المرأة الفلسطينية والإعلام
رغم خوض المرأة الفلسطينية دورها النضالي والسياسي والاجتماعي جنباً إلى جنب مع الرجل في كافة مراحل القضية الفلسطينية، إلا أن دورها الإعلامي المهني تأخر في الظهور؛ ولعل ذلك يعود إلى القيود الاجتماعية التي فرضتها العادات والتقاليد الفلسطينية؛ فلم يكن العمل الصحفي في تلك الفترة للنساء عملاً مقبولاً اجتماعياً كالتدريس والتمريض؛ لأن العمل الصحفي يتطلب خروج المرأة واختلاطها بالرجل؛ فاقتصر العمل الإعلامي على عدد محدود من النساء الفلسطينيات، ممن شجعهن أزواجهن على خوض غمار هذا الميدان.
ولا تشير الدراسات التاريخية، إلا فيما ندر، إلى مساهمات المرأة الفلسطينية الإعلامية ما بعد الثلاثينات وحتى منتصف الستينات، حيث تشكل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية عام 1965، والذي تفرعت عنه عدة لجان متخصصة، منها: اللجنة الثقافية والإعلام، التي صدر عنها مجلة "الفلسطينية"، كلسان حال الاتحاد؛ كما صدر عن الاتحاد أيضاً "صوت المرأة الفلسطينية"، وهي نشرة صدر العدد الأول منها في 25 نيسان 1967، ولم ينتظم صدورها؛ إلا أن العمل الإعلامي للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية لم يتوقف؛ فصدر عنه مجلة "الفلسطينية الثائرة" في عمان عام 1970، ثم مجلة الفلسطينية عام 1988.
وقد عانى الإعلام الفلسطيني خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي، من معيقات كبيرة، كان سببها الأساسي سياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي قمعت حرية الرأي والتعبير، ولم تسمح بصدور الصحف بحرية، وضيقت الخناق على الصحفيين. وعلى الرغم من هذه السياسة برزت بعض الأطر النسوية التي أخذت على عاتقها توعية المرأة الفلسطينية إعلامياً وسياسياً وثقافياً.
ولعل أبرز الأدوار الإعلامية التي تبوأتها المرأة الفلسطينية، دور الناطقة بلسان الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات السلام، الذي شكلته منظمة التحرير الفلسطينية في مدريد مع إسرائيل، والذي قامت به الدكتور حنان عشراوي، وأبدعت في أدائه.
وبعد أن وقعت منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية اتفاق أوسلو عام 1993، الذي تمخض عنه ولادة السلطة الوطنية الفلسطينية، تعزز دور المرأة الفلسطينية، وتبوأت بعض المناصب الوزارية والإدارية في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، الأمر الذي جاء مكملاً لما كانت قد بدأت به المنظمات غير الحكومية من توظيف النساء فيها بشكل ملحوظ.
وقد ساهم تشكيل وزارة الإعلام الفلسطينية، كوزارة لرعاية ومتابعة الشؤون الإعلامية، في تفعيل العمل الإعلامي الفلسطيني النسوي؛ حيث منحت وزارة الإعلام عدة تراخيص لصحف ومجلات نسائية مما أدى إلى زيادة الفرص للأقلام النسائية الفلسطينية في الكتابة، وفتح المجال للمراسِلات والمصوِرات الصحافيات للعمل في الصحف ،كما و أتيحت الفرصة لعدد من الإعلاميات الفلسطينيات في العمل في الفضائيات العربية كمراسلات من فلسطين.
لا شك أن المتابع للمشهد الإعلامي الفلسطيني اليوم، يجد فيه مساحة واسعة لمشاركة المرأة الإعلامية في كافة المجالات الإذاعية والتلفزيونية والإلكترونية، عدى عن أنها تقوم بكافة المهام؛ فنجدها مراسلة تنقل الحدث وتتعرض لنيران الاحتلال؛ ومصورة، ومذيعة، ومقدمة برامج، ومحررة، ومخرجة. وهذا يؤكد على تطور مشاركتها الإعلامية بشكل لافت.
ويعود اتساع المشاركة الإعلامية للمرأة الفلسطينية إلى عدة أسباب، تتمثل في: التغير التدريجي للنظرة السلبية المجتمعية لعمل المرأة في مجال الإعلام؛ ووجود مؤسسات إعلامية تتوفر فيها بيئة محافظة تضمن للمرأة العمل في أجواء اجتماعية وثقافية مقبولة؛ وإثبات المرأة جدارتها في خوض غمار العمل الإعلامي، ألا أنه وبالرغم اتساع المشاركة الإعلامية للمرأة الفلسطينية؛ إلا أنها لم تصل إلى مراكز اتخاذ القرار بهذه المؤسسات، بما يتناسب مع حجم مشاركتها فحسب بيان جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني بمناسبة يوم المرأة العالمي لعام 2012 هناك 10% من رؤساء التحرير في إطار وسائل الاعلام في الأراضي الفلسطينية، من النساء؛ مقابل 90% من الرجال.
ومما لا شك فيه أن الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام، وخاصة المرئية والمسموعة، في تفعيل صورة المرأة بشكل إيجابي من حيث مساهمتها في تحفيز الأفراد لامتلاك وعي مغاير ومستنير حول قضايا المرأة.