في أيام عيد الفصح تتمتع الأسر الإسرائيلية بثمار تنظيف الربيع المضني الذي قاموا به عشية العطلة. الغرف المهواه، تجديد الأدوات غير المستعملة والمعطوبة، والتي تحتوي على سطوع متجددة، ومعها وعد بالتنشيط والحيوية المتفائلة. مع ذلك، نادرا ما يظهر باهتا بهذا الشكل، قاتما، فاترا ويمكن التنبؤ بشكل به مرهق. يواصل التحالف الحكومي التعثر مليئا بمشاحنات مستمرة وانعدام اتجاه معين؛ حزب المعارضة الرئيسي “مقطوع الرأس” تقريبا؛ وآفاق التغيير تظهر محدودة بشكل مخيب. في حين أن الرغبة في تجديد سياسي تظهر في كل مكان، الا ان مقترحات محددة واضحة للخروج عن النظام محدودة جدا. فقد ركزت هنا في المقام الأول على مقترحات واردة لتغيير التمثيل النسبي المتطرف لإسرائيل، وعلى مخططات مختلفة لإعادة تشكيل الخارطة الحزبية، وركزت ايضا على مصدر لأسماء جديدة (وغير مختبرة) – معظمهم من ذوي الخلفيات العسكرية القوية وعدم توفر الخبرة المدنية الكافية – التي قد تكون قادرة على استبدال القيادة الراسخة على نحو متزايد للبلاد. معظم هذه المقترحات غير واقعية إن لم تكن مستحيلة. بعضها خيالي وغير قابلة للتطبيق؛ البعض الآخر قصير النظر وشخصي للغاية في طبيعته. إنها لا تضع أساسا للتغييرات المنهجية التي من شأنها ضمان التجدد المستمر للقادة الإسرائيليين. في هذه الحقبة من الشلل الظاهري، هناك حاجة إلى آليات من شأنها أن تضع أساسا لدينامية بدائل منعشة. فيما يلي ثلاث أفكار، تتناول كل منها جانبا مختلفا من مشكلة الحكم في البلاد، قد توفر معا صيغة لإعادة تنشيط الساحة العامة الإسرائيلية: الأولى، تحديد الشروط، وهي الأبسط ظاهريا، والتي تتعلق بتناوب القيادة. لقد ظهرت فكرة تحديد مدة ولاية المسؤولين المنتخبين (وخصوصا رئيس الوزراء ورؤساء السلطات المحلية) بشكل دوري على مر السنين. فقد أثيرت لأول مرة على محمل الجد في بداية التسعينيات، في سياق الانتخاب المباشر لرئيس الوزراء، هناك محاولة لفرض حد لمدة ولايتين على أعلى منصب سياسي في البلاد (وهي خطوة تم دعمها بقوة من قبل بنيامين نتنياهو في ذلك الوقت). تم طرح اقتراح مماثل في الكنيست السابقة من قبل أعضاء الإئتلاف والمعارضة. وتم عرض النسخة الحالية بقيادة ميراف ميخائيلي من الاتحاد الصهيوني، وبدعم من أفيغدور ليبرمان، وكذلك أيمن عودة، ومعتمدة من قبل أكثر من ثلاثين عضوا آخرين من المعارضة الحالية. تحديد فترة الولاية أمر شائع في العالم الديمقراطي، يميز الديمقراطيات العاملة عن الأنظمة الإستبدادية في الوقت الحاضر وعن الأحكام الملكية الماضية والمعاصرة. كما يوضح مشروع القانون المقترح، “الديمقراطية ليست نظاما ملكيا. من الضروري عدم السماح لفرد واحد أن يحكم لسنوات طويلة”. بالتالي، اعتماد تحديد فترة الولاية يرسخ مفهوما ديمقراطيا أساسيا لتغيير قوات الحكم عبر صناديق الإقتراع، ويمنح طابعا رسميا للنفور المتأصل في تركيز السلطة بيد أي شخص لفترة طويلة من الزمن (عملية تميل الى منح الإعتماد للناخبين وعدم السماح لإنتشار الفساد وغيرها من أنواع سوء استخدام السلطة). كما انها تؤكد حقا مستمرا لشخصيات جديدة، أفكار وأساليب في المجال العام، وبالتالي إدخال حيوية في النظام. اعتمدت إسرائيل قيودا على فترات العمل في كل مجال تقريبا في الحياة العامة. انها تنطبق على الرئيس وقضاة المحكمة العليا، جميع شاغلي القضاء والخدمة المدنية (بما في ذلك أولئك الموجودون في أعلى المستويات الإدارية)، ومراقب الدولة، وقيادات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ( ناهيك عن معظم العاملين المتقاضين أجرا، الذين سن تقاعدهم الإلزامي 67). مع ذلك، يجب تمديد هذا المنطق إلى القادة المنتخبين على المستوى الوطني والمحلي – غالبا بسبب مقاومة حاملي السلطة في كل وقت. فقد استغل هؤلاء الأفراد عدم وجود قيود على مدة خدمتهم لغرس انضباط صارم داخل أحزابهم، للحد من المعارضة داخل احزابهم، ومواصلة إضعاف المعارضة. لم يثيروا أي تحفظات جوهرية خطيرة ازاء مثل هذه الخطوة، عدا الخوف من أن يكونوا هم أول ضحاياها – شكوى تم التعامل معها بسهولة من خلال تأجيل تطبيق هذا التعديل لدورة انتخابية واحدة. في الواقع، محددا دوامهم في السلطة لفترتين أو أكثر عمليا، لمدة ثماني سنوات في المناصب العليا محليا ووطنيا على حد سواء، محولا الصراعات السياسية الى شخصية. وحتى الآن، تفوقت هذه المخاوف الزائلة وقطعت شوطا طويلا نحو ضمان المنافسة الانتخابية والتناوب. ثانيا، توسيع الكنيست: ثمة مخاوف متحالفة وإصلاحية تتعلق بتعزيز الأداء العام من خلال توسيع الكنيست. زيادة حجم البرلمان الإسرائيلي – أحد أصغر البرلمانات في العالم الديمقراطي – أمر ضروري للتسيير الفعال للمهام التشريعية والرقابية. تأسس الكنيست الإسرائيلي في العام 1949، عندما بلغ عدد سكان إسرائيل بالكاد 800,000 نسمة. اليوم، يبلغ عدد الإسرائيليين إلى اكثر من 8,000,000 وتفاقمت القضايا المعقدة وفقا لذلك. ببساطة، ليست هناك أي طريقة يمكن فيها للأعضاء البدء في التعامل مع عبء العمل مع أي درجة من الفعالية. مضاعفة عدد الأعضاء قد يكون مكلفا من حيث الفعالية بكل معنى الكلمة، كما جادلت العديد من لجان الشريط الأزرق حول الإصلاح الحكومي لسنوات. والسبب الرئيسي لمثل هذه الخطوة مستمد من الإزدراء الشعبي المتزايد للمسؤولين المنتخبين (معادلة انخفاض فعاليتهم مع مرور الوقت)، مؤججا من قبل الإحجام عن دفع المشروع لحضنة جديدة من المشرعين. لقد أسفرت هذه الحالة عن سلطة تشريعية ضعيفة واستنفدت الحيوية السياسية في البلاد. حتى لو كان من الصعب التغلب على مشكلة الحاجة إلى التوسع في البرلمان في الوقت الحالي، قد نتمكن من توسيع “القانون النرويجي” الضيق والذي سن مؤخرا (والذي ينص على الاستقراء المؤقت لعضو كنيست من كل حزب في التحالف لاستبدال وزير عامل لفترة ولايته)، ليشمل جميع الوزراء ونواب الوزراء. ومن شأن هذا أن يلقى دعما كبيرا في صفوف الكنيست، وفي الوقت نفسه تحرير جميع أعضاء الحكومة للتركيز على وظائفهم. إن الأداء المحسن لمختلف فروع الحكومة، مع مرور الوقت، يمهد الطريق لإضفاء الطابع المؤسسي على برلمان أكبر – وأكثر إنتاجية– فضلا عن كونه تنفيذيا. ثالثا، إضافة خلية عليا: ثمة مقياس محتمل ثالث لتجديد السياسة الإسرائيلية يرتكز على تحسين الضوابط والتوازنات. إحدى الخطوات التي نوقشت كثيرا في هذا الإتجاه هي النظر في إنشاء خلية ثانية عليا، من شأنها أن تخدم ليس فقط لمراجعة الإجراءات الحكومية ومنع الإنتهاكات الصارخة، بل لتمكين تمثيل شامل من شأنه خفض الإنقسامات الإجتماعية المستعصية على نحو متزايد . كما أن من شأنها أن توفر قناة للمساهمة المستمرة لأفراد ذوي خبرة (كثير منهم متشبثون بها فقط لأنهم ما يزالوا يملكون الكثير لتقديمه ولا مكان يقصجونه بإستثناء منزلهم). إضافة مثل هذا المنتدى يوفر توازنا من الإستمرارية والتضامن الذي يضمن وجهات نظر جديدة يتم حقنها بإستمرار في المجال العام. احتفلت الملكة اليزابيث الثانية بعيد ميلادها التسعين في 21 نيسان الماضي، شهرين قبل احتفالها بعامها الرابع والستين على العرش البريطاني. رئيس وزرائها، ديفيد كاميرون، أعلن أنه لن يسعى للترشح لفترة رئاسية ثالثة. قد تتعلم إسرائيل فصلا من أقدم الديمقراطيات، لإنشاء نظام لتغيير متأصل من خلال تحصين الشبكات الهيكلية والتوازنات داخل هيئة تمثيلية موسعة وضمان فرص مستمرة لاستبدال القيادة، وبالتالي تنشيط النظام. في روح موسم التجديد واعادة الولاء هذا، قد يكون الآن هو الوقت المناسب لتغطية الجمود والإضمحلال المترتب عليه، من خلال التفكير بجد وتحريك هذا النوع من المنشطات العامة.