أصدرت حكومة الأرجنتين في العام 2007 أوامر اعتقال ضد ستة إيرانيين، من بينهم نائب وزير الدفاع السابق، احمد وحيدي، والرئيس السابق، علي أكبر رفسنجاني، بسبب ضلوعهم في تفجير مركز الجالية اليهودية في بيونس آيرس في العام 1994. وفيما بعد كشف النائب البرتو نسمان عن عملية تمويه في إطارها تم عزل القاضي بتهمة تلقي رشوة، وحسب هذه القضية فإن الاستخبارات الإيرانية وضعت 10 ملايين دولار في حساب بنكي سويسري للرئيس الارجنتيني السابق، كارلوس منعم، مقابل إغلاق القضية.
في 27 كانون الثاني 2013، وقعت الرئيسة كريستينا فرناندس دي كيرشنر على اتفاق مع الإيرانيين لاقامة لجنة تحقيق بشأن الهجوم. وقد جاء هذا الاتفاق نتيجة الازمة الاقتصادية في الارجنتين. وقد سبقت الاتفاق تقارير في وسائل الاعلام تقول إن وزير الخارجية، فكتور تمرمان، عرض تجميد التحقيق في القضية مقابل صفقة مبادلة للمنتوجات الارجنتينية بالنفط الايراني.
شغل تمرمان في الماضي منصب سفير الارجنتين في الولايات المتحدة. والده يعقوب يهودي ارجنتيني ومحرر المجلة الاخبارية الاسبوعية ذات التوجه اليساري، وكان اعتقل في العام 1977 من قبل القيادة العسكرية اليمينية في حجز انفرادي، وتم تعذيبه، ثم أُطلق سراحه بمساعدة السلطات الاسرائيلية في العام 1979 ووصل الى اسرائيل. وهنا كتب كتاب «سجين بلا اسم وزنزانة بلا رقم» وصف فيه اضطهاده في الارجنتين.
مع ذلك، في العام 1983 نشر تمرمان الأب كتابا آخر هاجم فيه بشدة السياسة الاسرائيلية، وقارن حكومة اسرائيل بحكومة الارجنتين الفاشية التي سجنته وعذبته. بعد وقت قصير من نشر هذا الكتاب عاد الى الارجنتين وتوفي في العام 1999. في الاسبوع الماضي قبل ساعات من مقتل النائب نسمان كان من المقرر أن يقدم تقريرا عن النتائج التي توصل اليها أمام البرلمان الارجنتيني. وقد وجد في منزله تقرير مكون من 289 صفحة اتُهم فيه كيرشنر وتمرمان بالتآمر لابعاد الاتهامات عن زعماء ايرانيين كانوا مسؤولين عن تفجير المركز اليهودي. وقد استند في تقريره الى اقتباسات كثيرة من محادثات للاثنين، وكذلك وجدت مسودة أمر اعتقال ضد الاثنين.
وصفت كريشنر في البداية موته كانتحار، وفيما بعد ادعت بأن الامر هو عملية قتل نفذت من قبل مخابرات معادية أرادت الاساءة الى سمعته. فور قتل نسمان ظهرت لافتات في أحياء يهودية كتب عليها «اليهودي الجيد هو اليهودي الميت، اليهودي الجيد هو نسمان». خلال ساعات خرج عشرات الآلاف واغلبيتهم من اليهود الى الشوارع وتظاهروا تحت شعار «أنا نسمان». زعماء الجالية اليهودية رفضوا المشاركة في الاحتفال الرسمي لوزارة الخارجية في «يوم الكارثة والبطولة»، وسمعت دعوات لطرد تمرمان من الجالية اليهودية.
من الصعب عدم الربط بين الفشل في تقديم المخربين الايرانيين للمحاكمة الذين كانوا مسؤولين عن الهجوم وبين الخط الذي تقوده ادارة اوباما نحو الاتفاق الذي سيُمكن النظام الذي يقف خلف هذه الفظائع من التحول الى دولة على شفا الذرة. الحقيقة أن آية الله والناطقين باسمه يواصلون حتى اليوم الاعلان عن نواياهم لاستنساخ العملية البربرية التي وجهت ضد يهود الارجنتين ولمحو اسرائيل من الخارطة، وهي تحظى بتجاهل لا يعرف الخجل. الرئيسة كريشنر باعت دولتها مقابل مصالح اقتصادية، والرئيس اوباما يقوم بذلك بسبب الدافع الذي يتملكه لمد اليد للدول المعادية.
عن «إسرائيل اليوم»
طوفان الأقصى: ما بعده ليس كما قبله
10 أكتوبر 2023