عشرات قطع الأراضي لبناء 43 وحدة سكن عرضت للعطاء في العفولة. نظم المهندس محمد مكاري مجموعة وكل واحد من أعضائها اقترح 255.555 شيكلا. وقد فازوا في العطاء ولكن المحكمة المركزية في الناصرة ألغت القرار. ليس بسبب الاشتباه بأن محمد مكاري هو عربي، بل بسبب الاشتباه بأن هذا احتكار وأنه تم تنسيق الأسعار. أولئك من بين سكان العفولة ممن تخوفوا من إقامة "قرية عربية" في المدينة العبرية هتفوا فرحا. فهل كانت فرحتهم سابقة لأوانها؟ هل المشروع العربي التالي، الذي قد يكون أكثر ذكاء وأقل كسلا، ويقترح أسعارا أعلى من سعر السوق ولكنه ليس مشابها تماما – يمكنه أن ينال العطاء قانونيا؟ هل يوجد سبيل لمنع تحول كل مدن إسرائيل إلى مدن مختلطة أم ربما هذه نية عنصرية ستجعل إسرائيل دولة أبرتهايد؟ قبل بضع سنوات اشترت الوكالة اليهودية والصندوق القومي 12 مبنى مهجورا في فقيعين، قرية عتيقة في الجليل لم يتوقف الاستيطان اليهودي فيها ألفي سنة. وقد اشتريت المباني من أجل ترميمها وإسكانها باليهود. في تشرين الأول 2007 اندلعت هناك اضطرابات دموية قاسية. وفرت الشرطة بالنجاة بجلدها، دون أن تنجح في الدفاع عن اليهود، فأحرقت بيوتهم وسياراتهم، وفي أعقاب الاضطرابات ترك السكان الجدد القرية، باستثناء باقية أخيرة عن السكن اليهودي العتيق فيها: مرغليت زيناتي. يحتمل أن يكون أولئك السكان الذين عربدوا في القرية (في حينه قيل أن حزب التجمع الديمقراطي كان مشاركا في تحريضهم) ينتظرون موتها كي يعلنوا القرية نقية من اليهود. فهم لم يدعوا اليهود يشترون فيها أملاكا والسكن هناك، ينبغي الافتراض بأن هذا سيكون مصير كل مجموعة شراء يهودية ترغب في أن تشتري بيوتا في شفا عمرو أو في سخنين. لنخرج من الحالة التفصيلية ولنحاول النظر إلى الصورة الأكبر. في المثلث الذي أضلاعه بلاد إسرائيل، دولة إسرائيل والديمقراطية – نحن نجد صعوبة في الحفاظ على وحدة الأضلاع الثلاثة والمساواة بينها. أولئك المخلصون لبلاد إسرائيل الكاملة، وحتى في صيغتها الضيقة – من النهر إلى البحر – ويريدون التمسك أيضا بتعريف دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، يجدون أنفسهم مرات عديدة يقلصون طول الضلع الديمقراطي. شيطان ديموغرافي سيحوم كالتهديد على الأغلبية اليهودية في الدولة إذا ما انطبق القانون الإسرائيلي على يهودا والسامرة. وسواء تبنينا التوقعات الديموغرافية لارنون سوفير أو سيرجيو دي لا فرغولا (التي تتوقع في المستقبل المساواة بين عدد اليهود وعدد العرب) إن فضلنا الحسابات الديموغرافية ليورام اتينغر وتسيمرمان (التي تقول إنه ستكون نسبة نحو 40 في المئة عرب و60 في المئة يهود، وأنا اقتنعت بمعطياتهم) فإن الأغلبية اليهودية الصلبة ستقل. وعندما يكون حتى رئيس حزب العمل/المعسكر الصهيوني لا يريد أن يعد من بين "محبي العرب" دون أن نذكر مؤيدي لا فاميليا، يجد انفسهم أولئك الذين يطالبون "بالسيادة الآن" بين النهر والبحر يضطرون إلى التخلي عن عناصر معينة في النظام الديمقراطي الليبرالي الفائق الذي تتمسك به إسرائيل، وتبني نظام ديمقراطي مختلف. قبل 69 سنة بالضبط زارت البلاد لجنة UNSCOP. وكانت أرسلت اللجنة لرفع توصية إلى الأمم المتحدة حول حل لمسألة بلاد إسرائيل بعد أن أبلغت بريطانيا المنظمة بأنها تسحب يديها من الانتداب الذي اعطي لها كي تقيم هنا وطنا قوميا لشعب إسرائيل. "اللجنة الخاصة لشؤون فلسطين" أوصت بمشروع التقسيم الذي تبنته الجمعية العمومية في 29 تشرين الثاني 1947. كما أنها أعطت رأيها في المشكلة التي خلقها المشروع. في الدولة اليهودية التي كانت ستقوم كان 600 ألف يهودي و450 ألف يهودي. وقد فهموا أن الدولة اليهودية لا يمكنها أن تعيش بحضور أقلية كبيرة ومعادية كهذه وأوصوا بالفصل بين المواطنة والإقامة: العرب في الدولة اليهودية سيكونون سكان الدولة اليهودية ومواطني الدولة العربية. وهكذا لن يصوتوا للبرلمان اليهودي، ولن يتمكنوا من تغيير الطابع اليهودي للدولة، علمها، نشيدها وقانون العودة فيها. وبالتطبيق على أيامنا هذه، يمكن الحفاظ على وحدة البلاد بين النهر والبحر. يمكن أن تقام فيها دولة يهودية بعض سكانها ذوو مواطنة أخرى، أردنية فلسطينية، تماما مثلما هم عشرات الملايين من سكان الولايات المتحدة ليسوا مواطنين. بالضبط مثلما ستضطر دول أوروبا لعمله إذا لم يتوقف طوفان المهاجرين. الديمقراطية لن تموت، وهي ستكيف نفسها مع الظروف. في الماضي كان في إسرائيل من آمنوا بأن الترحيل للعرب يمكن أن يحل المشكلة. وبينهم أيضا قادة اليسار الصهيوني في البلاد قبل 80 سنة. ولكن ما كان ممكنا في العالم في النصف الأول من القرن الماضي ليس مقبولا اليوم. كما أن خطة "الترحيل الطوعي"، من مدرسة رحبعام زئيفي – ليست واقعية اليوم. يوجد بيننا أيضا كثيرون يعتقدون أن مثل هذه الخطة ليست أخلاقية، حتى وإن لم يترددوا في طرد آلاف اليهود من بيوتهم – فإنهم سيدورون عيونهم وسيدعون بأن فكرة فعل أمر كهذا للعرب هو "وصمة أخلاقية". ولكن العرب في إسرائيل بالتأكيد لن يوافقوا على ترك الدولة العبرية. فهم يعرفون أنه مقارنة بالعالم العربي فإنهم يعيشون في جنة عدن. إضافة إلى ذلك، فإن احتمال تحقيق موافقة دولية وإقليمية على مثل هذه الخطة ليس كبيرا في ضوء انعدام الاستقرار الذي يميز المنطقة (تعبير نقي للمذابح الجماعية للعرب ضد إخوانهم). ولدى الدول الغربية ما يكفي من اللاجئين منذ الآن. عودة إلى العطاء في العفولة وإلى فقيعين. يوجد في البلاد مدن يعيش فيها يهود وعرب. أحيانا يكون احتكاك. والكراهية تتفجر. كما انه توجد فترات هادئة. في القدس هناك حاجة للكثير من أفراد الشرطة للحفاظ على الهدوء. في يافا وفي حيفا – اقل بكثير. فهل هناك معنى لمحاولة تقليص مستويات الاحتكاك؟ محاولة منع إقامة مستوطنات عربية في صفد، رعنانا، أو هود هشارون؟ هل هذا واقعي؟ هذا ليس غير أخلاقي. هذا فقط صعب على ما يبدو. ولكن هناك عصا واحدة لا يمكن إمساكها من طرفيها. من يقول "ليس حكيما" السماح لليهود العيش في فقيعين والشرطة لن تحميهم هناك – ملزم أيضا بأن يقول إنه مسموح لسكان العفولة المطالبة بألا يقوم حي عربي في المدينة. النزاع اليهودي – العربي هو نزاع ديني. صدام حضاري. مثل هذه النزاعات لا تحل بترسيم خطوط حدود على خريطة. ولكن حتى عندما نفهم طبيعته الحقيقية، للنزاع الذي لن يحل – فلا يوجد أي سبب يدعونا إلى أن نزيد مستويات الاحتكاك. لقد عرفت كيبوتسات اليسار في إسرائيل دوما كيفية الامتناع عن قبول أعضاء عرب. عدد العرب أعضاء الكيبوتسات صفر، وهم لم يفعلوا هذا بإعلانات "عنصرية". لا بالتشريع ولا بالأنظمة، بل بطريقة عملية وهادئة. هذا أصعب في المدن وفي البلدات التي ليست جموعا سكانية متماسكة. قد يكون هذا صعبا ولكنه ممكن. وبالتأكيد ليس غير أخلاقي. بل إنه حتى ديمقراطي.