدخل في طريقة وصول الجنود الى الاخبار. في الوقت الحالي، من أطلق المارد من القمقم، والاحتجاج ضد الجيش الاسرائيلي بسبب اعتقال الجندي، فقد فعل الامر بالشكل المتطرف والقبيح على ابواب المحكمة العسكرية في كستينا. من المشكوك فيه أن نرى في تاريخ الجيش مشهدا كهذا: مظاهرة مجموعة عنيفة وعنصرية خارج البوابة في الوقت الذي كان يتنافس فيه اعضاء الكنيست، سابقا وحاليا، في التهجم على رئيس الاركان ووزير الدفاع داخل المحكمة. من بين مئات المتظاهرين برز نشطاء اليمين المتطرف وزعران «لاهفاه» ومشجعي بيتار القدس. إن تأييد الجندي مطلق النار والتهديد بعدم القيام بخدمة الاحتياط، تداخلت مع عادات اخرى جاءت مباشرة من ستاد تيدي: نداءات كهانا حي، تدافع والصراخ على مراسل القناة 2 إبن الطائفة الاثيوبية والشتائم الفظة بحق مراسل القناة 10 التي يشتبه فيها بأنها معقل اليساريين. إن مظاهر الاحتجاج والتضامن مع الجندي في الانترنت لها اعتبارات كثيرة. لقد وصلت الى الكستينا النواة الصلبة وهي تحمل على أكتافها السياسيين محبي الاستفزاز. الوزير نفتالي بينيت الذي هاجم يعلون، واختار الجيش الاسرائيلي عدم الحضور. عضو الكنيست افيغدور ليبرمان وصل من اجل استعراض القوة ومعه المنتخب الأول لليمين المتطرف، عضو الكنيست اورن حزان، اعضاء الكنيست السابقون شارون غال وميخال بن آري ومعهم باروخ مرزيل، الذي قد يصبح عضو كنيست. في الوقت الحالي تستمر العاصفة في الفيس بوك بدون هدوء، حيث إن ضباطا رفيعي المستوى متقاعدين يمارسون دورهم وبشكل فظ. الجنرال داني بيتون، الذي كان عضو هيئة اركان الى ما قبل عامين، قال إن هذا «تحقيق هواة يسعى للدفاع عن القادة والقاء اللوم على الجندي». العقيد شموئيل زكاي، قائد كتيبة غزة سابقا وغولاني في الانتفاضة الثانية، أضاف أن «التعامل مع الجندي سيئ ومتلون وغير مهني». العقيد يوفال بزاك، نائب زكاي في غولاني وبعد ذلك قائد كتيبة «السامرة» كتب في المقابل: «لقد تجاوز الجندي المعايير. القول الواضح والقاطع لقادته لا يعني التنصل أو الهروب من المسؤولية، بل العكس. إنه يعكس واجبهم المهني والاخلاقي تجاه جنود الجيش الاسرائيلي والمجتمع الاسرائيلي».
عن «هآرتس»