إن وضعية الجسد التي تتخذها الحيوانات تبعث برسائل معينة، واليوم يقترح بحث جديد بأن التأثير ذاته قد ينطبق على البشر، خاصة لدى من يرون الصور عبر مواقع المواعدة عبر الإنترنت.
إذ دلت دراسات سابقة بأن بعض المؤشرات غير اللفظية مثل البسمة يمكنها أن تترك نتائج إيجابية ليترك الانطباع بأن هذا الشخص يمكنه أن يحمل الدفء والمودة تجاه من حوله.
لكن العالم الذي نعيشه اليوم لا يتيح للشخص ترك هذا الانطباع بشكل مباشر أو لوقت طويل، في وقت تأتي فيه تطبيقات قد تضعنا أمام خيار تحديد مصير علاقتنا بالشخص من خلال التصفّح في العالم الرقمي أو حتى بلقاء خاطف بين جدول أعمالنا المكتظ في العالم الواقعي، إذ أظهر بحث بني على دراستين بأن الطريقة التي تقدم فيها نفسك في العالم الواقعي أو الرقمي، ففي دراسة نشرت في مجلة "Proceedings of the National Academy of Sciences" كشف الباحثون بأن وضعيات الجسد المختلفة مثل الأذرع المفتوحة والجسد المقدم إلى الأمام يمكنه أن يضاعف من فرص نجاح الشخص في التأثير الإيجابي على من حوله ومنح صورة جيدة لنفسه.
وتقول الباحثة المساعدة في هذه الدراسة تانيا فاتشاركولكسيمسوك، إن هذه الوضعيات تدل على اتساع المساحة التي يحتلها الجسد وتدعى باسم "وضعيات القوة" التي تدل على الهيمنة والاستعداد لمشاركة الصفات الحسنة مع الآخرين.
ولتجربة مدى توافق هذا الوضع مع البشر قامت فاتشاركولكسيمسوك وفريقها من الباحثين بإجراء دراستين ميدانيتين تضمنتا التفاعل الحاصل خلال المواعيد الغرامية السريعة وباستخدام تطبيق للمواعدة يعمل بتقنية اقتراح الأشخاص وفقاً للمواقع الجغرافية المحيطة بالمستخدم.
ففي الدراسة الأولى قام الباحثون بتصوير 144 جلسة مواعدة سريعة للبحث عن دلائل في لغة الأجساد تبعاً للتعابير التي رسمت على وجوه الأشخاص الخاضعين للتجربة، وبعد هذه الجلسات خضع هؤلاء الأشخاص لاستطلاع لأخذ رأيهم حول الشخص الذين قابلوه للتو، وفيما لو أرادوا اللقاء بالشخص ذاته مرة أخرى.
والنتيجة أظهرت بأن الأشخاص الذين استعملوا أيديهم للإشارة خلال المحادثة أو الذين حركوا أذرعهم ضاعفوا نتائجهم بالحصول على موافقة الطرف الآخر، مقارنة بأولئك الذين جلسوا بثبات ولم يحرصوا على تحريك أذرعهم.
تجربة مشابهة أتت لاختبار فيما لو انطبق الأمر ذاته على تطبيقات المواعدة، إذ قام الباحثون باستخدام ستة أشخاص محبين للجنس الآخر، وأنشأوا حسابين لكل شخص عبر التطبيق، بحيث يظهر كل شخص في وضعية جسدية مختلفة بكل حساب، الحساب الأول يتضمن أذرعاً مفتوحاً والآخر يظهرهم بوضعيات منغلقة على ذاتها، الحسابات نشرت خلال عطلة أسبوعية تم خلالها جمع عدد الموافقات التي حصل عليها كل حساب.
وهنا أتت نتيجة مشابهة، فالحسابات التي أظهرت أشخاصاً بأذرع وأرجل ممتدة تلقوا موافقات أكثر من تلك التي أظهرت تشابك أيدي المستخدمين، ليخلصوا في هذا البحث بأن البشر يشاركون وجهة النظر ذاتها تجاه لغة الجسد التي تعيشها الحيوانات، لكن عند البشر فإن الاسترخاء بحركة الأذرع والأرجل الممتدة لا تشير فقط إلى الهيمنة، بل أيضاً إلى الانفتاح لمشاركة المصادر التي تستحوذ عليها فئة معينة من المجتمع.