في ظل الاهتمام الكبير من قبل القيادة الإسرائيلية في دراسة المواقع العامة للأزمة السورية و دراسة تداعيات الواقع المجهول لهذه الازمة، وتجنب قيادة الاحتلال التدخل في الشؤون السورية بعد التدخل الروسي الواضح داخل الأراضي السورية.
حيث أن التدخل الروسي بدأ في شهر أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، وأوقف تقدم ما أسمته في الثوار، الذين كانوا في ذلك الحين قد وصلوا إلى مشارف العاصمة السورية دمشق و المدن المركزية وأهمها "حلب"، والعمل على تغيير المجريات في الساحة السورية و صنع معادلات مختلفة.
و في إطار الاهتمام الذي توليه جامعة تل أبيب و الوسط الإسرائيلي للأزمة السورية قال المحلل السياسي و ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي السوري في فرنسا الدكتور خالد عيسى، إن التدخل العسكري الروسي في بلاد الشام و المساعدة الإيرانية، جعلت من روسيا اللاعب الأساسي والأكثر فعاليةً في الأزمة السورية، كما أن هذا التدخل فتح أمام الرئيس الروسي "فلاديمير بوتن" الباب على مصراعيه لفرض التهدئة ووقف إطلاق النار، على الرغم من تسجيل عدة خروقات لإعلان التهدئة.
و أشار المختص في العلاقات الدولية و قانون التسلح الدولي البرفسور الروسي ميرخاس جودي، إلى أن التدخل الروسي سمح للرئيس السوري بشار الأسد بتوسيع دائرة سيطرته على ما أسمتها سوريا الصغيرة، والتي بقيت تحت سيطرته، وهي التي تبدأ من دمشق في الشمال، نحو مدينة حلب وإلى الشاطئ العلوي حيث المركزية الأساسية لسوريا، و المناطق الأهم للنظام الحاكم في دمشق.
و لفت عيسى إلى أن سلسلة النجاحات التي حققتها روسيا في سوريا لم تؤدي إلى حسم المعركة والقضاء على ما أسمتهم بالمتمردين، وإعادة السيطرة للرئيس السوري الأسد على المناطق الغربية في البلاد ومن هناك إلى الجنوب.
وبخصوص "داعش" أوضح جودي، أن روسيا ما زالت غير واضحة إلى أي حد تريد الاستمرار بمحاربة "داعش" في سوريا، لافتاً إلى أن النوايا الروسية تتجه نحو القضاء على القواعد المركزية لـ "داعش" من خلال القصف الجوي للقواعد والمساندة من الجهات المساعدة و أهمها الأكراد، الذين يتطلعون إلى إقامة كيانهم الخاص في ظلّ معارضة تركيا والسعودية التي تعمل على كبح التوسّع الإيرانيّ.
و أوضح جودي، أن هذه الأطراف المتحكمة في زمام الأمور السورية يتطلعون إلى تحقيق مصالحهم المتمثلة في القضاء على "داعش"، مشيراً إلى أن روسيا تواصل العمل في بعض المناطق مثل مدينة "تدمر"، وتلمح إلى إمكانية مساندة قوات الأسد في المناطق الشرقية مثل الرقة التي تسيطر عليها “داعش”.
و أكد جودي على أن صناع القرار في موسكو توصلوا إلى نتيجة بأن الوضع في سوريا لا يحمل معه الأمل، وأن الرئيس الأسد غير قادر من الناحية العسكرية على إعادة سوريا المقسمة، وبالتالي أصبح التوجه الروسي يتجه نحو إقامة سوريا الصغيرة، والتي تتكون من المناطق التي يسيطر عليها الرئيس الأسد، موضحاً أن موازيين القوى ممكن أن تختلف في حال ساندت قوات خارجية الأسد من أجل دحر داعش والمعارضة بشكل نهائي.
و لفت عيسى إلى أن سوريا الصغيرة تحت سيطرة الرئيس الأسد، وتعتبر بالنسبة لموسكو القاعدة الأساسية لها في المنطقة، وذلك أملاً في أن يستطيع الأسد إعادة الوحدة الجغرافية والسياسية لسوريا، مشيراً إلى أن هذا السيناريو يحمل تفاؤلاً كبيراً من الرئيس الأسد وحلفائه، حيث أن الطريق لتحقيقه ما زالت بعيدة جدًا.
وأشار عيسى إلى أن الرئيس السوري، والذي توقع العديد من زعماء العالم بسقوط حكمه خلال أيام معدودة، حيث أن يعتبر المنتصر الأساسي في المعركة الدائرة، إذ أنه تمكن من البقاء في كرسي الحكم على الرغم من أن جميع المحللين وصناع القرار توصلوا إلى نتيجة بأنه لن يستطيع مواصلة السيطرة على مقاليد الحكم، لافتاً إلى أن التدخل العسكري الروسي منح الرئيس الأسد قوة كبيرة، الأمر الذي أسهم في زيادة قوته وتعاظمها.
و أوضح جودي أن إسرائيل حتى الآن تدرس إمكانية الامتناع عن اختيار جانب ما وعن التدخل المباشر في الأزمة السورية، مشيراً إلى أن روسيا تصنف إسرائيل كلاعب إقليمي مهم ، تفضل رؤيتها متمسكة بسياستها الانعزالية بخصوص المواجهة في سورية.