لا يتغير الناس بتغيير ملابسهم أو أسمائهم او ملامح وجوههم أو حتى لغتهم، ونقصد هنا المدعو أبو محمد الجولاني الذي اصبح أحمد الشرع، وغيّر معه اسم تنظيمه الإرهابي جبهة النصرة الذي أصبح تحرير الشام، وغيّر ملابسه من ما يسمى "الزي الإسلامي" إلى ما يسمى "الزي الإفرنجي"؛ الجاكيت والبنطلون وربطة العنق . هناك ملايين المسلمين ما زالوا يعتقدون ان الدشداشة والعمامة هي الزي الإسلامي، وكأن الناس قبل الإسلام كانوا يلبسون في الجزيرة العربية والروم والفرس بنطلوناً وجاكيتاً.
يتغير الناس في جوهرهم؛ أفكارهم، ومعتقداتهم، وإيمانهم، ومضامينهم، التي بدورها تعكس تصرفاتهم وأفعالهم وأهدافهم وطرائقهم في تحقيق كل ذلك. شخصياً لا أقلل من تغيير الشكل مقدمة لتغيير المضمون والجوهر، لكن قبل كل شيء علينا دائماً أن نسأل عن حقيقة هذا التغيير الشكلي، وما هي أسبابه الحقيقية و الدوافع التي أدت اليه؟
السؤال الأول: هل هناك من يصدق أن تنظيم النصرة أو تحرير الشام سيتحول من تنظيم ديني إرهابي إلى نظام علماني أو ديمقراطي تحفظ فيه حقوق الناس في حرياتهم ومعتقداتهم، واختيار ممثلهيم كل أربع سنوات مرة، قد كانت النصرة وداعش حتى وقت قريب تجبي الجزية من غير المسلمين وتقيم الحد على العلمانيين والاشتراكيين والشيوعيين، وتحلل سبي النساء ونكاح الأمات وعرضهن في الأسواق للبيع والشراء؟!
أما السؤال الثاني: فهو المتعلق بأمريكا، التي وقفت خلف إنشاء منظمة داعش والنصرة، الأولى للقضاء عليها، والثانية لترويجها وتعميمها وتسليمها الحكم في سوريا، والإيعاز دولياً وإقليمياً الاعتراف بالشرع الجديد والنصرة الجديدة، حتى قبل أن ترفع عنهما صفة الإرهاب وقانون قيصر. هل هذه الأمريكا تغيرت كي نقول أن النصرة والجولاني قد تغيرا ؟!
تقول الرواية أن رجلاً عادياً، عرج على منزل مشرعة أبوابه لإقراء الطعام بمناسبة فرح أو حزن ، فلما لاحظه أهل البيت بلباسه البسيط، أجلسوه في الخارج، و قدموا له الطعام في صحن واحد، أكل وشبع وشكر غادر. ثم ذهب إلى البيت ولبس بذلة نظيفة لائقة ملفتة للنظر، فدخل، فهلّ به أصحاب البيت وبشّوا، وقادوه إلى صدر البيت حيث يجلس عليّة القوم، وأحضروا صحنا للطعام وصحناً للمرق، وملعقة نظيفة، وقالوا له تفضل . فأمسك بالملعقة، وبدأ يغرف من المرق ويسكب على البذلة، وعندما سألوه أنه يسكب على البذلة، قال هذا الطعام للبذلة، أما أنا فتناولت طعامي قبل قليل. هل سمع أحد منا ان الجولاني القديم أو الشرع الجديد يطري سيرة تحرير فلسطين بكلمة ؟
هل هناك من يصدق أن تنظيم النصرة أو تحرير الشام سيتحول من تنظيم ديني إرهابي إلى نظام علماني أو ديمقراطي تحفظ فيه حقوق الناس في حرياتهم ومعتقداتهم؟!