«الحفاظ على الوضع الراهن في القدس».. مصطلح احتلالي بامتياز !!

almaghribtoday-هاني-حبيب
حجم الخط

بين وقت وآخر، تخرج علينا حكومة نتنياهو لتؤكد حرصها والتزامها بالحفاظ على «الوضع الراهن بالقدس». الجانب العربي، الفلسطيني والأردني على وجه التحديد، يطالب ويناشد إلزام إسرائيل بالحفاظ على الوضع الراهن بالقدس، هذا المصطلح الذي بات جزءاً من مصطلحات الصراع العربي ـ الإسرائيلي منذ بضع سنوات يتجاهل حقيقة أن الوضع الراهن بالقدس، ما هو إلاّ اعتراف بما أقدمت عليه حكومة الاحتلال في اليوم التالي لاحتلالها للعاصمة، القسم الشرقي منها تحديداً إثر الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1967، وفي أفضل الحالات، فإن ذلك يضفي احتلالاً «مرضياً» للمدينة المقدسة، العاصمة الفلسطينية، سيادة إسرائيلية كاملة على المدينة، مع تمكين الأوقاف المقدسية من إدارة المقدسات الإسلامية.
كافة الأطراف، من خلال عودتها دائماً لضرورة التزام إسرائيل «بالوضع الراهن بالقدس» إنما هي تلتزم كذلك، بالسيادة الإسرائيلية على العاصمة الفلسطينية، ذلك أن أي شكل من اشكال «التحسينات» لا يجب أن يلغي، ولو من حيث الألفاظ والمصطلحات، حقيقة الاحتلال الإسرائيلي للمدينة، خاصة وأنه تحت ما يسمى الالتزام، بالوضع الراهن، جرت جملة من الإجراءات الإسرائيلية التي أفرغت هذا المصطلح من مضمونه اللغوي، إلى واقع تعززت من خلاله الهوية اليهودية على حساب الهوية الوطنية الفلسطينية العربية، بطابعها المسيحي ـ الإسلامي، وظل هذا المصطلح يتردد بين جنبات العمل السياسي، في موازاة مع سياسة الالحاق والتهجير والإبعاد والتدمير بهدف عملية التهويد المنظمة والمخططة بإحكام من قبل كافة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
ومع اقتراب عيد الفصح اليهودي، بعد أسبوع (24/4/2016) صدرت تهديدات علنية مباشرة، من قبل مجموعات يهودية متطرفة باقتحام المسجد الأقصى، وتقديم القرابين، ووزعت هذه المجموعات شعارات وملصقات وإعلانات عن مواعيد التحشيد لتدنيس الأقصى، وتضمنت هذه الوسائل إشارة إلى أن هذا التحشيد قد حصل على موافقة الحكومة، وبالترافق مع هذه الإعلانات، قام عدد من المتطرفين اليهود، بحفل عقد قران بساحات الأقصى، لأكثر من زواج، بتنظيم ورعاية الحاخام حاييم ريتشمان، فيما كان الحاخام غليك بجولتين مع أنصاره بساحة الأقصى مع مجموعات من أنصاره تحت حراسة «الشرطة الخاصة» فيما ادعت الشرطة أنها حاولت منعه، بينما تمكنت من منع إمام المسجد الأقصى الشيخ محمد سليم من أداء الصلاة بالمسجد!!
لهذا كله، تداعت القوى الوطنية الفلسطينية، لاعتصام جماهيري في الرابع والعشرين من نيسان الجاري، لمواجهة استفزازات المجموعات اليهودية المتطرفة، الأمر الذي أربك حكومة الاحتلال، ما أجبر رئيس الحكومة الإسرائيلية، ومن جديد، التأكيد على الحفاظ على «الوضع الراهن في القدس» خشية من أعمال «شغب» وهذا التأكيد المتجدد والمتكرر، يهدف إلى نقل رسائل تهدئة للجانبين، الفلسطيني والأردني، وواقع الأمر، أن رسائل التهدئة هذه، والتي لا يمكن الركون إليها مع تجارب رسائل سابقة مشابهة لم يكن لها أن تمنع التحشيدات اليهودية من اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى، هناك خشية حقيقية، من أن هذه الرسائل، قد تهدئ من روع شباب الانتفاضة الثالثة، وهو أمر لا يمكن الرهان عليه، إذ أن هؤلاء، لا يعيرون الالتزام «بالحفاظ على الوضع الراهن» أي اهتمام باعتبار أن الاحتلال ما زال جاثماً على عاصمتنا الفلسطينية، وأن هدف الانتفاضة لا يتمحور نحو الجانب الديني، رغم قداسته، بل يتمحور حول الاحتلال، باعتباره يصادر حقوقنا في وطننا!
في اطار هذه الرسائل، من قبل نتنياهو وأركان حكومته، يأتي السماح للمصلين المسلمين من قطاع غزة، بالصلاة بالمسجد الأقصى، بعد منع استمر لأسابيع، كجزء من وسائل الترضية، حسب ما جاء به حديث رئيس مديرية التنسيق والارتباط يوآف يولي مردخاي، بالتوازي مع حملة إعلامية إسرائيلية واسعة، تشير إلى أن الدولة العبرية معنية بتراجع التوتر على ضوء أعياد الفصح اليهودية واقتراب المناسبات الدينية لدى المسلمين، خاصة شهر رمضان، وأن نتنياهو أمر أركان حكومته تحديداً بعدم زيارة الأماكن الإسلامية وخاصة المسجد الأقصى ـ في هذه الظروف ـ رغم أن هناك عدداً من وزراء الحكومة أعلنوا عدم التزامهم بهذا الأمر، إضافة إلى أن التكتلات المتطرفة لدى المجموعات اليهودية تتنافس فيما بينها على اقتحامات محددة للمسجد الأقصى في الأعياد اليهودية تحديداً.
من المؤكد أن الحشد اليهودي المتطرف، يعني مواجهة مع المواطنين الفلسطينيين، وهذا يعني على ضوء الحملة الإعلامية الإسرائيلية، ان مسؤولية ذلك تعود إلى الجانب الفلسطيني، طالما أن هناك تأكيدات إسرائيلية متلاحقة بالحفاظ على الوضع الراهن بالقدس، وان رئيس الحكومة أرسل رسائل تهدئة للجانبين الفلسطيني والأردني، وانه حظر على أركان حكومته القيام بجولات في المسجد الأقصى، أي توتر أو تصعيد، في هذه الحالة، إنما يعود للجانب الفلسطيني، وان مسؤولية ذلك تعود إلى عدم قدرة القيادة الفلسطينية السيطرة على الأوضاع، وهو سبب متكرر لتبرير إجراءات إسرائيلية متكررة ضد القيادة والشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، بما فيها العاصمة الفلسطينية المحتلة!!