نستطيع ان ننظر للجزء الفارغ من الكوب، نستطيع ان نرفع درجة الشك وعدم اليقين كما شئنا، نستطيع ان نلقي على كاهل من شئنا عبء كل شئ ونعفي انفسنا من المسؤولية، نستطيع ان نلبس نظارة سوداء ونرى فيها سودواية الواقع المعيش.
اجزم اننا لا نعيش في واقع وردي لا سياسيا ولا اقتصاديا ولا تربويا ولا ثقافيا ولا على مستوى التحليل والرؤية المستقبلية، نعم نعيش امام مفصل تاريخي سيؤثر علينا عشرات السنوات مستقبلا ونحن لا نحسن صنعا معه، نعرف أن المزارع لديه ما يكفيه والصناعي لديه ما يزيد عما يكفيه ليحمل عبئه، ونعلم ان الاستيراد والتصدير مشكلة المشاكل، نعلم أن البيئة الناظمة للقطاعات ليست محفزة ومنظومة القوانين ان كانت ملائمة فأن انفاذها ضعيف وأن كانت لا تلبي الحاجة تصبح المشكلة مضاعفة.
اعلم اننا نظريا نستطيع القول اننا نتمتع بميزات تضاهي مميزات مجتمعات أخرى، ولكننا طوعا منا جميعا خفضنا سقفنا في امكانية التصدي للواقع المعاش والضغط والتأثير عليه ليصبح ايجابيا أو قريبا من الايجابي سياسيا وحزبيا وثقافيا واكاديميا وتربويا، قرار مقاطعة الشركات الخمسة الإسرائيلية على اعتبار انه قرار حكومي جئنا لتنفيذه بسقف هابط بالكامل كان الهدف من السقف المنخفض لادوات التنفيذ تنفيس القرار من هنا ومن هناك وبشكل اساسي تضخيم اثر احتجاجات موزعي منتجات الشركات الخمسة، فتارة تدخل علينا احداهن لتلوح برزمة اوراق بيدها وكأنها تمتلك مفاتيح ووثائق لا نملكها، وتارة تسرب معلومة أن هذا التنفيذ يضر بفسيفساء المجتمع الفلسطيني.
في الوطن ما زال هناك من يظن أن على رأسه ريشة لا تجيز لأي كان المس بمحيط دائرته، ان غش في جودة مدخلات انتاجه من سلع اساسية لا يمكن الاستغناء عنها من قبل أي مواطن بغض النظر عن فئته العمرية وجب على المجتمع ان ينبري للدفاع عنه وعن مصنعه وعن مجلس إدارة الشركة وعن طواقم الشركة لأن على رأسه ريشة ولديه مساهمون ومستثمرون وافصاحات يجب ان يؤخذوا بالحسبان وبنمون على المواطن، بينما ذات الجرم واقل منه كثيرا قد تكون ابعاده معقدة على كل الصعد لأن ذاك رأسه لا يركب عليه ريش. وشركائه من ذات الاسرة لديهم قدرة احتمال ولن يتضرروا كما يتضرر ابو ريشة.
في الوطن تستطيع ان تشكل فريقا وطنيا لمتابعة هذه القضية أو تلك وتجهز درسك بشكل جيد وتصنع شبكة اصدقاء وحلفاء من أجل التصدي لهذا الملف أو ذاك، وغالبا ما يكون هذا الفريق شبيها تماما بلجان تقصي الحقائق التي لا تنتهي، وعند النظر في البيئة الناظمة لهذا القطاع أو ذاك نجد انها لا تمنح الاهمية اللازمة لبحثها وتعديلها والتأثير عليها ايجابيا.
اعلاميا تجد أن وسائل الاعلام باتت تعتمد اخبار العلاقات العامة "" صحافة التشريفات "" وبالتالي فأن الاعلام ليس مؤهلا للاجابة على استفسار الرأي العام بالنسبة لبكرا شوا؟؟؟ هي عبارة عن مجموع اخبار والغالبية العظمى اعلانات تدخل في مجال المجاملة والتودد.
بات لدينا من يسعى لاصلاح وانجاز الالفة بين الناس يجب ان ينشر اعلانا كبيرا يوضح ماذا فعل وهذا الأمر كان يقوم به العشرات في الانتفاضة الاولى الكبرى 1987 ولم يكن هناك من يعلن ومن يمجد دوره.
باختصار ... نحن كمجتمع بالامكان ان نكون افضل ولكن حتما عندما نعطي القوس باريها، عندما ندرك اهميتنا وحجم تأثيرنا، عندما نتخلص من النفاق الاجتماعي، عندما ندرك ان الاقتصاد تعبير مكثف عن السياسة، عندما نقتنع ان الاحتجاج ليس تخوينا،ورئيثما يتقن البعض انه ليس صاحب فضل على الناس وانه ليس فوق المساءلة والمحاسبة، علينا ان ندرك ان التغير اساسه التربية والتعليم والاعلام والمنظومة الثقافية، يجب ان ندرك ان تطوير مضمون خطبة الجمعة في المساجد مدخل اساسي للاجابة ومواجه تحدي سؤال " بالنسبة لبكرا شو؟!.