من حق المواطن أن ينظر لواقع قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الزاوية التي تخصه، والغالبية العظمى من الناس تنظر للقطاع من زاويتين لا ثالث لهما، الأولى: حجم الأرباح المعلن عنها للشركات العاملة في القطاع رابطاً إياها مع مستوى المعيشة والدخل. الثانية: جودة الخدمة وعدالة الأسعار والفوترة والمقارنة مع أسعار شركات دول الجوار. من حق الخبراء والمتابعين أن ينظروا للأمر بمنظار مختلف تماماً محوره حجم التقدم الذي حققه قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في فلسطين، رغم التحديات والمصاعب التي تواجه هذا القطاع، وإن بدأنا بعدها لن تتسع هذه المساحة لحصرها من ازديادها وتأثيرها وتراكمها، وبالمحصلة آثارها السلبية على القطاع، ويجوز للخبراء الربط بين القطاع وبين الريادة والإبداع، ولا يضر التعريج على جَسر الهوة بين التعليم وسوق العمل بحيث نكف عن معادلة «نعلّم لنخرّج فقط». ولدينا جهة أُخرى هي فنيو الاتصالات الذين يعتبرون انفسهم أولا متلقي خدمة ويحتاجون إلى مظلة تحفظ لهم حقوقهم، الا انهم مطلون على التفاصيل، حيث حدثني بعضهم عن الكلفة العالية لأعمال الصيانة ومد وتركيب الخطوط وحجم الضغط على إصلاح الأعطال. المشكلة الأساس أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يحرص وبشكل واضح على تنظيم علاقاته مع الجهات الرسمية الحكومية، ويحث الخطى باتجاه شراكة حقيقية بالإمكان قياس مدى إنجازها، ويحرص على تنظيم العلاقة بين شركات القطاع فيما بينها، إلا أن العلاقة الحقيقية مع متلقي الخدمة الزبون المستفيد لا يوجد إطار ناظم لها ضمن مرجعيات واضحة باستثناء قانون حماية المستهلك وقانون هيئة تنظيم قطاع الاتصالات وآليات تقديم الشكاوى في الشركات، وتقديم الشكاوى في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الا أن السائد أن الشركات لديها آليات ومرجعيات تنفذها. يطرب الإنسان عندما يستمع لخطاب يفيد أن قانوناً للمعاملات الإلكترونية قد أُقر في مجلس الوزراء، وأن قانون الجرائم الإلكترونية قد رُفع إلى الحكومة لدراسته وإقراره حسب الأصول، يفرح المستمع ان تفيده وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن قرارات وزارية من الوزير اتخذت هدفُها حماية المستهلك، يفرح المتلقي ان تفيده الشركات أن نقاط البيع لديهم هي مراكز خدمات جمهور وتواصل مع الزبائن وأن المستهلك على رأس الاهتمام. الواضح أن مجمل هذه القضايا يجب ان تترجم بمفردات تصل المواطن متلقي الخدمة المستفيد ليحكم عليها ويقيسها بمسطرته ويخرج باستنتاجاته، وبالتالي يصبح قادراً على تقييم جودة الخدمات في القطاع حسب هذه المقاييس، أما أن يظل الحديث حول وعن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مختصراً على المختصين وعلى ممثلي الشركات وعلى أكاديميين، وبالتالي لا يسمع المواطن الا بحجم الأرباح وواقع الفاتورة آخر الشهر مقابل خط هاتف ثابت لا يستخدمه إلا للوصول لخط النفاذ، رغم أن المواطن فطن ويدرك تماماً أهمية هذا القطاع ويعلم علم اليقين أن الوصول إلى الإنترنت ومجتمع المعرفة والريادة لن يتيسر الا في ظل تقدم وتطور هذا القطاع، لكن المعضلة برمتها تتعلق بالمقارنة مع شركات ذات القطاع في الجوار. التعليقات والملاحظات عند تنظيم إكسبوتك كل عام «المعرض بات لبيع أجهزة حاسوب وماكينات تصوير وآي باد» بمعنى باتت غالبية شركات القطاع تأتي بتلك الصناديق لتسويقها على حساب البرمجيات والإبداع والتميز، وهذا رأي الزوار غالبيتهم. خارج النص: التعاطي مع الاتصالات لا يغمض أعيننا عن هموم المستهلك المواطن في قطاع التأمين وتحديد الحد الأدنى لسعر البوليصة وعدم إنجاز أي حسم مهما كان وضع الزبون في الشركة من حيث انضباطيته وسنوات تأمينه في ذات الشركة، ويبدو أن دق جدران الخزان لدى مراقب التأمين في هيئة سوق رأس المال الفلسطينية لم يأتِ بنتيجة، وأن إصراره على تطبيق القرار بغض النظر عن خسائر المواطنين وبغض النظر عن تراجع عدد الذين يؤمنون مركباتهم وبالتالي تراجع عدد من يصدرون رخص لمركباتهم من وزارة النقل والمواصلات. واضح تماماً أن النقاش حول ملف التأمين وملف ارتفاع أسعار الإسمنت بات من المحرمات، ومن المحظور نقاش هذه الملفات، وحتى جهات الاختصاص لهذه القطاعات لا تقيم وزناً لآراء المواطنين المستفيدين من هذه الخدمات والسلع خصوصاً أن الإسمنت سلعة إستراتيجية لا يمكن استبدالها ولا الاستغناء عنها، وكذلك التأمين، ولا تصدر وزارة الاقتصاد الوطني أسعاراً استرشادية للإسمنت، ولا تتدخل في قضايا التأمين وتحديد الحد الأدنى لسعر بوليصة التأمين.