مصلحة إسرائيل.. مفتاح البيت الأبيض

thumbgen (33)
حجم الخط
 

رغم كل ما يقال عن التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية والدولة الصهيونية، تبقى منظمة «إيباك» (اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة) أهم جماعة ضغط على الساحة الأميركية. ويعتبر مؤتمرها السنوي من أكبر التجمعات السياسية في واشنطن، حيث يحضر المؤتمر زعماء الكونغرس والبيت الأبيض والإدارة الأميركية. وفي هذا العام، لم يختلف مؤتمر «إيباك» عنه في السنوات السابقة، اللهم باستثناء درجة الإسفاف التي وصلها مرشحو الرئاسة الأميركية في إعلانهم التأييد والدعم الكاملين لسياسات الدولة الصهيونية. فمثلا «تيد كروز»، الجمهوري اليميني الداعم لإسرائيل على أسس دينية توراتية، تعهد بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وعنده كلمة «فلسطين» ليست موجودة، لذلك أنهى حديثه بالقول: «يحيا شعب إسرائيل». أما التقدم الذي يحرزه كل من الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون، فينذر بمعركة حامية بينهما في الخريف المقبل، إذا ما تمكنا من الفوز بترشيح حزبيهما لسباق الرئاسة الأميركية. وفي موضوع الانحياز للدولة الصهيونية وطلب رضاها، جدد ترامب التزامه بحماية أمن إسرائيل، معلناً أنه سيزورها قريباً. ووصف في مقابلة مع صحيفة «إسرائيل اليوم»، المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إسرائيلَ بـ«معقل الأمل الأميركي في منطقة الشرق الأوسط»، وبأنها «تواجه اليوم خطراً أكبر من أي وقت مضى بسبب الاتفاق النووي الذي عقده أوباما مع إيران». وأضاف: «أظن أن الوضع الذي دفع رئيسُنا إسرائيلَ إليه فظيع جداً، وأظن أن أوباما تعامل بصورة سيئة جداً مع شعب إسرائيل». وعبّر ترامب عن حبه «لإسرائيل وشعبها منذ وقت طويل»، مبدياً تعهده: «سنضمن أن تبقى إسرائيل في حالة جيدة جداً إلى أبد الآبدين».

وإلى ذلك أكدت المرشحة الديمقراطية في عديد من التصريحات عن انحيازها لإسرائيل وقائلة إنها ستقدم الأسلحة «الأكثر تقدماً»، كما تعهدت بالوقوف ضد المقاطعة العالمية للدولة الصهيونية. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «Jewishinsider» الإسرائيلية عن وزيرة الخارجية السابقة «مادلين أولبرايت» أن «هيلاري حينما كانت وزيرة للخارجية كانت داعمة جداً لإسرائيل وأمضت الكثير من الوقت مع المسؤولين الإسرائيليين لمحاولة حل المشكلات العالقة مع الفلسطينيين، أما ترامب فهو داعم لإسرائيل فقط في الخطابات كما حدث أمام إيباك».

ولعل اللافت هو عدم مشاركة المرشح «بيرني ساندرز» في مؤتمر «إيباك»، وهو يهودي من أصل بولوني، حيث كان قد ألقى خطاباً في إحدى محطات حملته الانتخابية، أوضح فيه أن «أمن إسرائيل لا يأتي عن طريق قمع الشعب الفلسطيني».

يقول الكاتب الإسرائيلي «بيتر بينارت» الذي يعرف بأنه صهيوني ليبرالي: «إيباك هي المنظمة اليهودية الأميركية الوحيدة التي تستضيف عملياً كل المرشحين للرئاسة كل أربع سنوات. وهي الوحيدة التي تتبجح بأن مؤتمرها الوطني يحضره عدد من أعضاء الكونجرس يزيد على أي عدد منهم يحضر أي مناسبة أخرى باستثناء جلسة مشتركة لمجلسي الكونجرس أو للاستماع إلى خطاب الاتحاد. وهي المنظمة الوحيدة التي وظفت مسؤولا فيها تبجح بالقول: هل ترون منديل المائدة هذا؟ خلال أربع وعشرين ساعة يمكننا أن نحصل على تواقيع سبعين عضواً في مجلس الشيوخ على هذا المنديل». وأضاف «بينارت»: إن «إيباك لها مهمة واحدة فقط؛ ضمان أن تدعم حكومة الولايات المتحدة إسرائيل بلا شروط».

أما «زلمان شوافل» فكتب يقول: «مؤتمر الإيباك أثبت قوته من جديد. الإيباك تعلن عن نفسها منظمة ثنائية الحزبية. أي أنها لا تميل للديمقراطيين أو الجمهوريين، وإنما هدفها تحقيق المصلحة المشتركة لإسرائيل والولايات المتحدة. ومن هنا ينبع تأثيرها. وفيما يتعلق بسياسة إسرائيل، تحاول الإيباك التعبير عن مصلحة كل حكومة إسرائيلية موجودة».

الكاتب «جدعون ليفي» أحد الأصوات الإسرائيلية الداعية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، زار واشنطن وألقى خطاباً قبل يومين من انعقاد مؤتمر «إيباك» الأخير، اتهم فيه إسرائيل بـ«العمى الأخلاقي المطلق»؛ بسبب لامبالاة المجتمع الإسرائيلي تجاه مصير الفلسطينيين، كما هاجم «إيباك» واعتبرها «بعيدة عن أن تكون صديقة لإسرائيل. إنها عملياً أحد الأعداء الكبار لها». وأوضح قائلا: «حينما يكون أحد مدمناً على المخدرات وأصدقاؤه يعطونه المزيد من المال لشرائها، فإن المدمن سيحبهم بالطبع. لكن هل هم يحبونه؟ هل يشك أحد بأن إسرائيل مدمنة على الاحتلال؟ وأن هذا الإدمان خطير بالدرجة الأولى على إسرائيل؟ الضحية الحقيقية الفورية هم الفلسطينيون، وقد يكون كل الشرق الأوسط. لكن الاحتلال سينتهي في يوم من الأيام. أنظروا ماذا حدث للمحتل، أنظروا القوانين الأخيرة في الكنيست، هل تلائم القيم الأميركية؟ هل يمكنكم تخيل منع نشر زواج بين الأجناس المختلفة في الولايات المتحدة؟ لقد حدث هذا في إسرائيل. هل يمكنكم تخيل مطالبة رئيس الولايات المتحدة المدنيين في يوم الانتخابات بالمسارعة إلى التصويت لأن الأفروأميركيين أو الهسبينيين يتدفقون إلى الصناديق؟ في إسرائيل حدث هذا».

حقاً، إن مقولة التي مفادها أن مصلحة إسرائيل وأمنها هما المفتاح الأبرز لمن يرغب في الوصول إلى البيت الأبيض، هي مقولة تنطبق بالتساوي على الحزبين الأميركيين؛ الديمقراطي والجمهوري.

عن الاتحاد الاماراتية