عن الاتحادِ العام للأدباء والكتاب الفلسطينيين في رام الله، صدر مؤخرًا كتابٌ جديدٌ للروائي الفلسطيني مشهور البطران. الكتاب مجموعة قصصية حملت عنوان: أوهام أوغست اللطيفة. وهو عنوان مُسْتَلٌّ من إحدى القصص التي تتضمنها المجموعة. جاء هذا الكتاب في 164 صفحة من القطع الصغير. وتزين غلافه الأماميبلوحة من إبداع الفنانة أمينة رائد صوايفة، أما الغلاف الخلفي فتزينَ بلوحة من إبداع الفنان ريان رائد صوايفة.ضمت هذه المجموعة عشرين قصة موزعة من حيث الطول ما بين القصة الطويلة والقصيرة والخاطرة.
تنوعتْ الثيماتُ التي تناولتها القصص ما بين الوطن والحرية والمقاومة والحب والطبيعة، ومع أن هذه الثيمات دارجة في الأدب العالمي عمومًا والفلسطيني على وجه الخصوص، إلا أن طريقة المقاربةالسردية لهذه القضايا جاءت مختلفة، ما منح هذه المجموعة هوية خاصة وفرادة مميزة.
بعضُ القصص-وهي قليلة-تنحى في بنائها ومتونها المنحى الواقعي، حيث الشخصيات وممارساتها والفضاءات التي تتحرك فيها تكاد تمثل الواقع المعاش من غير أن تحاكيه،إنها شخصيات مألوفة لدينا، قد نواجهها في الشارع أو المدرسة، أو حتى في السوق.
وأحيانًا سلكت بعض القصص المنحى الصحفي أو الخاطرة. لكن اللافت للنظر في هذه المجموعة أن غالبية قصصها اتجهت في منحى فانتازي غرائبي، الأجواء الغرائبية تسودُ معظم القصص، وأحيانًا تصل الغرائبية إلى حالة من التطرف تصبحمعها هذه الأجواء كابوسية. فمشاعر الخوف والقلق والترقب ترافق المتلقي منذ ولوجه إلى عتبات النص القصصي.
وبقدر غرائبية الأجواء السردية، أتت الشخصياتُ منسجمةً مع هذه الأجواء، فالشخصيات ليست عادية في شيء، إنها تتجاوز الواقع، وعبر هذا التجاوز تقفز عن شرطها الإنساني وتتنصل من تاريخيتها وقدراتها البشرية، إنها شخصيات ما بعد إنسانية.
ثمة شخصيات أسطورية تعيش في عالمٍ حديث، ارتحلت من ماضيها الأسطوري،وحملت معها من الماضي قسوته وجبروته لكي تمارس عنفها بأبشع صيغه المعاصرة. وكأن العالم الراهن لا يكتفي بكل هذه الآلام البشرية، فجاء هذا الكائن الأسطوري ليمارس المزيد من القهر والاضطهاد والشقاء الإنساني.
وثمة شخصيات تعمِّرُ طويلًا إلى مئات السنين، وكأنها تريد ببقائها كل هذه القرون أن توصل رسالة أن البؤس والشقاء البشري الذي عانى منه الناس قديمًا ما زالوا يعانون منه حتى الآن ولكن بأشكالٍ مختلفة.
وثمة شخصيات هي من الغرابة بحيث تتخلى طواعية عن بعض أعضائها الحيوية كاليد مثلًا، وأحيانًا تتخلى عن أعضاء أشد حيوية كالقلب، باعتبارها أعضاء زائدة عن الحاجة في زمن مثقل وبطيء وعنيف إلى حد الجنون. الإنسان في هذه القصص يريد أن يتخفف من عبئه الفيزيائي لأنه إنسان دائم الترحال.إنه إنسان مضطهد إلى حدِ الرعبِ، لكن مع ذلك تميزت شخصيات هذه القصصفي كونهالا تستسلم بل تقاوم حتى النفس الأخير، إنها شخصيات نشطة وفاعلة وتعلق الآمال على المستقبل.
يذكر أن هذا الكتاب هو السادس في سلسلة أعمال مشهور البطران الإبداعية فقد سبقه خمس كتب أخرى توزعت ما بين الرواية والقصة.