عطا الله شاهين " لم تعدْ حلب كما عهدناها بيضاء "

ALEPPO.SKYLINE.2006.fin2_.AP06031706603
حجم الخط

لمْ تعدْ معالم حلب برّاقة كما كانتْ، بلْ صارَ لون الدّمار الأسود يطغي على معالمِها، من جراءِ القصفِ المجنون عليها، والذي يستمرُّ منذ أحد عشرة يوما، وبات لونُ حجارتها سوداء، فمشاهدُ الدّمار هناك لا تنتهي، فأينما يذهبُ الصّحافي ليصورَ يرى الدّمارَ في كلّ مكانٍ، ففي أزقّتِها وشوارعِها ما زالتْ الفصائلُ المتناحرة هناك تذبحُ بعضها البعض في محاولةٍ من كلّ فصيلٍ السّيطرة على منطقةٍ ما.. فشارع كاستيلو الحيوي الذي يربطُ قُرى ريف شمال حلب لمْ يسلم أيضاً من القصفِ، وتمّ قصفه وقطعتْ الطّريق الواصل إلى ريفِ شمال حلب في محاولةٍ لمحاصرةِ المُعارضة هناك بحسب ما يأتي من أخبار عن حلب المنكوبة.

فإذا نظرنا عنْ قُربٍ على أحياءِ حلب سنرى بأنّ 80% من أحيائِها دُمرتْ، فملامحُ الشّهباء طُمستْ بالكامل، ولمْ يبق منها سوى حجارة مُتناثرة، فالقصفُ والتّدميرُ المستمرّ لها سلبَها حتّى هويتها، فإذا جئنا إلى قلعةِ حلب نلاحظُ عندما نقتربُ منها وكأنّ إعصارا أو زلزالاً قدْ ضربها، لأنّ أجزاءً من بنائِها انهارَ بفعلِ القصف، ولا ننسى هنا جامعَ حلب الكبير الذي باتَ اليوم أثراً بعد عين، فلمْ يبق منه سوى الرُّكام، كما أنّ فنادقَ الشّهباء دُمرتْ وتحوّل مُعظمها إلى مقارٍ عسكريّة، وتحت تلك الفنادق تُبنى الأنفاق .. فأينما يولّي الصّحافي بكاميرته يرى حجمَ الدّمار، وآثار المجازر، والدماء التي تملئ شوارعَ حلب المُدمّرة، من جراءِ استمرارِ القتل بين المتناحرين، والمأساة هناك هي في السُّكّان الذين همْ واقعون بين النيران جميعها، ولكنْ قدرَ المُستطاع يحاولون الاختباءَ في أيّ مكانٍ هرباً من شدّة القصفِ، لربما ينجون من القذائف، لكنّ الخوفَ نراه في أعينهم، من جراء ذاك القصفِ المتواصل عليهم، كما أنّ جميعَ المُسلّحين لا تهدأ أسلحتهم الرّشاشة في إطلاقِ الرّصاص بشكلٍ جنوني، وفي كلّ الشّوارع.

لمْ تعدْ الشّهباء كما كانتْ تشرقُ بحجارتها البيضاء، بلْ نرى اللون الأسود يطغي عليها، إنه لون الموت..