تعتبر الأخلاق من أهم العناصر التي تعمل على تكوين الفرد المثالي، وهي التي تنعكس على المجتمع ليبدو أكثر تقدمًا و رقيًا، لذا فقد حرص الإسلام على تهذيب المجتمع، فالأخلاق الحسنة هي التي تصون المجتمع من الانحلال والضياع ، والأمم لا تقوى ولا تنهض إلا بها .
وللأخلاق في ديننا مكانة خاصة ومنزلة رفيعة، فقد بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتمم مكارم الأخلاق في واقع الناس وسلوكهم، وهذا مدلول قوله- صلى الله عليه وسلم-: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ، وعبر ابن القيم - رحمه الله - عن أهمية الأخلاق بقوله : "الدين الخلُق، فمن زاد عنك في الخلق زاد عنك في الدين، ومن نقص عنك في الخلق نقص عنك في الدين".
وقد خصّ الله تبارك وتعالى آخر الأنبياء، محمّد صلّى الله عليه وسلـم، بهذا الفضل الكبير، وهو فضل جمع محامد الأخلاق ومحاسن الآداب، فيقول في كتابه العزيز: "وإنك لعلى خلقٍ عظيم"، مما يدلل على أنّ رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلـم - قد تحلّى بهذه الأخلاق الحميدة، وقد استطاع أن يجمعها في شخصيّته عليه الصلاة والسلام.
وحتّى يكون الانسان صاحب خلقٍ حسن، يجب أن تتوفّر فيه صفات عديدة وكثيرة، وقد تكون أبرز هذه الصفات الاتّصاف بالحياء، وذلك لأنّ الحياء يحكم صاحبه، فتعف نفسه عن فعل ما يخدش هذا الحياء الّذي اتّصف به، كذلك عدم القيام بإيذاء الآخرين، وأن يكون كثير الصّلاح ، صدوق اللسان، وهاتان الصفتان من أهم الصفات التي يجب أن تتوفر في صاحب الخلق الحسن، وأن يكون قليل الكلام وكثير العمل، وقليل الزلل والفضول، وأن يكون أيضاً بارّاً بوالديه، واصلاً لرحمه، وللصالحين من حوله، وأن يكون وقوراً وصبوراً، وأن يكون حليماً وراضياً وشكوراً، وأن لا يكون لعّاناً ولا فحّاشاً ولا شباباً، ولا نمّاماً، ولا حسوداً، ولا مغتاباً، وأن يكون حبه لله وكرهه من أجل الله، وأن يكون غضبه من أجل الله عزّ وجل، وأن يحرص على رضى الله تبارك وتعالى .
فلو تخيلنا مجتمع لا يحترم فيه أحد الآخر، كما ترك الكل أخلاقه، سنجد أن هذا ينتهك حرمة بيت هذا ويهتك عرضه، كما أن سوف يقوم بالتعدي على حقوق هذا دون أن يشعر بأدني ذنب، الأمر الذي يعني فساد المجتمع وتهتك العلاقات لأبعد حد، فإن بقيت الأخلاق صلح المجتمع، وذلك على قول الشاعر أحمد شوقي :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن ذهبت اخلاقهم ذهبوا