تلقت قيادة السلطة الفلسطينية معلومات في الفترة الأخيرة تقول ان حماس داخليا قد قبلت بالهدنة الطويلة مع إسرائيل التي طرحتها أطراف دولية بإشراف قطري، تنص على وقف طويل لإطلاق النار خلال فترة إعمار قطاع غزة، على أن يرفع الحصار ويبنى ميناء لسكان غزة المحاصرين، وهو ما قد يدفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس من خلال حكومته إلى تقديم جملة من المساعدات لغزة، من أجل المحافظة على اتفاق المصالحة، والوحدة بين الضفة الغربية وغزة.
وفي هذه الأوقات يدور الحديث عن “الهدنة طويلة الأمد” في أكثر من مسلك، فالعديد من المبعوثين الدوليين والأطراف تتحدث في الملف، وتنقل رسائل ووجهات نظر بين حماس في غزة وبين حكومة إسرائيل.
ولا تزال الخشية قائمة في السلطة الفلسطينية من مخطط إسرائيلي يتبعه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حكومته الجديدة من أجل الضغط على الفلسطينيين من خلال “فصل غزة” حتى لو كان معنويا عن الضفة الغربية، من خلال مخطط “الهدنة الطويلة الأمد” التي تمتد لأكثر من خمس سنوات، وربما تتم لمدة 15 عاما.
أحد المسؤولين في منظمة التحرير التي يقف على رأسها أيضا الرئيس أبو مازن، أبلغ “رأي اليوم” أن الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية للمنظمة جرى خلاله مناقشة ما يعرض على حماس من “هدنة طويلة الأمد” في غزة، فقال ان الرئيس صراحة أبدى خشيته من تطبيق ما يدار حوله الحديث الآن بعيد عن مشاركة الكل الفلسطيني.
هذا المسؤول ابلغ صحيفة “رأي اليوم” ان التساؤلات الفلسطينية التي طرحت على الأطراف التي ذكر على أنها وسيطة في الملف، سواء سويسرا أو المبعوث الدولي روبرت سيري، أو قطر، لم تحصل من خلالها على إجابات كافية، وأن هناك العديد من الأمور لا تزال مبهمة في الملف، الذي يقول ان كل تفاصيله في يد حماس.
وحماس على لسان إسماعيل هنية رئيس الحركة في غزة أعلن أن حركته لا تمانع من هذه التهدئة الطويلة، شرط أن لا تكون بمعزل عن توافق وطني، ولا يتم خلالها تقسيم الوطن.
القيادة الفلسطينية لديها أيضا شعور أن نتنياهو من خلال جملة تسهيلات كبيرة لغزة من الممكن أن ينفذ مخططه، لذا بعث الرئيس عباس على عجل بالدكتور رامي الحمد الله رئيس الحكومة إلى غزة للقاء الفصائل خاصة حماس، ويعد من هناك بحل مشاكل السكان العالقة، وأولها الإعمار والموظفين غير المعينين من حركة حماس، وكذلك أزمة الكهرباء.
كل ذلك بالإضافة إلى إلغاء الحكم المصري باعتبار حركة حماس “تنظيم إرهابي” يؤكد أن كلا من الرئاسة الفلسطينية ومصر، لا تريدان أن تذهب حركة حماس منفردة لأي تهدئة مع إسرائيل، دون أن يكون هناك مشاركة من السلطة في الشطر الثاني للوطن، الضفة الغربية، وكذلك مصر التي تعتبر الوسيط الوحيد في الملفات الفلسطينية خاصة التهدئة.
فلم تكن تستطع خلال الحكم القضائي السابق التوسط في ملف التهدئة بين حماس وإسرائيل، ومع اشتداد الحملة ضد حماس في مصر من قبل الإعلام والحكومة، أجلت إلى غير مسمي المخابرات المصرية مفاوضات غير مباشرة كان من المفترض أن تعقد بعد شهر من انتهاء الحرب على غزة في سبتمبر من العام الماضي.
ويبدوا أن طعن مصر بالحكم ضد حماس، كان يريد من خلاله مسؤولي القاهرة العودة من جديد لرعاية ملفات الفلسطينيين وبالأخص التهدئة والمصالحة، وهو ما أكده المحامي المصري الذي رفع الدعوى على حماس وكسبها أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، حيث قال ان سبب سحب الدعوى إفساح المجال لمصر للعودة لدور الوسيط، وهو دور فقدته بإعلان من حماس فور صدور الحكم، وعادت حماس من جديد بعد انتهاء الحكم لتدعو القاهرة من جديد للبدء في رعاية الملفات الفلسطينية.
فالناطق باسم حماس سامي أبو زهري طالب فور تنازل المحامي المصري عن الدعوى ضد حماس بأن ينعكس هذا القرار إيجابا على العلاقة بين مصر وحماس، وأن يتم تجاوز حالة التوتر، التي كانت قائمة، وأن تقوم مصر بمواصلة رعايتها للملفات الفلسطينية.
لذلك يتوقع الكثيرون أن تبدأ مصر وبطلب رسمي من السلطة بالعودة لرعاية ملفات المصالحة والتهدئة، خشية من ذهاب حماس إلى أطراف دولية وعربية اخرى للقيام بهذا الدور في ظل القبول الإسرائيلي لذلك.
المصالحة المجتمعية أولى مسارات العدالة الانتقالية
26 سبتمبر 2023