لا يمكن تقسيم القدس أو التنازل عن الجولان

20160305212637
حجم الخط

الحدود المصطنعة، التي رسمها مارك سايكس وفرانسوا بيكو في العام 1916 لم تختف بعد، لكن كجنود قدامى تلاشت ببساطة. العراق يشتعل وسورية تتفكك و"داعش"، الذي يعمل في سورية والعراق، محا الحدود بينهما.
تيم ارينغو، مدير مكتب "نيويورك تايمز" في بغداد، كتب أن الوضع الحالي في العراق "يثير سؤالاً مقلقاً للمراقبين من الخارج منذ نحو 100 سنة، وهو هل سينجح العراق في أن يكون ذات يوم دولة تعمل وتعيش بسلام مع نفسها؟". والسؤال نفسه مطروح بالنسبة لسورية التي أقيمت كجزء من اتفاق سايكس بيكو. الدولتان هما نتاج اصطناعي أقامتهما بريطانيا وفرنسا عندما كانتا قوتين عظميين.
يبدو أن هناك استدامة في اغلبية دول العالم بشأن الحدود الاصطناعية التي وضعت في حينه على خارطة الشرق الاوسط. استدامة لا تريد التسليم بالواقع الميداني. الولايات المتحدة مستمرة في الاستثمار في العراق في محاولة للحفاظ عليه كدولة واحدة يعيش فيها السنة والشيعة معا والاكراد ايضا. جهود مشابهة تقوم بها الولايات المتحدة وروسيا من اجل تحقيق اتفاق يعيد سورية الى ما كانت عليه في السابق.
ولكن المذابح تستمر والجهود لا تثمر. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ألم يحن الوقت للتخلص من استدامة الحدود الاصطناعية التي تم وضعها قبل مئة سنة؟
يسري هذا السؤال أيضا على هضبة الجولان. الحدود بين اسرائيل الانتدابية تحت السيطرة البريطانية وبين سورية الانتدابية تحت السيطرة الفرنسية وضعت في المفاوضات بين القوتين العظميين في 1923. التقسيم الجديد غيّر الحدود التي تم وضعها في اتفاق سايكس بيكو الاصلي ونقل الجولان. على مدى 44 سنة كانت هضبة الجولان جزءا من الاراضي السورية، في البداية كانت تحت الانتداب الفرنسي وبعد الحرب العالمية الثانية اصبحت جزءًا من سورية المستقلة. وفيما بعد انتقلت المنطقة الى السيطرة الاسرائيلية في اعقاب الهجوم السوري على اسرائيل في العام 1967. منذ 49 سنة والجولان هي جزء من اسرائيل. وفي سنة 1981 أصبح يسري عليها القانون والحكم الاسرائيلي. رغم أن المجتمع الدولي لا يعترف بالضم، إلا أن الحقائق الميدانية تتحدث عن نفسها. القانون والنظام يسودان في الطرف الاسرائيلي في الوقت الذي يستمر فيه القتل منذ خمس سنوات في الطرف السوري.
الرفض الدولي للاعتراف بالتغيرات التي حدثت في الميدان لا يقتصر فقط على العراق وسورية وهضبة الجولان، بل يشمل الطلب المتشدد بأن تكون حدود وقف اطلاق النار التي اتفقت عليها اسرائيل والاردن في 1949 هي حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية، ورفض الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل.
حسب القانون الثاني للديناميكية، لا توجد في الطبيعة عمليات قابلة للعودة الى الوراء. لا شيء يعود الى وضعه الاصلي. يبدو أن هذا القانون لا يسري على العلاقات الدولية، لكن الاستثناءات فيه قليلة.
واذا شئتم فإن اسرائيل لا تنوي ترك الجولان. إنها لن تعطى لأيدي الارهابيين من "داعش" أو أي طرف ينجو من حمام الدم في سورية، والقدس ستبقى عاصمة لاسرائيل.
جلسة الحكومة في "معاليه جملا" في الجولان، واعلان رئيس الحكومة بأن هضبة الجولان ستبقى جزءًا من اسرائيل بشكل دائم، لم يكونا أمرا فارغا من المضمون. لقد كان هذا دعوة للعالم كي يعترف بالحقائق على الارض. وفكرة أنه يمكن اعادة ساعة التاريخ وأن عمليات تاريخية قابلة للعودة الى الوراء وأن الحدود التي تم وضعها باستعراض للعضلات من قبل قوات خارجية ستتحول مع الوقت الى حدود دائمة، هو شيء سريالي. ومع الوقت الجميع سيعترفون بذلك.