المتتبع لكافة وسائل الاعلام الفلسطينية المقروءة والمرئية والمسموعة والمواقع الالكترونية إلا ويجد بها مقالاً أو أكثر من الصحافة العربية أو من الكتاب العرب من كبريات الصحف العربية , فمثلاً لا يمر يوم إلا ونقرأ مقالاً لكتاب لبناني في الصحف اللبنانية الكبيرة أمثال النهار أو السفير , ليناقش به وضع لبنان ووضع الحكومة اللبنانية وكذلك عن صحف تميل الى السعودية كالشرق الأوسط وصحف مصرية ... الخ , وكأن القارئ الفلسطيني لا يكفيه همومه اليومية اذا كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية , ولكنه يتتبع أخبار الأخوة العرب في كافة أنحاء المعمورة , وكأنها عادة اعتاد عليها الفلسطيني , أو كأن الفلسطيني ما زال يحلم منذ النكبة وهو ينتظر التواصل العربي وبناء القوة العربية كي تكون نصيراً له في يوم من الأيام لتحرير فلسطين.
هل هذا قدرنا نحن الفلسطينيين أن نحمل على كاهلنا كل الهم العربي؟ هل لأننا متواجدون في كل بقعة في الوطن العربي ؟ أم هي طبيعة الفلسطيني الذي يحلم أن يكون على دراية تامة بكل ما يحيط به وخاصة الوضع في الدول العربية الشقيقة أو كما كانت تسمى شقيقة ؟!
أذكر في الانتفاضة الأولى كان حذر التجوال يفرض على غزة طوال الليل , ففي الانتخابات الاسرائيلية التي حصلت في الثمانينات من القرن الماضي , كان لا يوجد فضائيات بل كنا نحن في غزة أمامنا ثلاث محطات تلفزيونية , اسرائيل ومصر والأردن أيام الهوائي المركزي "الايريال" وكنت اتابع الانتخابات الاسرائيلية بشغف واتابع الاحزاب الاسرائيلية من يسارها الى يمينها , واذا بجرس البيت يدق ليلاً وكان الجيش الاسرائيلي على الباب , ودخل البيت للتفتيش , ورأى ضابط الدورية التلفزيون مفتوح على القناة الاسرائيلية الثانية التي كانت تبث نتائج الانتخابات , فقال لي الضابط انت تتابع الانتخابات الاسرائيلية قلت له نعم اتابعها جيداً وقد أكون أعرف عن أحزابكم أكثر منك , وبدأ يناقشني في الانتخابات والأحزاب الاسرائيلية وقد كانت مفاجئة بالنسبة له معرفتنا نحن الفلسطينيين الى هذا الحد الدقيق بتكوين الأحزاب وسياسات الأحزاب الاسرائيلية.
هذا يدل على مدى تعلقنا بكل ما يحيط بنا كشعب شُرّد ونُفِي ودُمر, ورغم ذلك ما زال يحلم بحلمه الكبير الذي بدأ يصغر شيئاَ فشيئاً حتى أصبحنا نحلم أن يتوحد الشعب الفلسطيني وينتهي الانقسام بيننا, ونحلم أن يتوحد الشعب اللبناني ويقوم بتكوين حكومة له , وأن يتوحد الشعب السوري ويختار قيادة واحدة له , وأن يتوحد الشعب اليمني , والشعب الليبي , والشعب العراقي , وكل الشعوب العربية , ولكن حقاَ نحن كشعب عرف معني التشرد والانقسام أن يحلم بالحلم الكبير وهو وحدة الأمة العربية.