هناك من سيقول إن بوغي يعلون استقال من منصب وزير الدفاع لأنه يفهم جيدا الوضع. وهناك من سيقول إنه فعل ذلك لأنه لا يفهم الوضع. وسواء أكان هذا أم ذاك، فانه في الطابق الـ 14 لوزارة الدفاع في «الكرياه» في تل ابيب لا يوجد الآن وزير ولا يوجد أمن. هل اختفى الأمن؟ الجواب هو لا. حينما يدخل ليبرمان الى المنصب سنرى ونسمع الى أين سيأخذ جهاز الأمن، لكن المتوقع هو أن ما كان هو ما سيكون. من أعالي مكتب الوزير في «الكرياه» كان يمكن رؤية القدس في يوم صاف، لولا أبراج عزرائيلي التي تحجب ذلك. المتهكمون سيقولون إن يعلون على مدى سنين بدأ يصدق ما قالوه وكتبوه عنه. بأنه قيمي ونزيه ويقول ما يفكر به وإنه سياسي من نوع آخر. ولكن اذا كان يعلون يسعى الى القدس والى كرسي رئيس الحكومة فانه مخطئ بسبب أنه لم يتعلم من الشخص الذي تعلم عدم التحبب. ارئيل شارون قال له ذات مرة إياك أن تنزل عن عجل اللونا بارك (مدينة الملاهي) السياسي. في جميع الحالات يجب عليك البقاء فوق العجل، مرة تحت ومرة فوق. ينزل يعلون لفترة قصيرة أو طويلة عن العجل. وسيحاول العودة اليه. ويجب عليه ألا ينسى أنه توجد جدران في اللونا بارك. فهل سيشتاقون له؟ هل سينتظرونه؟ المتهكمون سيقولون إنهم سينتظرونه، لكن في «الجولة» أو في «الزاوية». حقبة اخرى وستقتنع ميري ريغيف واورن حزان بأنه يمكنهما أن يرثاه. وأتوقع أنهما يعتقدان ذلك منذ الآن. يعلون سيصل الى الانتخابات التمهيدية لليكود. واذا وصل فسيصل وهو منتوف الريش. عندما سيعود يعلون الى السياسة فيجب عليه الاخذ بالحسبان أنه سيأتي الى بلاد جديدة. وأنه يخدم اليوم دولة تزداد عنفا يوما بعد يوم. الوصفة هي القوة، المزيد من القوة، والمزيد من القوة. القوة تنتصر. سياسة الاكاذيب استبدلت سياسة «المناطق». في هذه الاجواء يبدو أنه لا يوجد لبوغي ما يبحث عنه في السياسة. في السنة القادمة سنحتفل بذكرى مرور خمسين سنة على حرب «الايام الستة»، التي غيرت خارطة الشرق الاوسط. وفقط من وصلوا الى جيل السبعين سيتذكرون ماذا كان هنا قبل ذلك. الاغلبية العظمى من مواطني اسرائيل ولدت أو وصلت الى البلاد في ظل الوضع الحالي. وتربت في أجواء تحولت الى أكثر عنفا وهم جزء منها. القصص حول الشوارع المقسمة في القدس غير معروفة بالنسبة لهم وهم لا يستوعبونها. ما الذي يريده الاغيار منا؟ «أن نُعيد»؟ كيف يمكن اعادة شيء لأحد دون أن يكون له؟ قلقيلية؟ غير معقول أن تفصل الحدود بينها وبين كفار سابا. عمل عقابي في نابلس؟ لن يكون. فهي لنا لأن ذلك مكتوب في التوراة. مواطنو اسرائيل وجنودها يعيشون داخل العنف وهم جزء منه. مثلا جندي عمره (18 سنة) يدخل في الساعة الثالثة فجرا الى بيت في مخيم للاجئين من اجل البحث عن مشبوهين وعن وسائل قتالية. ينام هناك 11 طفلا وهو يزيل البطانية ليحدث المفاجأة. جندي آخر يأمر فلسطيني ابن 80 سنة بأن يرقص على السطح الساخن للسيارة في الحاجز من اجل الحصول على بطاقة هويته. وجندي ثالث يشعر بالحر الشديد في الحاجز يقوم بشتم فلسطيني لا يسمع يمر بجانبه. ما الذي يحدث لهم؟ إن هذا الوضع يحولهم الى عنيفين، حتى لو لم يرغبوا في ذلك. وهذا العنف ينعكس ايضا على الحياة المدنية: في الشوارع واماكن الترفيه وفي كل مكان. يعلون سيصل، اذا وصل، الى الوضع غير الجديد – لكنه في ذروته. ويجدر به أن يتذكر ذلك.