"لم أصلِ القمر بعد.. لم أغفُ على الغيوم التي تبدو كسكر نبات، كبرت على عجل، قبل أن أفعل"، قصاصة صغيرة تحت عنوان (كنت ولكن) من الكتاب الذي كتبته نور محمد عجلوني، (33 عاما)، والتي لم تكمل دراستها المدرسية لظروف خاصة، إلا أنها صافحت الحياة ومارست هوايتها جنباً إلى جنب مع دورها الرئيس كأم وربة بيت.
قد تتلخص حياة الكثير في الطهي وتنتهي عند البطون، غير أن نور استغلت مطبخها وحبها للطهي، ليصبح مصنعاً مزدوجاً، بين طهي الطعام للبطون، وآخر للعقول والأرواح التي تتغذى على الأدب، فكان مطبخها ملهما حتى تكتب رسائلها لابنتها المراهقة لتتجاوز كلّ العقبات التي واجهتها وهي في سنّها، إلى جانب منحها فسحة للتمتع بالحياة والاستفادة منها واستثمارها بما يليق بمستقبلها وقريناتها.
على هيئة خواطر أصدرت نور محمد عجلوني، من مدينة الخليل، كتابها الأول (أنثى المارشميللو)، والذي حمل رسائل للفئة المراهقة بطريقة بسيطة، لا تحتمل التعقيد اللغوي، الى جانب أنها بنكهة الحبّ والإحساس المرهف.
"أنثى المارشميللو، جاءت تسميتها بهذا الاسم كوني كنت ذات مرة جالسة مع طالبات مدرسة في سن المراهقة، وسألتهن عن أكثر شيء يحبونه بالحلويات، فقالوا: المارشميللو. فأردت أن أكتب شيئا يخطفهن لحبهن فيه حتى تصل الرسالة بالشكل المطلوب. فهذا الكتاب هدية لابنتي ندرين التي تبلغ من العمر 15 سنة، كوني أتمنى أن تكون أفضل مني هي وكل قريناتها" قالت نور.
للرجل كتبت نور في مطلع كتابها: "المرأة نكهتها لذيذة، كقطعة مارشميللو، تتحلى بها إذا ما زودتها من سكر حديثك".
تابعت نور سبب كتابة أنثى المارشميللو، "بدأت كتابة رسائل للطالبات اللواتي لا يحببن القراءة والكتابة، فأردت ترغيبهن بهما، فكتبت رسائل عن الحب، وأخرى عن الزواج المبكر والنصائح بتجنبه، ورسائل كثيرة عشت تجربتها أردت لهن أن يهتموا بها أكثر وأن يتجاوزوا الإشكاليات التي عايشتها، وأن يهتموا بأنفسهن أكثر حتى يحظين بالمستقبل الذي يليق بهن".
تحت عنوان (أنثى الفراولة) كتبت نور "أنتِ فاكهتي المفضلة، جميلة رشيقةٌ نقية رقيقة الملمس، حرارتكِ مجرمة، فاتنةُ الفستان الأحمر، لذيذةٌ أنتِ بنكهة الفراولة".
اهتمت نور بالنوادي الأدبية والمجموعات الثقافية والقراءة والكتابة منذ عام تقريباً، وكان هناك عدة عوامل قد حفزتها على ذلك، تقول نور:" الفيس بوك كان له فضل كبير بإظهار موهبتي، قديما كنت أخربش على أوراق ودفاتر وأرميها بالجدران، إلا أن الفيس بوك ساهم بتعرفي على الوسط الأدبي، ونشر كتاباتي التي كانت تحظى بمتابعة وإعجاب وانتقاد، الأمر الذي ساهم بتقوية وترسيخ الموهبة لدي".
لم يكن الفيس بوك العامل الوحيد، فنور منذ صغرها محبة للرومانسية المرهفة، وتميل للخواطر النثرية، قالت نور:" أكثر ما كان ملهما لي الصور والتجارب بالحياة والخيال كوني إنسانة مولعة بالخيال، كأنني أرسم حرفي على السماء".
عنونت نور إحدى رسائلها بأنفاس قمرية وقالت فيها "تنبثقُ من حولي كنجم منفرد .. تقترب من أنفاسِي وتراقصني.. تحتويني مطراً يجتاحني بغزارة... لأنتفض وأشتعلُ بِحُلكَة الليل.. كياسَمِينة تلد عطرا ...".
نور حالها كحال كلّ من يتقدم سباق الحياة، فقد واجهت العديد من المعيقات "هناك أناس قاطعتني، واتهموني بأني أعمل إيحاءات لنفسي بأني (أنثى المارشميللو)، واتهامات أخرى بأني أتمرد على اللغة العربية كونني استخدمت اسما ليس من عربياً، أكثر ما وجدته يستفز البعض أنني أصدر كتاباً وأنا لست بمتعلمة أكاديمياً".
"الأيام تشعرني أنني أنجزت شيئا مميزا، وتخطيت مراحل كثيرة في المجتمع الشرقي، وطموحي الآن لإصدار رواية بعد أنثى المارشميللو والذي أعتبره بسيطاً كونه يستهدف المراهقات، لكن عملي القادم سيفاجئ الجميع" قالت نور.