في غزة سينما، مخرج مجنون اسمه خليل المزين، معجون بالكاميرا وبالعتمة، صالات مستأجرة مقبولة نوعاً ما لعرض الأفلام، ووزارة ثقافة خائفة من غضب الله عليها لو ظهرن السجينات الفلسطينيات في فلم 3000ليلة بملايس غير محتشمة، رجال أمن بأجهزة إتصالات حديثة وأحذية عسكرية ومسدسات وظيفتها أن تفصل النساء عن الرجال في صالة العرض، أطفال بعمر العام والجدة صفية حضروا، فتيات بكامل فطرتها أناقتها. طفلتي"نيمار" كما تحب أن تناديها اختها ايلياء في حالة استغراب. تشبه تلك التي على وجه "خليل" في لحظةٍ ما. نيمار لم تتعود أن ترى فتاة بلا غطاء رأس في الشارع ، وهذه المرة الأولى تدخل في صالة عرض معتمة، تفهمت صغيرتي الحالتين، العتمة وأمر المنديل الذي لا ينقص من شأن الفتاة شيئاً، أحبت السينما وتصاحب مع الفتاة المتبرجة، مررت كفي من أمام عينها وهي منتبهة جداً للشاشة أثناء العرض وكأني لست موجوداً. الصحيح؛ العتمة في قاعة السينما تذكرك بمن تحب، تشعر أنك تود أن تبكي. سيبدو الحديث بسيطا عن السينما وهذه التظاهرة التي تمت بالتنسيق مع وزارة الثقافة. ببساطة نريد أن نقول للجميع للمنقسمين والسيااسين نحن نحب السينما والحياة والشعر والموسيقى، ونحب الله على طريقتنا. لسنا بدعة في هذا الكوكب أو حالة شاذة عمن هم حولنا، نصلي ونصوم ونشاهد الأفلام ونكتب المسرحيات والأغاني، مقصرون أحيانا في واجباتنا الوطنية والدينية كأي بشر يصيبون ويخطئون، المخرج، الممثل، الكاتب، المصور، المنتح. هم هؤلاء المدافعين الأوائل عن المنظومة السينمائية الفنية والأدبية أيضا. يحملون هماً ورسالة انسانية، يطرحون الكثير من الأسئلة، ويقدمون من خلال هذه الشاشة البيضاء أجوبة ممكنة. ترفع لكم القبعة وننحني لابداعكم. غزة التي فيها عرب وطرزان ونعيم الخطيب وجمال ابو القمصان وايناس السقا ومحمود ابو غلوة ونحن بخير والسينما والمسرح في غزة بخير ومع تقديري الكبير لكل مبدعي السجادة الحمراء غبرها، تحية لكل مخرجي الأفلام العربية والاجنبية في هذا المهرجان الذي تزامن مع معرض الكتاب في مدينة رام الله. غزة هذهِ الجغرافيا الضيقة قد تبدو من أكثر المدن الفلسطينية حاجة للسينما كما هي حاجتها للمشفى والمسجد والمصنع، بل وضرورة يستعد الكثير للقتال والتضحية من أجلها.. لا تحاربونا في حبنا للمسرح الحر "كمان" ودار سينما محترمة زي اللي بباقي المجتمعات الراقية، نعدكم اننا لن نعرض فيها أفلاما إباحية. المقاتل الحقيقي لا يشك أحداً بسلاحة. دعونا نحارب الاحتلال بطريقتنا. على سبيل المثال في فلم "سارة" البطل الحقيقي كانت كاميرا المصور المحترف ابراهيم ياغي. اسبوع السجادة انتهى. واقفلت دار العرض ابوابها غادر الممثلون ونحن على موعد قريب مع السينما من جديد.. تحية حب للجمهور الذي كان هو البطل الحقيقي في هذا العرس السينمائي.. لضابط المباحث الذي أدرك أن هناك أناساً غير مرتاحين من هذا الفرح المرسوم على وجوه الصبايا والشباب فدافع عنهم. الجمهور كبير كان بالكم والرقي. في نهاية عرض فلم "سارة" قال خليل أنا أقبل كل شخص حضر هذا المهرجان و وأنا أقول شكراً لكم شكراً للجميلة غزة.