ستظل معايير العالم الغربى «الحر» فى التعامل مع ملفات الحريات الصحفية والإعلامية مثيرة للدهشة والخلاف، خصوصاً مع تجاهله لكل الخروقات والانتهاكات والتجاوزات التى تتم ضد الصحفيين فى بلادهم، والتى وبسبب وقائع مشابهة يصدر ضدنا تقارير سياسية وبيانات تتضمن اتهامات وانتقادات عنيفة والتلويح بتطبيق عقوبات كمان.
قبل أيام قليلة ووسط تجاهل تام من البرلمان والاتحاد «الأوروبيين» بدأت فى لوكسمبورج وقائع محاكمة صحفيين بتهم تسريب ونشر معلومات حول قيام حكومة لوكسمبورج، وغيرها من العواصم الأوروبية بمنح إعفاءات ضريبية مهمة للشركات الوطنية الكبرى وتلك المتعددة الجنسيات، فى حين يُطلب من المواطنين العاديين دفع مزيد من الضرائب وتبنى إجراءات تقشف.
أما فى ألمانيا فقد اعتقلت السلطات الأمنية 3 صحفيين أثناء قيامهم بتغطية مظاهرة ضد حزب «البديل» المتطرف، وكانت الذريعة مقاومة رجال الشرطة، ووصفت رابطة الصحفيين الألمان الأمر بأنه «فضيحة» وقالت إن صحفياً من الموقوفين نُقل إلى مستشفى بعد فقدانه الوعى خلال احتجازه جراء استخدام الشرطة عنفاً مفرطاً، فى حين بررت الشرطة سلوكها الذى لم تعتبره المؤسسات سلوكاً مشيناً بأن الصحفيين وضعوا حركة المرور فى خطر شديد ولم يلتزموا بإخلاء طريق أغلقته الشرطة، كما وافقت السلطات الألمانية فى الوقت ذاته على تقديم صحفى للمحاكمة بتهمة السخرية من أردوغان وإهانته فى سياق مادة إعلامية «ما تخرجش» كتير عن أداء باسم يوسف هنا فى مصر.
وفى لندن قدمت المذيعة السورية فى قناة «بى بى سى عربى» ديما عز الدين استقالتها من عملها، بسبب إذاعة خبر غير صحيح عن قصف مدينة حلب، ضمن عناوين إحدى نشراتها الإخبارية، وقالت على صفحتها «فيس بوك» إن «المعايير التى أسست لهذه المؤسسة منذ عشرات السنين كان مفترضاً أن تجعلها الرقم الصعب إعلامياً، إلا أن ذلك لم يحدث مع الأسف، لأن المعايير هذه لم تعد تطبق كما ينبغى أن تطبق»، وبمناسبة حلب تجاهل أغلب الإعلام الغربى تقريراً صادراً عن مركز جلوبال ريسيرش يعد بكل المقاييس فضيحة للإعلام الأمريكى الذى زيف بوعى المعلومات والحقائق عن أحداث حلب ليتهم فيها بشار الأسد والجيش السورى بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، وكشف التقرير عن اعتماد الإدارة الأمريكية على منظمات غير حكومية بالوكالة، ومن أبرزها تلك التى تعتمد «الخوذات البيضاء» والتى هى فى الأساس تشكيل أمريكى يقوده الجندى البريطانى السابق جيمس لو، بتمويل مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية و«جبهة النصرة»، فرع تنظيم «القاعدة» بسوريا والعراق.
ولا تختلف أمريكا عن أوروبا فى ارتكاب بعض وسائل إعلامها تدليساً مثيراً للغثيان دون أن تحرك ساكناً أى هيئة من الهيئات «المحروق» قلبها على الحريات، فهذه الـ«واشنطن بوست» تمارس التضليل وهى تكتب عن «إعلان الحداد على حرية الصحافة فى مصر» وتقول ضمن التقرير إن حملة الحكومة لم تقتصر على الصحفيين المحليين فقط، مشيرةً إلى تحقيقها مع وكالة «رويترز» للأنباء ورئيس مكتبها فى القاهرة «مايكل جورجى» بعد نشره تقريراً عن مقتل الطالب الإيطالى «جوليو ريجينى» بالقاهرة، رغم أنه معلوم للكافة وبالضرورة بحكم الإعلان أن جورجى هارب من مصر بعد تقديم بلاغ ضده من ضابط شرطة بكتابة معلومات كاذبة ونشرها دون دليل أو نسبها لمصادرها.
أما عن الوكالات الإعلامية العربية للإعلام الغربى فحدث ولا حرج، لأن كل ما تذيعه قناة الجزيرة «منبر من لا منبر له» وتوابعها «الإخوانجية» لا يذهب بعيداً عن تدليس الإعلام الغربى وتزييفه للحقيقة، كل غارات التحالف الإسلامى فى اليمن تسقط قتلى وجرحى من الحوثيين وتوابع على عبدالله صالح، بينما كل قصف الحوثيين يسقط ضحايا أبرياء من النساء والأطفال والشيوخ، وقس على ذلك نقل كل وقائع الاشتباكات فى سوريا والعراق وليبيا وسيناء التى تحقق فيها الجزيرة وتوابعها حصرياً ونقل كل العمليات الإرهابية بعد حدوثها بلحظات بكل تفاصيلها ولا يتبقى غير ذكر أسماء الضحايا، حتى إنك تشعر أن مندوبيهم كانوا هناك مرافقين للإرهابيين فى عملياتهم.
والنبى لا تعايرنى ولا أعايرك فالهم قبل ما يطولنى طايلك (آسف على العامية).
عن الوطن المصرية