مرت عشرة أيام على حادثة الخليل، لكن قضية الجندي مطلق النار لم تنته بعد.
يحاول الكثير من الجهات تكبيرها قدر الامكان وتغيير الوجه المشوش للجندي ووضع وجه الجيش الاسرائيلي، جيشنا جميعا.
هناك من يعتبر عمل الجندي عملا خطيرا، «اطلاق النار على فلسطيني مصاب وملقى على الارض. وهناك من يعتبر أن وضع القيود على الجندي هو امر خطير، حيث يقال له إنه قد يتهم بالقتل».
المعسكران – من يؤيد الجندي ومن يعارضه – يريدان تلوين الواقع الشرق أوسطي المعقد بالاسود والابيض.
في نهاية الجملة فقط سنحصل على القرار: مدان أو بريء. وحتى ذلك الحين يفضل الانتظار بصبر، وهذا الامر لسنا جيدين فيه، من الافضل عدم القفز إلى الاستنتاجات حتى لو كانت ملائمة لرواية هذا المعسكر أو ذاك.
هناك شيء واحد لا خلاف حوله وهو أنه كان يمكن التنازل عن هذه الحادثة وكنا نستطيع ايضا التنازل عن «الارهاب» الفلسطيني.
ولكن الوضع الذي نعيش فيه سيولد في المستقبل احداثاً كهذه خصوصا في الفترة التي تقوم فيها «بتسيلم» بالمتابعة عن قرب لنشاط القوات.
في الوقت الحالي عندما ننظر حولنا يصعب عدم اخذ الانطباع حول حفاظ الجنود على القيم الاخلاقية للجيش الاسرائيلي اثناء تنفيذ المهمة. العاصفة الاخيرة هي الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.
يوم مهم للتحقيق
يجب علينا أن نتذكر أنه طالما لم تصدر نتائج تشريح الجثة من الصعب معرفة اذا كان الجندي هو الذي قتل «المخرب» أم لا.
ما فعلته محكمة العدل العليا كان صحيحا، حيث رفضت دعوى عائلة «المخرب»، وصادقت على تشريح الجثة، ما سيتم اليوم (أمس). لا شك أن هذا هو يوم مصيري بالنسبة لنا.
لكن التشريح لا يعفي الجندي من عملية اطلاق النار ذاتها. من التحقيق العسكري الاولي يتبين أن الجندي قد اطلق النار بقرار ذاتي منه. الاسباب التي دفعته لذلك ستكون في أساس المحاكمة. هل فعل ذلك بسبب رغبته بالانتقام أم أنه شعر بالخطر على حياته؟
محظور تحويل هذه المحاكمة إلى محاكمة للجيش الاسرائيلي، رغم أنه ولأسباب واضحة هناك من يريد فعل ذلك.
فقط الجندي وافعاله يحاكمان – ولكن حقيقة أن مطلق النار يخدم في الجيش الاسرائيلي هي التي أوجدت الهبة الجماهيرية.
من الصعب فصل الجيش عن المجتمع، ومن الصعب فصل المجتمع عن الجيش. وقد يكون هذا ما يفسر حقيقة أن 57 في المئة من السكان يؤيدون الجندي.
هناك من ينسب ذلك إلى بهيمية المجتمع الاسرائيلي (مرة اخرى كل واحد يختار الرواية الملائمة له)، ويمكن ايضا نسب ذلك للصلة العميقة بين الجيش والمجتمع في اسرائيل – هذه الصلة لا تنفصل من الناحية العاطفية والعائلية ايضا، ولا يوجد مثيل لذلك في أية دولة في العالم.
منذ الحادثة تحفظ مستويان قضائيان على خطورة تعامل النيابة العسكرية مع الجندي. من الممكن أن النيابة قد تسرعت في بند القتل؟
هناك من يريد نفخ القصة وتصويرها كنقطة انكسار في علاقات المجتمع والجيش في إسرائيل، وهذا غير صحيح.
لقد مرت العلاقة بين الجيش الاسرائيلي والدولة في امتحانات اصعب: بعد حرب «يوم الغفران» في 1973 وبعد الانفصال في 2005 وايضا كما ذكر النائب العسكري السابق، امنون ستراشنوف، في حالات تُذكر بالعاصفة الحالية.
الفرق بين الأمس واليوم يكمن في حقيقة أن هذه القصة سقطت كثمرة في ايدي من يريدون تصوير الجيش الاسرائيلي كجيش فظيع وغير اخلاقي وأنه أداة في ايدي «الاحتلال».
المحكمة هي التي ستقرر حول سلوك الجندي، لكن يوجد شيء واحد واضح وهو أن الحادثة الحالية لا تشير إلى مرض المجتمع والجيش، والعكس هو الصحيح.
يجب علينا التفاخر بالجيش الذي يحارب من أجل حياتنا وأيضا الجيش الذي يحارب من أجل مبادئه.