كانت هذه مجرد مسألة وقت. فما بدأ في اللقاء في هضبة الجولان مع لواء المظليين دون مرافقة وزير الدفاع، وواصل في المعركة الثانية في انعدام الاسناد في قضية الجندي مطلق النار من الخليل انتهى، أول من امس، بمواجهة علنية بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع. هذ المواجهة، او للدقة الاقوال الحازمة ليعلون أمام عشرات الضباط الكبار بمناسبة "يوم الاستقلال"، يمكن ايضا ان نصفها بانها يوم الاستقلال لبوغي يعلون. لا شك أن شيئا ما يحصل ليعلون. فالرجل الذي يعتبر الامل الاكبر للمستوطنين، الذي تجاوز غير مرة من اليمين وزراء "الليكود"، تنكر منذ زمن بعيد للتيجان التي وضعها على رأسه المخلّون بالقانون في "يهودا" و"السامرة" ويعرض في كل حدث موضع خلاف موقفا مسؤولا وبلا هوادة، يقف دوما الى جانب قادة الجيش، ويعارض غير مرة موقف رئيس الوزراء، ان لم نقل وزراء "البيت اليهودي" أو وزراء "الليكود" اليمينيين. هكذا كان في قضية الجندي اليئور أزريا، حين وقف يعلون الى جانب رئيس الاركان والقيادة العسكرية وشجب المهرجان الذي خُطط من اجله، بينما اتصل نتنياهو بوالد الجندي للشد على يده. وهكذا كان في قضية اللواء يئير غولان، حين شجب نتنياهو ما قاله غولان في مراسيم "يوم الكارثة"، حين تحدث عن سياقات مشابهة بين ما جرى في اوروبا وفي المانيا قبل 80 سنة وبين ما يجري هنا الان. في جلسة الحكومة قبل اسبوع قال نتنياهو ان المقايسة مثيرة للحفيظة، وهكذا أشعل الجدال من جديد. اما يعلون، كما يتبين، فقد اختار هو ايضا الا يتخلى عن الموضوع، والتوقيت كان أليما على نحو خاص من ناحية رئيس الوزراء. فقد قال يعلون، أمس في ما بدا كتوجه للقيادة السياسية أكثر مما هو لعشرات الضباط الكبار الذين تحدث امامهم، ان الجيش الجيد هو جيش يشعر قادته بانهم واثقون بقدرتهم على ان يقولوا رأيهم في كل وقت. ودعا القادة الا يخافوا، الا يترددوا، والا يرعووا، من أن يكونوا شجعانا ليس فقط في ميدان المعركة بل حول طاولة المداولات كذلك. وروى بان امكانية المس بالحصانة القيمية والاخلاقية للجيش الاسرائيلي تقض مضاجعه، وهو مصمم على الا يتنازل في هذا الشأن. لا شك ان يعلون، الذي لا يعتبر ألمعيا سياسيا ما، فهم جيدا أي عاصفة سياسية ستحدثها اقواله. حتى له كان واضحا انه حين يقول لقادة الجيش الاسرائيلي الا يخافوا قول رأيهم، فانه يعني ان احدا ما لا يسمح لهم بان يقولوا رأيهم. كان يمكن الاعتماد على رئيس الوزراء الا يسمح لهذه الاقوال بان تمر بلا رد. وقبل ان ينهي يعلون قوله، نشر رد فعله، في أنه يعطي اسنادا كاملا لجنود الجيش وقادته. وهكذا حدد رئيس الوزراء بنفسه العنوان الى اين يطلق يعلون سهامه. وحتى من لم يكن واضحا لديه الى أين يتوجه يعلون، بات الان واضحا له. غير أنه أغلب الظن بعد تفكير آخر او توصية من مقرب، بدا الرد لنتنياهو غير كاف وقد استدعى يعلون الى حديث ايضاح صباح أمس. فالسوط الذي يحمله نتنياهو أمام يعلون هو وزارة الدفاع. هذا هو العقاب الوحيد ولا يوجد غيره: امكانية أن يقيل يعلون ويعين وزير دفاع آخر بدلا منه. يخيل لي ان نتنياهو لن يسارع لعمل ذلك. فليبرمان، على الاقل حسب ما قاله، أول من أمس، عن نتنياهو، لا يعتزم الدخول الى الحكومة. وبينيت؟ رئيس الوزراء يفضل ان يعين نصر الله وزيراً للدفاع وليس بينيت. إذ هكذا على الاقل يكون له مكان يعود اليه في الليل. هرتسوغ، الذي يوجد أغلب الظن في اتصالات متقدمة للدخول الى الحكومة، لن يتجرأ على تعيينه، بسبب رد اليمين والمستوطنين. ومن الافضل له أن يوبخ يعلون قليلا من أن يهز الساحة. وبالنسبة ليعلون، فان سلوكه في الفترة الاخيرة يدل على أنه لا يخاف ان يفقد ما يوجد في يديه. وانه اتخذ قرارا للسير مع قيمه وضميره كل الطريق، دون أن يأخذ بالحسبان الاثمان، بالضبط مثلما اوصى القادة أمس. قبل شهر، في ذروة المعارك في المعسكر الصهيوني، كتبت بانه اذا لم يكن بوغي هو بوغي، لكان يمكنه أن يأخذ حزب العمل سيرا على الاقدام. هذه لم تكن مزحة على الاطلاق. لو لم يكن بوغي هو بوغي، لكنا كفيلين بان نفكر بانه في الطريق الى اقامة حزب جديد.