لا تزال المنطقة الإقليمية تشهد العديد من التجاذبات في السياسات القائمة، مما فتح مجالاً واسعاً أمام الحكومة الإسرائيلية، المتمثلة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لتوطيد العلاقات مع العديد من الدول وإبرام اتفاقات جديدة معها وهذا يأتي بالتزامن مع الأزمة السياسية الفلسطينية و الأزمة السورية.

و في ظل هذه الأزمات و تأرجح العلاقات الروسية الإسرائيلية، حاول نتنياهو توطيد العلاقات مع  روسيا، مما جعله يتلقى الصفعة الأقوى منذ توليه الحكم، تمثلت في رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فكرة بناء أي علاقة مع الجانب الإسرائيلي.

هذا الرفض أسهم في خلق حالة من النقاش داخل دولة الاحتلال وفي وسط السياسيين الدوليين، مراسل "وكالة خبر" تمكن من التواصل مع المحلل السياسي و ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي السوري في فرنسا الدكتور خالد عيسى، لإجراء حوار معه حول هذا الأمر.

 قال د. خالد عيسى لـ "وكالة خبر"، أن الإعلام العبريّ بدأ في محاولة التعرف على طبيعة الصفعة التي تلقها نتنياهو، للحصول على إجابات فيما إذا كانت هذه العلاقة تعود بالفائدة على تل أبيب، أمْ أنّ نتائجها سلبية، في ظلّ التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المُتحدّة الأمريكية.

وأضاف عيسى، بأن صحيفة (معاريف) الإسرائيلية رأت أنّ سياسة إسرائيل الاسترضائية، أي سياسة الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، تجاه روسيا تلقت صفعة مدوية أخرى، فالرئيس فلاديمير بوتين حذّر إسرائيل من بيع أدوات قتالية فتاكة لأوكرانيا، وقال بوتين إن بيع عتاد إسرائيلي لأوكرانيا لن يحقق هدفه، وأنه سيؤدي إلى وقوع ضحايا أبرياء آخرين ولن يغير الواقع في الميدان.

و أوضح بأن بوتين واضحاً في تصريحاته تجاه الحكومة الإسرائيلية، حيث أن بوتين تطرق خلال تصريح له بالقول " إن التقارير الإسرائيلية الصادرة من حكومتها، هي قرارات تعمل على الانتقام من القرار الروسي الهادف إلى حفظ أمن المنطقة وعدم هدر دماء المواطنين في أي دولة كانت"، مضيفاً بأن هذه التصريحات جاءت نتيجة لبيع إسرائيل منظومة أسلحة لأوكرانيا.

واعتبر عيسى، بأن إسرائيل من خلال بيع العتاد العسكري لأوكرانيا، أرادت الانتقام  من القرار الروسي، وذلك لصنع خلل في مصداقية روسيا التي تؤكد على الدوام بأنها تعمل على حفظ الأمن في المنطقة.

ولفت إلى أن الجانب الإسرائيلي، انزعج من القرار الروسي مما دفعه لعدم التصريح علنياً، و اقتصر الأمر على اتصال هاتفي أجراه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالرئيس بوتين، لإبداء احتجاجه على هذا القرار.

و قال عيسى، إن روسيا تدرك جيداً أن ما يخطط له نتنياهو من خلال بيعه بطاريات S-300 لأوكرانيا، هو تأمين المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة، وذلك لسهولة تحرك سلاح الجو الإسرائيلي ضد المواقع النووية الإيرانية، مضيفاً بأنه في هذه الحالة تحاول إسرائيل تحقيق حلمها بالتحكم في المنطقة، و لكن روسيا صفعتها صفعة مدوية و حطمت الحلم الذي يسعى إليه نتنياهو.

وبالعودة إلى صحيفة معاريف العبرية قالت الصحيفة، إن من فاجأنا في رده على القرار الروسي كان الرئيس الأمريكيّ، باراك أوباما، الذي قال إنّه توقّع منذ زمن بعيد أن تفعل روسيا ذلك، وأن مفاجأته الوحيدة أنّ بوتين مدد مرة تلو الأخرى فترة تجميد الصفقة، ويمكن التأكيد أنّه ووفق قرار مجلس الأمن الدولي لا يوجد ما يمنع بيع إيران أسلحة دفاعية، وهذا ما يقوله الرئيس الروسي بوتين أيضًا.

و لفت المختص في العلاقات الدولية و المختص في قانون التسلح الدولي البرفسور الروسي ميرخاس جودي، إلى أن إسرائيل تتخذ منذ سنين سياسة تصالحية تجاه الكرملين وذلك لسببين الأول، أملاً في أنْ يُعوّض ذلك الامتناع عن تنفيذ صفقة السلاح مع إيران، وللأسف الشديد لم يحدث ذلك، والثاني،  الخشية من روسيا، وهكذا في الساعة التي يتواجه فيها نتنياهو مع حليفته الأكبر يتصرف وكأنه ورقة في مهب الريح أمام بوتين.

و أفاد جودي بأن بوتين حذر إسرائيل، و أضاف لا ينسى أحداً الماضي، عندما خانت إسرائيل جورجيا وكفت عن بيعها العتاد في أعقاب الاجتياح الروسي لها في العام 2008، هكذا تتصرف إسرائيل مع الأزمة في أوكرانيا على سبيل المثال، إسرائيل وإيران هما من الدول القليلة التي لم تستنكر الاجتياح الروسيّ لشبه الجزيرة في القرم وضمها للاتحاد الروسيّ، الأمر الذي أثار استياء الولايات المتحدة الأمريكيّة ودول الاتحاد الأوروبي.

و أضاف جودي، أن إسرائيل لم تكتف بالدبلوماسية فحسب، بل اتخذت خطوات عملية على الأرض، ومنذ بداية الأزمة ترفض وزارة الأمن أن تقدم لتجار السلاح والمستشارين الأمنيين الإسرائيليين تراخيص بيع العتاد لأوكرانيا، لافتةً في الوقت عينه إلى أن الصفقات الوحيدة التي نفذت كانت صفقات متاع عسكري خفيف مثل الأحزمة، على الرغم أن أوكرانيا توجهت لإسرائيل في عدة مناسبات وطلبت منها شراء منظومات عسكرية متطورة، وبشكل خاص في مجال الاستخبارات والطائرات غير المأهولة.

و أشار عيسى  إلى أن التملق الإسرائيلي لزعيم مثل بوتين غير مجد، ولم يجعله شاكراً لها، وعلى ما يبدو أنه من الأسهل أن تواجه حليفًا من دولة ديمقراطية عوضًا عن مواجهة طاغية يعرف كيفية ترويض خصمه والانتقام منه، على حد تعبيره.