نحو مؤتمر دولي للسلام

سميح-شبيب
حجم الخط

بذلت في الأسابيع القليلة الفائتة، جهداً خاصاً بمراجعة وقراءة وثائق أنابوليس، المنعقد بتاريخ 22/11/2007 لعلّني لا ابالغ قولاً، إن هذا المؤتمر، من حيث مواقيت انعقاده، ودواعي هذا الانعقاد، وما نتج عنه من نتائج، يمكن اعتباره من أهم المؤتمرات الدولية، التي عقدت، بشأن الوصول لحل أزمة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي خاصة وأن إسرائيل شاركت به، وأسهمت في صياغة نتائجه... ونحن نعرف، بأن الحكومات الإسرائيلية المتتالية، كانت تستبعد أي أفكار تتعلق بعقد مؤتمر دولي للسلام، أو حتى بأية مشاركة لها، في إيجاد تسوية ما بينها وبين الفلسطينيين، حتى لو جاءت من لدن الولايات المتحدة الأميركية.
انتهى مؤتمر أنابوليس، وبدأت عمليات إعادة رسم للخارطة السياسية في إسرائيل، وصولاً لتمكن نتنياهو، ومن معه، من عتاة اليمين، والمستوطنين، من اعتلاء سدة الحكم، وبالتالي استبعاد فكرة «دولتين لشعبين»، وتوقف المفاوضات، وبذل أقصى وأشد الإجراءات الإسرائيلية، لفرض حل، على الفلسطينيين من الجانب الإسرائيلي.
لاحت في الأفق، ملامح مبادرة فرنسية، لعقد مؤتمر دولي للسلام، وبالمقابل، لم يلق ذلك أي ترحيب من الجانب الإسرائيلي، في وقت رحب بتلك الفكرة الجانب الفلسطيني، مذكراً بنتائج مؤتمر أنابوليس للسلام.
هنالك جدية لدى الفرنسيين في طرح فكرة المؤتمر الدولي للسلام، وهنالك جهود فرنسية تبذل على أعلى المستويات. 
الفلسطينيون يجدون بالمبادرة الفرنسية، مبادرة تستحق الدعم والتأييد، خاصة، وأنهم مع إخوتهم العرب، يبلورون مشروع قرار سيقدم لمجلس الأمن، بشأن الاستيطان، كمخالفة واضحة وصريحة، للقانون الدولي، ولعله بات واضحاً الآن، أن موقف الولايات المتحدة، في مجلس الأمن سيكون غير مبرر، فيما إذا أقدمت على استخدام حق الفيتو.
المبادرة الفرنسية، تحتاج إلى جهود إقليمية ودولية، لبلورتها وإحكام مجرياتها ونتائجها، لعلّ أهمها، الاستناد إلى مقررات مجلس الأمن، وقواعد القانون الدولي. 
هنا يبرز الدور الروسي، روسيا هي الدولة الأولى، التي سبق أن دعت لعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، وروسيا الآن، باتت لاعباً أساسياً ورئيساً في الشرق الأوسط، ولروسيا علاقات وطيدة وتاريخية مع الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة، كما ولأوروبا، مصالح حيوية في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، خاصة وأنها باتت تدرك، بأن لا سلام ولا استقرار في الشرق الأوسط، دون تسوية عادلة ودائمة على الجبهة الإسرائيلية ـ الفلسطينية.
الظرف الذي بادرت فرنسا إلى طرح مبادرتها فيه، هو ظرف مؤاتٍ بكل المقاييس، فالأزمة السورية على طريق الحل، والتعنت الإسرائيلي على أشده، والفلسطينيون، وبدعم ومساعدة ومشاركة العالم العربي، يقومون بإعداد مشروع قرار يدين الاستيطان، وهو العقبة المركزية أمام المفاوضات، قيد الصياغة النهائية. 
هنالك أزمة في المفاوضات، ومسار عملية السلام ا

لفلسطيني ـ الإسرائيلي، والأزمة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، على حد سواء، ولا حل مطروحا، سوى عقد المؤتمر الدولي للسلام. 
لكن ومع أهمية ذلك، وكي لا يتكرر أنابوليس ـ ثانية، لا بد للمبادرة الفرنسية، من بلورة أشمل وأعمق، تشارك بها دول لها تأثيرها ووزنها في الشرق الأوسط، وأولها روسيا، ولا بد من مرجعيات دولية، وفي المقدم منها، القراران الدوليان 242 ـ 338، ولا بد من مساعدة مجلس الأمن، خاصة فيما يتعلق بالموقف الدولي من الاستيطان!
لا يمكن التوصل لتسوية فلسطينية ـ إسرائيلية، ثنائياً، دون مساعدة دولية، ولعل فكرة المؤتمر الدولي للسلام، هي الإطار الأنسب، فيما إذا تحولت المبادرة الفرنسية، إلى مبادرة ذات طابع إقليمي ودولي، له أسسه ومرجعياته القانونية الدولية.