غزة: الضائقة الاقتصادية.. «برميل بارود» سينفجر في وجه إسرائيل

20160805213348
حجم الخط

ساد هدوء متوتر، أول من أمس، في حدود اسرائيل – غزة. فالفلسطينيون لم يطلقوا النار، والجيش الاسرائيلي لم يرد بنار الدبابات، المدفعية، او بالغارات الجوية، مثلما حصل في الايام الثلاثة السابقة. وكانت الاحداث الاخيرة التي سجلت هي اطلاق النار، الجمعة، قبيل منتصف الليل من قذائف الهاون نحو الاراضي الاسرائيلية، والتي في أعقابها اطلقت الصافرات في بعض من البلدات، وردا على ذلك هاجم سلاح الجو فجر السبت أهدافا لـ "حماس". أحد اسباب الهدوء، أول من أمس، هو الرسائل التي ينقلها الطرفان الواحد الى الآخر علنا وكذا من خلال اطراف ثالثة مثل مصر، وتفيد بأن ليس لهما مصلحة في احتدام التوتر، وبالتأكيد ليس في الحرب.  وقال رئيس وزراء "حماس" في غزة، اسماعيل هنية، ذلك صراحة في خطبة الجمعة. سبب آخر للهدوء هو حقيقة أن الجيش الاسرائيلي أنهى العمل على النفق في قاطع من مئة متر ملاصق للجدار داخل قطاع غزة وخرج من هناك. وهذا قاطع كان وفقا للتوافقات التي تحققت بوساطة مصرية بين اسرائيل و"حماس" بعد "الجرف الصامد"، يحق فيه للجيش الاسرائيلي العمل في حالات معينة، حين يثور اشتباه بنوايا من الطرف الآخر للعمل ضد اسرائيل. وقد بدأت الاحداث على خلفية نشاط حثيث من الجيش الاسرائيلي يستخدم فيه آليات هندسية ثقيلة وأجهزة تكنولوجية حديثة للعثور على الانفاق. وقد أتاح هذا النشاط الكشف في الشهر الاخير عن نفقين هجوميين باتجاه اسرائيل في جنوب القطاع. أحد النفقين حفر قبل "الجرف الصامد"، ولكن اجريت له صيانة بعده. وقد مرت "حماس" عن كشف النفق مرور الكرام، ولكن حين أعلن الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي عن اكتشاف النفق الثاني، الاسبوع الماضي، ردت "حماس" بالنار. وقد سعت المنظمة الى الاشارة لاسرائيل إلى أنها لن توافق على أعمال الجيش الاسرائيلي للعثور على الانفاق في القاطع الضيق داخل اراضي غزة محاولة بذلك تصميم "خطوط حمر" جديدة بين الطرفين. وكانت نار "حماس" مقننة وهكذا ايضا ردود الفعل من الجيش الاسرائيلي. ولكن في نهاية المطاف تقدر أوساط جهاز الامن بأن منظمة "الإرهاب" فهمت بأن الجيش الاسرائيلي لن يتردد في أعمال الكشف عن الانفاق في المنطقة الضيقة المحاذية للحدود، اذا ما وجد من الصائب عمل ذلك. هكذا أيضا تشدد أوساط جهاز الامن. فاذا ما وصلت معلومات استخبارية، او اذا اكتشف الجهاز التكنولوجي مؤشرات على نفق آخر، فان الجيش الاسرائيلي لن يتردد في الدخول مرة اخرى الى المنطقة ذاتها. وفي الجيش الاسرائيلي يفهمون بأنه محظور السماح لـ "حماس" بمحاولة املاء قوانين لعب جديدة في المعادلة التي عناصرها هي: نحن نحفر نحو اراضي اسرائيل، ولكن أنتم لا يمكنكم العمل على احباط أو كشف هذه الاعمال. هكذا حيث يمكن الافتراض بأن جولة المناوشات هذه قد انتهت على ما يبدو، حتى لو كانت أو ستكون ملحقات نار، تؤدي إلى ردود فعل من الجيش الاسرائيلي. ولكن المشكلة المبدئية لم تحل. فـ "حماس" تفهم بأنها تفقد أداتها الاستراتيجية، الانفاق، بعد أن لم تحقق أداتها الثانية، نار الصواريخ إلى الجبهة الداخلية الاسرائيلية في "الجرف الصامد"، اهدافها ولم تحقق التوقعات العالية للمنظمة، التي أملت في أن تلحق هذه اصابات عديدة. ستواصل "حماس" حفر الانفاق، ولكن بالاجمال هي منظمة آخذة في الضعف. فعزلة المنظمة، حيث إنه ليس لها "راعٍ" سياسي، مستمرة. وكل هذا فيما في الخلفية توجد الضائقة الاقتصادية لمليوني فلسطيني في القطاع يعيشون في ظروف فقر مدقع. وفي نهاية المطاف، آجلا أم عاجلا، فان برميل البارود للضائقة الاقتصادية سينفجر في وجه إسرائيل. يبحث الكابنت قريبا في اقامة ميناء وهكذا يرفع ما تسميه "حماس" "الحصار". ويؤيد الفكرة أربعة وزراء على الاقل – اسرائيل كاتس، نفتالي بينيت، يوآف غالنت وآفي غباي – ويبدو أنه يوجد عدد أكبر. رئيس الاركان، رئيس "أمان" (شعبة الاستخبارات العسكرية)، رئيس الادارة المدنية ورئيس "الشاباك" (المخابرات) هم ايضا ناضجون لقبول الفكرة، طالما فرضت رقابة وثيقة للتأكد من عدم تهريب سلاح، مواد قتالية، عتاد، واسمنت تستخدم لزيادة القوة العسكرية، عبر الميناء إلى القطاع. ولكن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، موشيه بوغي يعلون، يتجاهلان موقفهم، مثلما يتجاهلان توصيات القيادة الامنية للمبادرة إلى خطوة سياسية مع السلطة الفلسطينية.