الزيارة بالغة الأهمية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر، تعني الكثير في هذا التوقيت.
غني عن القول الحديث عن مكانة مصر الكبيرة في العالم العربي وفي أفريقيا، وفي ملفات الحرب والسلام، فهذا من باب تحصيل الحاصل وتوضيح الواضحات، بالوقائع والحقائق، وليس بالشعر والهتافات.
الموقع الجغرافي، والتاريخ السياسي، والوزن السكاني، والثقل المعنوي، والسوق الواعد، والقوة الناعمة، كلها مقومات تنهض عليها عمارة مصر الشامخة، عبر العصور.
القوات المصرية المسلحة، ركن من أركان الأمن وتوازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، وأيضًا حيوية الشعب المصري، التي تمخض عنها خلال سنتين، ثورتان، غيرتا النظام السياسي، من مباركي ساداتي، إلى إخواني قطبي، إلى جمهوري شعبي.
تعرف السعودية كل هذه الحقائق، وللشعب السعودي منذ القديم صلات تجارية وحضارية واجتماعية واقتصادية قديمة بمصر، وحلقات الحرمين المكي والمدني، ومدن الساحل على البحر الأحمر، تشهد بذلك، كما كان لأبناء الجزيرة العربية حضورهم في جنبات الأزهر، ونوادي الأدب والشعر، منذ قرون، مثل ابن بادية مكة، الشاعر المصري الشهير، البهاء زهير. أيضًا مثل أبناء العقيلات من أهل نجد بمصر، الذين كان لهم صفحات مصرية خالدة، مثل الشيخ والسفير والعالِم وتاجر الخيل الشهير، فوزان السابق.
جسّد كل هذه المعاني، كلمة المؤسس الملك عبد العزيز عن مصر، حين قال في زيارته التاريخية لمصر عام 1946، التي استقبل فيها بحفاوة غير مسبوقة من قبل شعب مصر وملكها وساستها ومثقفيها، ختمها أثناء العودة بخطاب أرسله إلى شعبه السعودي، معلقًا على استقبال المصريين له قائلاً: «شعبي العزيز، ليس البيان بمسعف في وصف ما لاقيت، ولكن اعتزازي أني كنت أشعر بأن جيش مصر العربي هو جيشكم، وجيشكم هو جيش مصر، وحضارة مصر هي حضارتكم، وحضارتكم هي حضارة مصر، والجيشان والحضارتان جند للعرب». (من كتاب «الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز»، لخير الدين الزركلي، ص 308).
ابن عبد العزيز، وأشبه أنجاله به، الملك سلمان، يمضي على هذه الجادة الحميدة، والتي ثمرتها خير وأمن وسلم للعرب والمسلمين، والمنطقة كلها، بكل طوائفها وأديانها. هناك من «يشتهي» إفساد العلاقة بين مصر والسعودية، بحجة عدم تطابق السياسة السعودية مع المصرية في بعض المسائل، وهذا أمر معتاد في السياسة.
نعم، هناك خلاف بين السعودية ومصر حول الملف السوري، وهذا قيل هنا من حوالي ثلاث سنوات، لكن الدول الكبيرة تعرف كيف تدير العلاقات الرشيدة بعقلانية ومسؤولية.
هكذا هو صنيع السعودية ومصر، جناحي العرب.
عن الشرق الاوسط