إسرائيل تتفنن في إشغال الفلسطينيين بمتطلبات الحياة عن القضايا الحيوية التي تهم الوطن

12935280_10207463608161582_1773011920_n
حجم الخط

قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمس، وقف إدخال الإسمنت إلى قطاع غزة،  بالتزامن مع الظروف الأشد احتياجا للمواطن من أجل إعمار ما دمره الاحتلال خلال الحرب السابقة على القطاع.

قال المختص في الشأن الاقتصادي معين رجب لوكالة "خبر"، إن قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمنع إدخال الإسمنت أو غيره من الاحتياجات الأساسية إلى قطاع غزة ليس جديداً، فهو يدخل ضمن سياسة مبرمجة لإرهاق وإرباك الفلسطينيين، وإشغالهم بمتطلبات الحياة الأساسية عن القضايا الحيوية التي تهم الوطن.

وأوضح المختص في الشأن الاقتصادي سمير أبو مدللة، أن إسرائيل تمارس عقوبات على سكان قطاع غزة، فهذه ليست المرة الأولى التي توقف فيها سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخول الإسمنت إلى القطاع، فما تقوم به هو إعادة تنظيم للحصار، حيث أنها ما زالت تسيطر على المعابر وتتحكم في كافة كميات الإسمنت التي تدخل عبر معبر كرم أبو سالم.

وقال وكيل وزارة الاقتصاد بغزة الدكتور عماد الباز لوكالة "خبر"، إن الاحتلال الاسرائيلي تعود على سياسة قمعية لسكان قطاع غزة، فهو يحاصر القطاع منذ أكثر من عشر سنوات، كما شن حرباً قبل عامين دمرت عشرات الآلاف من المنازل والمصانع والمحلات التجارية.

وأضاف الباز: "قمنا بإعادة إعمار القطاع، لكن ما تم إعادة إعماره لا يتجاوز الربع من المنازل المدمرة"، حيث أن القطاع كان بحاجة إلى 2 مليون طن من الإسمنت، في حين تم إدخال أقل من 400 ألف طن خلال العامين الماضيين، مشيراً إلى أن عملية إعادة الإعمار كانت بطيئة جداً، نظراً لأن الكميات التي كانت تدخل عبر معبر كرم أبو سالم محدودة، جاء ذلك ضمن خطة "روبرت سيري" التي جاءت بمباركة الأمم المتحدة والأوروبيين لمحاصرة قطاع غزة من جديد.

وأشار رجب إلى أن إسرائيل ليست معنية بإدخال مواد البناء بحرية إلى قطاع غزة، نظراَ لعلمها مدى حاجة القطاع الأساسية إلى هذه المواد وخاصة الإسمنت.

ومن جهته أوضح الباز  أن الاحتلال الإسرائيلي تعمد منع دخول الإسمنت إلا بكميات محدودة، ما أدى إلى خلق أزمة حقيقية في القطاع، تمثلت في ارتفاع أسعار الإسمنت بشكل جنوني، حيث أن سعر طن الإسمنت لا يتجاوز 100 دولار، في حين وصل الآن في القطاع إلى أكثر من 500 دولار ، مشيراً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي قام قبل أسابيع بتقليل كميات الإسمنت الداخلة القطاع، حيث كان يدخل 130 شاحنة، كل شاحنة تحمل 36 طن، قلل الاحتلال الاسرائيلي الكميات إلى حوالي 70 شاحنة، ما أدى استغلال التجار تلك الفرصة برفع الأسعار على الفور، بحيث ارتفع الطن في الأسواق إلى أكثر من 1500 شيكل.

وحول أسباب هذا القرار، لفت رجب إلى  أنه صورة من صور إحكام الحصار على أهم احتياجات قطاع غزة من مواد البناء، وضرب العامود الفقري للاقتصاد، حيث يدخل غزة في مرحلة أشد تعقيداً من المعاناة المتفاقمة.

واعتقد أبو مدللة أنه نوع من العقوبات التي تمارسها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، والضغط على السلطة الفلسطينية وحركة حماس في غزة، من أجل ابتزازاهم وتقديم مزيد من التنازلات السياسية فيما يخص الأسرى الموجودين لدى حماس.

وبالإشارة إلى تداعيات هذا القرار، أوضح رجب أنه أدى إلى ارتفاع أسعار الإسمنت أمام الطلب الملحّ عليه، و تعطيل كثير من المشاريع وأعمال البناء والتشييد، والتأثير على شركات المقاولات والبناء وزيادة معدلات العمالة الفلسطينية في قطاع المقاولات والبناء وما يلحق بها من وظائف، مشيراً إلى أن كثرة التداعيات أدت إلى زيادة معاناة الفلسطينيين على المستوى الفردي والجمعي والنشاط الإنتاجي والاقتصادي.

وذكر أبو مدللة أن آلية "سيري" التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي، أعطت إسرائيل حرية التدخل في عملية الإعمار ، ما من شأنه يؤخّر الإعمار ويزيد نسبة البطالة والفقر في قطاع غزة، علماً بأن الربع الأول من العام 2016 كان هناك نوع من الانتعاش لكثير من مشاريع البناء، التي شغلت مئات من العمال العاطلين عن العمل، هذا بعد عام من العام 2015 الذي كان يعتبر أسوء الأعوام على الاقتصاد الفلسطيني.

واستناداً على قانون حماية المستهلك رقم (21) للعام 2005م، أوضح الباز أنه تم تحديد أسعار الإسمنت في مراكز التوزيع بما لا يزيد عن 560 شيكل للطن، ولا يزيد عن 750 شيكل في الأسواق العادية، وذلك لمنع استغلال المواطنين الفلسطينيين من قبل التجار.

وبحسب الإعلام العبري، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قررت وقف إدخال الإسمنت بسبب استيلاء حركة حماس على كميات كبيرة منه واردة إلى قطاع غزة.

وفي هذا الشأن، قال أبو مدللة إن إسرائيل دائما تضع الأولوية الأمنية على الأولوية الاقتصادية والسياسية، وبالتالي فإن هذه الاتهامات التي تكال دائماً لحركة حماس بأنها تستخدم هذه الكميات لبناء الأنفاق ليست جديدة على الجانب الإسرائيلي، مشيراً إلى أن هذه الاتهامات تمارس كنوع من العقوبات على الشعب الفلسطيني بأكمله، ما يؤدي إلى انعكاسه على الأوضاع الاقتصادية وتأخير عملية الإعمار وزيادة معدلات البطالة والفقر في صفوف العمال.

وأكد رجب على ضرورة بذل السلطة الفلسطينية مزيداً من الجهد، وتوجيه النداءات أمام المجتمع الدولي لتسخير ما أمكن من المستلزمات، بالإضافة إلى الجهد فلسطيني في وجود وحدة وطنية تجاه هذه المشكلة وغيرها من المشاكل التي هي جزء من معاناتنا.

في حين شدد أبو مدللة على ضرورة مناشدة السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي، بأن يكون هناك بديل للاستيراد من الجانب الإسرائيلي الذي يشكل ورقة ضغط لزيادة الحصار على قطاع غزة وزيادة العقوبات التي يفرضها على السكان، منوهاَ إلى أن جمهورية مصر العربية خير بديل للاستيراد من إسرائيل، نظراً لأنه أوفر  وأقل ضرائب، ما من شأنه أن ينعش قطاع غزة ويحرك عملية الإعمار.

وحمل الباز الاحتلال الاسرائيلي المسؤولية الكاملة، عن وقف عملية إعمار قطاع غزة، مؤكداً على ضرورة تحرك الإعلام الحر بشكل سريع تجاه المجتمع الدولي، للضغط على الاحتلال الاسرائيلي بإعادة إدخال الإسمنت كباقي السلع الأخرى دون قيد أو شرط.

وأوضح الباز أنه في حال استمر الاحتلال الإسرائيلي في سياسته الهمجية والقمعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، فإن الوضع في قطاع غزة سوف يزداد تعقداً وخطورة، منوهاً إلى أن صبر أبناء الشعب الفلسطيني لن يطول كثيراً، بل سيحدث الانفجار في وجه الاحتلال الاسرائيلي لا محالة.

ويشار إلى أن إسرائيل أوقفت دخول الإسمنت لإعادة الإعمار ولمشاريع القطاع الخاص، في حين سمحت دخوله لمشاريع الأونروا والمشاريع القطرية.

ويذكر أن القطاع يعاني من نقص حاد في مواد البناء، التي تحظر إسرائيل إدخالها منذ 8 سنوات.