"أنفاق المقاومة" .. طمست الفرحة الإسرائيلية و قلق يسود تل أبيب

13152641_10207699349534969_2022460931_n
حجم الخط

سادت الأوساط الإسرائيلية جدلاً واسعاً قبل نحو شهر، وذلك بعد  إعلان الحكومة الإسرائيلية على لسان كبار مسؤوليها عن اكتشافها نفقًا هجوميًا قامت بحفره كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، حيث كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أّول المستثمرين لهذا الـ "نجاح الباهر"، وقام الإعلام العبري بنشر التقارير والمقابلات مع المسؤولين العسكريين الأمنيين والسياسيين حول هذه القفزة النوعية في الحرب ضد أنفاق المقاومة.

وتبين لاحقاً أن هذه الفرحة الإسرائيلية تبددت وكانت سابقةً لأوانها، وأن الحقيقة تبعد على الأقل ألف سنة ضوئية عن الرواية التي تم نشرها في تل أبيب، من قبل مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي الذين أقروا في تصريحات لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، أن النفق الذي تم اكتشافه من خلال الوسائل التكنولوجية الجديدة، كما زعم نتنياهو، كان قائماً قبل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وأن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من اكتشافه، حيث أن المقاومة واصلت استخدامه وصيانته.

أوضح المحلل السياسي و المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور عادل سماره لـ "وكالة خبر"، أن القوات الإسرائيلية مازالت بعيدة عن مقدرتها على اكتشاف أنفاق المقاومة، مشيراً إلى أن القيادة العسكرية و الأمنية الإسرائيلية اعترفت بذلك من خلال أجهزتها الاستخبارية، قائله "على جميع الأذرع الإسرائيلية أن تدرك بأنها ما زالت بعيدةً جدًا عن اكتشاف الأنفاق الهجوميّة، التي تُواصل حركة حماس حفرها على مدار الساعة وبدون توقفٍ".

و أشار المحلل السياسي د. سعيد زيداني إلى أن الوقت ما زال مبكراً ليلعن الاحتلال عن تمكنه من السيطرة على أنفاق غزة، وذلك بسبب تهديد الأنفاق للمستويات السياسية والأمنية على حد سواء من الناحية الاستراتيجية لدولة الاحتلال.

و لفت سماره إلى أن المخطط الإسرائيلي يسوده التخبط، ما دفع وسائل الإعلام العبرية إلى التركيز على الرسائل الإعلامية و إلزامية تهدئة الأوضاع على حدود غزة، حيث أن موقع "واللا" العبري أكد على أهمية أن تقوم الحكومة بموازنة الأمور و تتخطي كافة المخاطر التي ترهق الأمن العام لإسرائيل.

و قال زيداني، إن ما شهده القطاع من تبادل الرسائل النارية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي في المناطق الحدودية لقطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أسهم في زيادة القلق الإسرائيلي من  تدحرج القصف المدفعي والتبادل في إطلاق النار على الحدود، إلى مواجهة عسكرية شاملة قد تصل آثارها إلى تل أبيب.

و أضاف زيداني أنه على الرغم من توتر الأوضاع،  ولكن ما هو واضح بأن حركة حماس لا ترغب في خوض أي حرب في الفترة الراهنة، حيث أن معظم  أراء المحللين الإسرائيليين تشير إلى عدم رغبة "حماس" في خوض أي مواجهة عسكرية، على الرغم من معرفتهم بصعوبة  الوضع الاقتصادي الذي قد يدفع القيادات العسكرية في غزة نحو خيارات لم يكونوا يريدونها في الأساس، مضيفاً أن محليين آخرين تتجه نحو رغبة حماس في التصعيد لإدراكها أن إسرائيل تمكنت من العثور على حل تقني للأنفاق.

و لفت سماره إلى أن عمليات إطلاق النار التي تعرضت لها القوات الإسرائيلية على حدود قطاع غزة، كانت بمثابة رسائل تحذيرية للاحتلال، وذلك بعد رسائل سابقة وجهتها "كتائب الشهيد عز الدين القسام" الذراع العسكري لـ"حماس"، تحت شعار "رفع الحصار أو الانفجار".

وأشار سماره إلى أن إسرائيل لم تبدي أي اهتمام لشعارات المقاومة، موضحاً أنها أدركت  ذلك بعد القصف الصاروخي من قبل المقاومة على مواقع عسكرية تابعة لقوات الاحتلال على الشريط الحدودي لغزة، وبذلك تبددت تقديرات تل أبيب خاصة أن الجهات الرسمية في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قالت أن حماس  للمرة الأولى منذ حرب صيف 2014، هي من نفذت عمليات إطلاق النار ضد آليات الجيش، وسمحت لجهات أخرى أيضًا بفعل ذلك.

و لفت زيداني إلى أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعتبر أن المقاومة الفلسطينية ترغب في تغيير قواعد اللعبة وإنتاج تفاهمات جديدة، يمنع بموجبها العدو من الاستمرار في البحث عن الأنفاق على طول الحدود مع القطاع.

ويذكر أن ضباط في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، قالوا إن عدم سقوط إصابات خلال تبادل القصف في اليومين الماضيين لم يكن مصادفة، خصوصًا أن حماس أرادت من خلال ذلك  توجيه الرسائل فقط.

و أضاف زيداني، أن إسرائيل غير معنية في التصعيد مع قطاع غزة، ولكن لا ترغب في أن توقف عمليات البحث عن الأنفاق، وعلى الرغم أن الحكومة الإسرائيلية تدرك خطورة الموقف في ظل تزايد الأزمة الاقتصادية في غزة، والضغط على حماس من أجل الانفجار في وجه الاحتلال.