حول اتفاق المناخ العالمي وإستراتيجية التوجه إلى الطاقة المتجددة

05110183010569508383113123343322 (1)
حجم الخط

مع انتهاء انعقاد قمة المناخ العالمية في نيويورك هذا الأسبوع، وتوقيع فلسطين ممثلة بالرئيس أبو مازن، بالإضافة إلى حوالى 175 من زعماء ورؤساء وقادة العالم على وثيقة «قمة المناخ في باريس»، التي تم التوصل إليها بعد مفاوضات مضنية وشاقة قبل عدة أشهر في العاصمة الفرنسية، يجدر التذكير أن الهدف من هذا التوقيع هو إنقاذ الأرض أو المناخ أو النظام البيئي العالمي من تدخلات الإنسان ونشاطاته، وذلك من خلال الحد من استخدام المصادر التقليدية للطاقة من نفط وفحم وبترول، ومن ثم الحد من انبعاث الغازات الملوثة إلى طبقات الجو، وبالتالي الحد من الاحتباس الحراري ومن التغيرات المناخية العنيفة التي حدثت وتحدث في العالم نتيجة لذلك، وبالتالي وضع الاستراتيجيات والحوافز للتوجه إلى مصادر الطاقة الخضراء النظيفة المتجددة، مثل الشمس والرياح والمياه والغاز وما إلى ذلك. وفي فلسطين، وكذلك في العديد من البلدان الأخرى، التي تسطع فيها الشمس لساعات طويلة خلال النهار، وحتى يستمر دفؤها خلال الليل، تمتاز بإمكانية الحصول على طاقة هائلة نظيفة رخيصة، لا تنعم بها الكثير من الدول، أو المناطق في العالم، واستغلال هذه الطاقة، سواء من خلال تسخين المياه، وبالتالي الحصول على المياه الدافئة للاستخدامات المنزلية، أو من خلال تجميع وتخزين وتحويل طاقة الشمس إلى طاقة كهربائية نظيفة ومستدامة، وبالتالي استخدامها لأغراض الإضاءة أو أي مجالات أخرى نحتاج فيها إلى الطاقة. وفي دول متقدمة وتحتاج إلى الطاقة، ولا تملك مصادرها التقليدية من بترول ومن فحم حجري، والتي تعتبر البيئة من جل اهتمامها، قامت وما زالت تواصل الاستثمار في مصادر طاقة متجددة ونظيفة ومستدامة ولا تنضب، ومن هذه الدول ألمانيا التي باتت تحصل على اكثر من ثلث حاجتها من الطاقة من مصادر طاقة نظيفة مثل الرياح والشمس والغاز والمخلفات العضوية وغيرهما. واستغلال طاقة الشمس، يعتبر أولوية وطنية، وبالأخص في بلادنا، حيث ما زلنا نشتري غالبية الكهرباء والطاقة، أو الوقود غير النظيف للطاقة، وبأسعار مرتفعة، وبشروط وبقيود وبتهديدات متنوعة، وما زلنا نعتمد وبشكل شبه كامل، على الآخرين في الحصول على مصدر حيوي للبشر ولنشاطات البشر، وهذا الاعتماد مكبل بالمتغيرات السياسية والاقتصادية وما يتبعهما. وصحيح أننا بدأنا أو قمنا بتدشين بعض المشاريع، أو المحطات التي من المفترض أن تعمل من خلال الطاقة الشمسية، أو من خلال الخلايا التي تقوم بامتصاص وتجميع ومن ثم تحويل طاقة الشمس، إلى طاقة كهربائية، وصحيح أنه لا يكاد يخلو بيت في بلادنا، من وجود الخزانات الشمسية على أسطح البيوت، وبالتالي يتم الحصول على المياه الساخنة مجاناً وبشكل نظيف، ولكننا وحتى الآن، لم نقم باعتماد استراتيجية وطنية، من خلال التوجه نحو مصادر الطاقة النظيفة، سواء أكانت شمسا أو رياحا أو غازا أو من مخلفات عضوية أو غيرهما، وهي البديلة للمصادر الحالية من فحم وبترول، المضرة للبيئة، ولم نقم بالزخم المطلوب من اجل إيصال الفكرة إلى قطاعات الناس المختلفة، سواء القطاع العام وبمؤسساته، أو القطاع الخاص، والذي وفي دول أخرى يستثمر وبكثافة في مصادر الطاقة المستدامة، أو حتى إلى مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والمدارس والمواطن العادي. ودون شك أن قيام شركة الكهرباء الإسرائيلية من فترة إلى أخرى بالتلاعب بتزويد مناطقنا بالكهربا، من خلال قطع التيار الكهربائي عن بعض المناطق وبغض النظر عن الأسباب، هو إجراء مؤلم ومحزن ويظهر مستوى الاعتماد الذي وصلنا إليه، لأن الكهرباء أصبحت جزءا أساسيا من حياة الناس، سواء على صعيد البيت أو المواطن، أو على صعيد المصنع والمزرعة والمكتب والمشروع، ولكن وفي نفس الوقت، فإن هذا العمل، هو فرصة لنا للتفكير وبشكل جذري أو بشكل بعيد المدى في كيفية التخلص أو على الأقل في أساليب للتخفيف من الاعتماد، على الجانب الآخر، والذي اصبح يستخدم هذه الاعتماد وهذه القيود كأوراق للضغوط بأنواعها المختلفة، سواء أكانت السياسية أو المالية أو الاقتصادية، أو حتى النفسية.   ومعروف أن نسبة اعتمادنا على إسرائيل في الحصول على الطاقة والكهرباء وما ينتج عنهما، تزيد على اكثر من 90% من مجمل استهلاكنا للطاقة، وبالإضافة إلى القيود الكثيرة التي يمثلها هذا الارتباط القسري والاعتماد غير الصحي، فإن لذلك تبعات مالية من حيث الأسعار المرتفعة، وتبعات بيئية من حيت الاستمرار في استخدام مصادر الطاقة التقليدية، أي البترول والفحم وما يصاحبهما، وما ينتج عن ذلك من تلويث للبيئة بكافة مصادرها، وحتى أن لهذا الاعتماد تبعات تتعلق، بإمكانية التخطيط والبناء والتنمية، والأهم التنمية المستدامة، أو التنمية بعيدة المدى، أي التي لا تتقيد بشروط وبمصادر وبأهواء الآخرين، وبالأخص حين يكون هذا الاعتماد على مصادر طاقة مستنزفة أو متآكلة أو متناقصة باستمرار. والبديل عن هذا الاعتماد، ولو بشكل تدريجي، هو الاتجاه، ومن خلال استراتيجية وطنية شاملة وملزمة ومحمية بقوانين وتشريعات، ومن خلال تشجيع التكنولوجيا والمبادرات والخبرات، ومن خلال الحوافز والدعم، إلى مصادر الطاقة المستدامة أو المتجددة، أو الصديقة للبيئة أو النظيفة، أو مصادر الطاقة الخضراء، ومنها الشمس والرياح والمياه والغاز وما إلى ذلك من مصادر نستطيع أن ننتجها ولو بشكل تدريجي أو تراكمي، وفي نفس الوقت نستغني وبشكل تدريجي عن مصادر طاقة، تكبل ايدينا وتستنزف أموالنا وتلوث بيئتنا، وتقيدنا سياسيا وماليا واقتصاديا ونفسيا، وما يترتب على ذلك، ومن ثم استغلال طاقة الشمس المجانية. حيث يمكننا استغلالها من خلال التوجه نحو البناء الأخضر، سواء من خلال تصميم البيوت والمباني والمنشآت والمصانع، أو من خلال الحصول على التدفئة وتسخين المياه، أو من خلال استخدامها وتحويلها إلى طاقة في الصناعة، أو من خلال تحويلها إلى الإضاءة، أو من خلال استخدام هذا المصدر من الطاقة الصديق للبيئة، في التخلص من النفايات، أسوة بما بدأت تقوم به الكثير من الدول، والتي لا تملك الشمس بمستوى السطوع، أو بالفترة الزمنية التي نملكها نحن.