انتهت سياسة إدارة الصراع

3225
حجم الخط

هل المقاطعة التي تحمل طابع العقوبات الاقتصادية وعزلة دولية ستعيد شعب اسرائيل الى اثنتين من أساطير الضياع الخاصة به- الانتحار الجماعي في متسادا والعملية الانتحارية لشمشون – أم ان ذلك سيؤدي إلى دولة كل مواطنيها برئاسة مروان البرغوثي كما يقول ألوف بن في سيناريو ما بعد الدمار الشامل ("هآرتس" 28/4) أو كما يرد عليه جدعون ليفي 1/5) بان الروح المثالية لبداية الحاضرة تلاشت منذ زمن لصالح السعي المادي، وان المجتمع الاسرائيلي لن يتحمل التقشف لفترة طويلة من الوقت، وان الدولة الواحدة الديمقراطية برئاسة مروان برغوثي لا يجب ان تقلقنا؟ أمر واحد مؤكد: انتهى وقت "إدارة الصراع". هذا الامتياز، الذي رضعه نتنياهو في سنوات سلطته الطويلة لم يعد قائما. صوت الغضب من سياسة جر الارجل آخذ بالازياد، مع تحول الانسحاق في العلاقة بين اسرائيل وبين حليفاتها الى أمر علني. بأثر رجعي، يقول الناس بأن النظام في جنوب افريقيا ألغى مقاطعة  ANC عند انهيار الاتحاد السوفييتي، ولم تعد الولايات المتحدة تعتبر نظام الابرتهايد حاجزا حيويا في وجه السيطرة السوفييتية على افريقيا. ماذا سيحدث اذا توقفت اسرائيل في ديناميكية الشرق الاوسط غير المتوقعة عن خدمة المصلحة الأميركية، وان وجد يهود أميركا صعوبة في الاستمرار بتأييد السلوك غير الاخلاقي وغير العقلاني، وفي الوقت نفسه تخلصت اوروبا وبالذات المانيا من مشاعر الذنب التاريخية، من أجل مطالبة اسرائيل بتنازلات حقيقية؟ لا شك بأنه في الوقت غير البعيد، وحين ينتهي اذن الرفض لكل مبادرة سلام، وتقف حكومة اسرائيل امام اقتراح لا يمكن رفضه، فانها ستضطر الى حسم وجهتها. صحيح ان نتنياهو ليس دي كليرك، ولكن حين تحين اللحظة سيفهم، مثل الزعيم الجنوب افريقي، انه لم يعد يحتكر القوة، وقد يجد نفسه امام مفارقة من صنع يديه: منذ اتفاقيات اوسلو وبالذات بعد مقتل اسحق رابين انقسم المجتمع الاسرائيلي الى قبائل متصارعة. وفي سنوات سلطته قام برعاية المزج القاتل بين الهوس وبين الهجومية والتشاؤم. كيف سينجح في تغيير اتجاه الرياح السيئة التي أوجدها بنفسه وإقناع الاغلبية اليمينية أنه يجب تقسيم البلاد دون أن يقوم الغول ويأكل صاحبه؟ لم نعد، نحن المجتمع المدني، ما كنا عليه قبل بداية التسعينيات، والمجتمع الذي لا يعرف من هو، لا يستطيع التنبؤ كيف سيتصرف. لذلك فان كل سيناريو محتمل. يحتمل أن تتطور مجموعة من الناس مثل مئير دغان في النخبة الامنية القديمة، وتقرر خطة انقاذ الدولة. واذا عملت، فهل سينضم الجيش من اجل انقاذ الدولة من جنون السياسيين؟ أم أن ثورة كهذه متوقعة من جهة القيادة اليمينية التي يمتلئ أولادها بالطاقة ويدخلون الى الوحدات الخاصة ويلعبون دورا أمنيا رفيعا أكثر من السابق؟. نتنياهو مثل تشرتشل: كارثة كبيرة. وتأثيره بعيد المدى غير معروف. ولكن هناك شيئا واضحا: عندما سيضطر الى فعل شيء سيكتشف أن المجتمع الذي أفسده قد شرب أفكاره، حيث إن هذا المجتمع يعتبر أن كل صانع للسلام عدو.