قالت مصادر إسرائيليّة أمنيّة وعسكريّة رفيعة إنّ القرار الذي اتخذته، الشهر الماضي، إسرائيل أدّى إلى إحداث تغييرٍ دراماتيكيٍّ في حياة الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، والمقصود زيادة مسافة الصيد من ستة أميال إلى تسعة من الشاطئ، وهي خطوة اتخذت في محاولة من التخفيف من الأزمة الاقتصادية في قطاع غزة وزيادة رزق الصيادين.
ولكن خطوة من هذا القبيل لها أيضًا انعكاسات أخرى، وأولها ارتفاع نسبة الاحتكاكات بين الفلسطينيين وسلاح البحرية نفسه والذي يخشى قادته أنْ تحاول حماس استغلال التخفيف لاحتياجاتها الخاصة. ونقل مُحلل الشؤون العسكريّة في موقع (WALLA)، الإخباري-الإسرائيليّ أمير بوحبوط، عن ضابط مسؤول في البحريّة قوله: يُمكنني أنْ أُطلق النار في الجو واستخدام قنابل الإضاءة وإطلاق النار على جدران المراكب وتثقيب القارب. ولكن طالما كان لديهم محرك فسيستمرون بالهرب.
وتابع: ما يبقى لديّ هو إطلاق النار على المحرك ولحظة مساسي بالمحرك تنتهي القصة ويلقى القبض عليه. ولفت إلى أنّ صناعة صيد الأسماك في قطاع غزة تشمل 2500 صياد وحوالي 800 قارب صغير.
وهي الصناعة الثالثة في أهميتها لاقتصاد الغزيين بعد صناعة التهريب وصناعة الزراعة، وفي المجمل فإنّها تنتج شغلاً لعشرات آلاف الفلسطينيين. وقال الضابط المسؤول إنّه في بعض الأيام ترى مئات القوارب الفلسطينية تصيد في منتصف الليل. وعلينا أنْ نتعقب من بين هذه المئات قاربًا واحدًا على متنه “مخربون” يريدون تنفيذ عملية، حسبما ذكر.
هذا التخوف ليس بمعزل عن الواقع، قال المحلل، وأضاف أنّه في تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 شاهد مقاتلو القاعدة البحرية في أسدود طوافة إنقاذ برتقالية تحركت من شمال قطاع غزة نحو الحدود البحرية الإسرائيلية، وبعد مشاورات بين القادة تقرر إطلاق النار باتجاهها.
الانفجار الكبير الذي حدث كشف أنّ تلك الطوافة كانت محملة بالمواد المتفجرة، على حدّ زعمه. وبعد ذلك بعدة أشهر شاهدت قوة بحرية مقابل شواطئ قطاع غزة قارب صيد مشبوه. ركاب القارب الفلسطيني، وحسب المتعارف عليه تلك الأيام، اقتربوا من مقاتلي سلاح البحرية في الظاهر ليسلموا هوياتهم، ولكن فجأة أحد الـ”مخربين” على متن القارب شغل عبوة بوزن حوالي عشرة كيلوغرام أصابت الدبور بإصابات خفيفة واثنين من الجنود. وأشار المُحلل الإسرائيليّ، نقلاً عن المصادر عينها، إلى أنّه في بعض الحالات، يُطلب من القوة أنْ تعتقل الفلسطينيين الذين يخرقون مساحة الصيد المسموح بها، ولكن الأمر يستلزم تصريح قائد سلاح البحرية شخصيًا.
وفي حالة الاشتباه بالـ”إرهاب” والفلسطيني يطلق سراحه في نفس اليوم وينقل إلى معبر اريز، ولكن قاربه يبقى في إسرائيل لعدة أشهر. إنّها عقوبتي، يقول الضابط. عندما أوقف القارب وأحضره إلى إسرائيل فإنّه عقاب. لذلك فهو مستعد لفعل أي شيء لكي لا يُحضر قاربه إلى هنا. لذلك يهرب ولا يتوقف، كما أكّد. والهدف الأساسي هو عدم معاقبة الصيادين المارقين. يقولون في سلاح البحرية إنّ حماس غيّرت أساليب عملياتها منذ عملية “الجرف الصامد”، والأفلام الدعائية للذراع العسكري تدل على رغبة نقل المعارك إلى منطقة إسرائيل. في هذا الإطار، تتدّرب حماس على الإنزال على الشواطئ الإسرائيلية ومهاجمة السفن.
ولفت المُحلل إلى أنّه في خلفية العوامات أيضًا، تسلل “مخربي” حماس إلى شاطئ زيكيم خلال عملية “الجرف الصامد” في صيف العم 2014. الـ”مخربون” الأربعة الذين وصلوا غوصًا اكتُشفوا فقط وقت وصولهم إلى الشاطئ. الرباعية هاجمت قوات الجيش الإسرائيليّ وفي طريق عودتهم إلى البحر قضي عليهم بإطلاق النار صوبهم. وشدّدّ على أنّ التحقيق في الحادث كشف الفجوات الاستخبارية بين القوات. والتخوف لدى الجيش الإسرائيلي هو أنّه وفي اللحظة التي تتحدث فيها حماس عن الأنفاق الهجومية تستعد وحدة الكوماندو البحرية التابعة للتنظيم لتوسيع مسافة الغوص تجاه شاطئ زيكيم قبيل المعركة القادمة.
وساق قائلاً إنّه منذ أنْ انتهى التحقيق تعلّم سلاح البحرية على الفور العبرة من تسلل قوة حماس إلى شاطئ زيكيم وكذلك قيادة الجنوب، وفي العامين الأخيرين نُفذت على الأقل عشرة تدريبات بين مختلف الوحدات من أجل توثيق التعاون الذي اتضح أنه نقطة ضعف. الضابط المسؤول قال أيضًا للموقع العبريّ إنّ الحدث القادم مرتبط بطبيعة علاقتنا مع الكتيبة الشمالية في مقسم غزة وقيادة الجنوب وسلاح الجو.
وتابع: حدث أنّه يتوقع من مقاتليه أيضًا أنْ يستعدوا للمفاجآت، ويوجد لهذا سبب جيد: في العامين المنصرمين فقط نُفذت عشرة محاولات تهريب من شبه جزيرة سيناء إلى قطاع غزة، بحسب تعبيره. وخلُص الضابط المسؤول إلى القول إنّه إذا سلّمنا بافتراض وجود عمليات تهريب خفيت عن عيون الجيش المصري وسلاح البحرية الإسرائيلية، يُمكن القول إنّ حماس نجحت بوضع يدها على أدوات قتالية متطورة هُربت من ليبيا عبر سيناء. وفي مثل هذا الوضع من الواضح أن المواجهة ستكون أصعب من سابقتها، على حدّ تعبيره.