طالب خبراء قانونيون، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني، ونشطاء في مجال حقوق الإنسان، في محافظة بيت لحم، برفض قانون الضمان الاجتماعي في صيغته النهائية، وممارسة الضغوط من اجل إعادته إلى الحوار المجتمعي.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمتها نقابة العاملين في جامعة بيت لحم، تحت عنوان "خطوات وقرارات"، بالتعاون مع الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي، ومؤسسة قادر، وحضور ممثلي وفعاليات العديد من المؤسسات الأهلية والرسمية، من نقابات وأكاديميون، سياسيون وقانونيون وحقوقيون ونشطاء مجتمعيون من مختلف القطاعات العاملة في المحافظة.
وشارك في ورشة العمل ممثلاً لنقابة العاملين بجامعة بيت لحم الياس حزين، والمحامي عصام عابدين من مؤسسة الحق، وعضو الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي إياد الرياحي، وممثلاً عن مؤسسة قادر للتنمية المجتمعية جورج منصور.
ورحب منصور بالحضور، وأكد على أهمية توسيع النقاش في موضوع قانون الضمان الاجتماعي، مشيراً إلى أن ذلك يساهم في في بناء الوعي الجمعي الحقوقي في أوساط مختلف الفئات والقطاعات المجتمعية.
وأكد الحزين على أهمية توعية العاملين في مختلف القطاعات، والمجتمع المحلي بقانون الضمان الاجتماعي، مشيراً إلى أن القانون مجحف، ولا يعطي أي نوع من الضمانات الاجتماعية التي تحقق العدالة الاجتماعية، وتسائل كيف لهذا القانون أن يعطي الحقوق دون أن يتماشى مع الحد الأدنى للأجور.
وأشار إلى أن القانون تمت صياغته في الغرف المغلقة، مؤكدا على ضرورة ممارسة الضغط المجتمعي من اجل تعديل القانون، وأننا لسنا ضد القانون، ولكن مع قانون ضمان يعطينا الحد الأدنى من الحقوق المنسجمة مع القانون الدولي.
وقال المحامي عابدين أن قانون الضمان الاجتماعي، قائم على فكرة توفير الحماية لكل فئات وقطاعات المجتمع، وان صيغة القانون التي تم إقرارها كانت نتاج حوار عدد محدود من المهتمين، في الوقت الذي كانت يجب ان تناقش مع أوسع مساحة من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني، مشيرا أن هناك تسعة منافع استثنيت في نص القانون المقر، بينها الشيخوخة، الوفاة، إصابة العمل، الأمومة، التامين الصحي، البطالة، التعويضات العائلية، الأيتام، وذوي الإعاقة.
واستعرض عابدين الملاحظات والمطالب الأساسية على قانون الضمان الاجتماعي، والمواد المراد تعديلها على قرار بقانون الضمان الاجتماعي، والتي تشمل ضمانة الدولة لقانون الضمان الاجتماعي ولأموال المساهمين، تعديل نسب المساهمات غير العادلة بين العاملين وأصحاب العمل، احتساب راتب الوفاة الطبيعية، حيث يجب أن يكون من بداية الالتحاق بالضمان، رفع معامل احتساب الراتب التقاعدي، الاستفادة من الأمومة من لحظة الاشتراك وليس بعد 6 أشهر، تحويل النظام التكميلي إلى نظام اختياري وليس إجباري، وعدم المساس بمدخرات الموظفين، إعادة الاعتبار لدور وزارة العمل في تطبيق القانون، الفصل بين مرحلة التأسيس والتنفيذ لضمان النزاهة وعدم تضارب المصالح، تعديل شروط استحقاق الراتب التقاعدي بما ينسجم وقانون التقاعد العام، وضمان توفير الدخل في حالات الاستغناء عن العاملين. لافتا إلى ان المعايير الدولية تنص على التزام الدول بتنفيذ الحق في الضمان الاجتماعي.
وانتقد الرياحي تجاهل القانون جملة الملاحظات والانتقادات الجوهرية التي أكدت عليها الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي مراراً بشأن آلية إقرار القرار بقانون، الذي أعد في غرف مغلقة، وتجاهل التعديلات الجوهرية، ومن بينها حذف دور الدولة كضامن نهائي للضمان الاجتماعي، وحذف دور وزارة العمل وهي مكون رئيس في ثلاثي أطراف الإنتاج، وتحويل ملايين الأموال المتعلقة بصناديق الادخار وحسابات التوفير إلى الصندوق التكميلي المنفصل تماماً عن إدارة صندوق الضمان الاجتماعي، وغيرها.
واعتبر بأن بعض أعضاء الفريق السابق ممن صاغوا نصوص القرار بقانون، سيطبقونه بأنفسهم في مرحلة التنفيذ، مشيرا الى التضارب الخطير في المصالح مخالف لنصوص وأحكام القانون، إلا أن مجلس الوزراء قد انحاز إلى هذا التضارب في المصالح من خلال تسمية أشخاص شاركوا في صياغة القانون لعضوية مجلس الإدارة القادم.
وأكد على أن تجارب العديد من الدول الأخرى تؤكد صراحة على أن الدولة هي الضامن النهائي لمنظومة الضمان الاجتماعي.
ودعا الرياحي باسم الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي على استمرار مطالبها الأساسية بوقف القرار بقانون، وإعادته لحوار مجتمعي واسع يمثل ويطال كافة الجوانب ذات العلاقة بالضمان الاجتماعي مالياً واقتصادياً، وتنظيمياً وإدارياً، كما وجه باسم الحملة نداءً لكافة المؤسسات والنقابات والأطر والاتحادات والشبكات للمساهمة والمشاركة بفعاليات الحملة، وعلى رأسها الاعتصام السلمي الحاشد الذي سينظم غدا ” الثلاثاء” أمام مقر مجلس الوزراء، للمطالبة بقانون ضمان اجتماعي عادل ومنصف يكفل حياة كريمة ولائقة للعمال والموظفين.
وفي نهاية اللقاء دعا الحضور، الى تنظيم المزيد من الندوات و ورشات العمل للارتقاء بمستوى وعى الجمهور، وتعليق العمل بالقانون، والاستماع إلى صوت المجتمع المدني، والعمل على إجراء التعديلات وتجاوز الثغرات الواردة في نص القانون، فيما أشار نقابيون إلى خطورة تحويل المدخرات، وخاصة مدخرات العمال في سوق دولة الاحتلال، والبالغة حوالي 16 ألف دولار، إلى الصندوق التكميلي “مستقل” ويدار من قبل القطاع الخاص، وتساءل الحضور حول فلسفة القفز على مشاركة المجتمع المدني، في صياغة قانون الضمان الاجتماعي، كحق لمختلف القطاعات، وبما ينسجم مع معايير القانون الدولي؟
ومن جهته طالب الامين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية ورئيس كتلة فلسطين المستقلة في المجلس التشريعي الدكتور مصطفى البرغوثي، باعادة النظر في قانون الضمان الاجتماعي وادخال تعديلات جوهرية عليه بما يستجيب لمطالب الحراك الشعبي ومؤسسات المجتمع الفلسطيني ومطالب العاملين.
وقال البرغوثي إن الكتل البرلمانية لم يؤخذ برأيها في القانون، وقد طالبت بتأجيل نشره الى حين استكمال نقاشه، ومع انه قد نشر فلايوجد ما يمنع من ادخال تعديلات عليه بعد نشره بما يستجيب للمطالب الشعبية، علما بأن تعطيل المجلس التشريعي بسبب استمرار حالة الانقسام يحول دون مرور القوانين بعملية التشريع الطبيعية التي تتيح لمختلف الفئات الاجتماعية التعبير عن مطالبها و مصالحها عبر ممثليها المنتخبين.
وأضاف البرغوثي أن وجود قانون للضمان الاجتماعي مطلب شعبي قديم غير ان الكثير من نصوصه ومواده بحاجة الى مراجعة و تعديل بما يضمن مصالح ومستقبل المستفيدين منه.