إسرائيل بحاجة لطرح مبادرة سياسية.. عاجلاً

yhwdyh_aldwlh9439
حجم الخط

توجه إليّ محامٍ يهودي، وهو أحد المحامين المهمين في واشنطن، قبل بضعة أيام، بعد محاضرة. 
فهو يحب إسرائيل، يدافع عنها في كل محفل، يساهم في مبادرات الشباب الذين يكافحون ضد الحملات ضدها في الحرم الجامعي، وهو محبط ايضا؛ فقد سأل لماذا لا تبادر إسرائيل لشيء.
هو ضليع في المادة. يعرف أن الجمود ليس بذنب اسرائيل. 
يعرف على نحو ممتاز أن "حماس" تريد تصفية اسرائيل، وهو ضليع بالسلوك الملتوي لابو مازن والسلطة الفلسطينية، ولكنه يجد صعوبة في اقناع الشباب اليهودي. فبعضهم يتوجه الى "جي ستريت"، وآخرون يتخذون اتجاهات أسوأ بكثير.
فلو كان نتنياهو يبادر لشيء ما بالنسبة لغزة، بالنسبة لتجميد البناء في المستوطنات، على الاقل خارج الكتل، كما يقول، فان هذا سيضيف الكثير من النقاط للكفاح ضد كارهي اسرائيل. 
هذا يثبت أن اسرائيل، بقدر ما يتعلق الامر بها، تحاول تحديد اتجاه ايجابي. ولكن اسرائيل، هكذا اشتكى، لا تفعل الشيء الابسط والاكثر ضرورة ضد الـ BDS. وبعد اسبوع من المحاضرة بعث لي برسالة عبر البريد الالكتروني تحمل توجيها لخبر عن القرار الاخير حول زيادة البناء في "المناطق". وسأل، هل جن جنون حكومة اسرائيل؟
وفي اليوم ذاته بالضبط، بالصدفة، تلقيت رسالة الكترونية من ضابط كبير في الاحتياط، أرفق طية ورقة عمل رفعها في اطار الدراسات الاستراتيجية. وعنيت الورقة بقطاع غزة فقط. فقد حلل الخيارات التي تقف امامها اسرائيل. فالانفجار لا بد سيأتي. والمسألة هي فقط مسألة وقت. ومن الواضح أن مخزون الادعاءات ضد إسرائيل سيشكل مدافع للدعاية: هذا بسبب الاغلاق، بسبب اليأس، بسبب الخنق، بسبب أن القطاع هو "السجن الأكبر في العالم" وباقي الخضراوات. وبالتالي فقد تساءل الضابط لماذا لا نستبق الوباء بالوقاية؟
لماذا لا نخرج بمبادرة لانقاذ القطاع؟ شيء ما كبير ودراماتيكي، بما في ذلك رفع الاغلاق، فتح ميناء، استثمارات اقتصادية، وغيرها وغيرها. بشرط واضح: تجريد القطاع، مثلما اقترح الاتحاد الاوروبي في الماضي، في ظل قبول شروط الرباعية (الاعتراف باسرائيل، وقف العنف والاعتراف بالاتفاقات السابقة). هذه هي شروط الاسرة الدولية – الامم المتحدة، الاتحاد الاوروبي، الولايات المتحدة، وروسيا.
لا حاجة لانتظار مبادرة دولية أو ضغط أو حملات ضد اسرائيل. 
ينبغي المبادرة. فالحديث يدور على حد ما كتبه عن وضع يكون فيه الكل رابح (Win - Win). 
فاذا كان الجواب من الجانب الفلسطيني ايجابيا فان اسرائيل ستربح. 
واذا كان الجواب سلبا فالمسؤولية ستقع على الفلسطينيين، فمع أن ناكري اسرائيل الثابتين سيواصلون شعارهم الدائم بأن اسرائيل هي المذنبة، ولكنّ هناك كثيرين آخرين. هذه المبادرة هي أمر الساعة: فهي نهج انساني ومصلحة وطنية على حد سواء.
المحامي من واشنطن والضابط الكبير محقان. فالكفاح ضد الحملة المناهضة لاسرائيل في الحرم الجامعي في الولايات المتحدة ليس بسيطا. فالادعاءات ضد اسرائيل تبدو منطقية، لأن الإحساس هو أن اسرائيل لا تفعل شيئا. لقد حاضرت في الاسابيع الاخيرة في العديد من الجامعات، في الكنس، وفي المراكز الجماهيرية. استمعت لأصوات متنوعة، بما في ذلك من هم قلقون. فلا يكفي القول ان الفلسطينيين رفضوا كل عرض للسلام وان الانسحاب الاسرائيلي من شأنه أن يجعل الوضع اسوأ. 
كل شيء صحيح، ولكنه لا يلغي التساؤلات الصعبة. فلن يكون من الخطأ القول إن 90 في المئة من يهود الولايات المتحدة يجدون من الصعب فهم المنطق الكامن في استمرار مشروع الاستيطان، ويجري الحديث عن نشطاء من أجل اسرائيل.
إن تصميم الحكومة على معالجة حملة المناهضة لاسرائيل هو خطوة في الاتجاه السليم. 
ولكن الاعلام وحده، مع كل الاحترام، ذو تأثير محدود. ثمة حاجة ايضا للسياسة. لعرض نية طيبة.
لقد خصصت الحكومة 100 مليون شيكل للصراع ضد الحملة المناهضة لاسرائيل. غير أن هذا مال قليل. فمبادرة اسرائيلية ستساوي قيمة 10 مليارات دولار على الاقل. فلماذا، بحق الجحيم، لا يفهم رئيس وزراء اسرائيل ما يفهمه محبو اسرائيل؟ لماذا يصر على عدم عمل شيء؟ لماذا يصر على مساعدة الـ BDS ؟.