قبل أن يكمل اليمين الفاشي في إسرائيل فرحته بانضمام أفيغدور ليبرمان للحكومة، عادت المشاكل للظهور بين مكوّنات الائتلاف الجديد.
فوزير المالية موشي كحلون يرفض قبول الأعباء المالية المترتبة على الميزانية العامة جراء مطالب حزب «إسرائيل بيتنا». والأحزاب الحريدية في حكومة بنيامين نتنياهو اشترطت قبول ليبرمان وحزبه في الحكومة بتعهده التصويت إلى جانب الحكومة في كل ما يتعلق بالقضايا الدينية. أما زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينت فوجه لنتنياهو إنذاراً بالانسحاب من الائتلاف إذا لم يعد توزيع الحقائب والمناصب عادلاً.
وقد اصطدم اتفاق نتنياهو ـ ليبرمان لتوسيع الحكومة أولاً وقبل كل شيء بوزير المالية موشي كحلون الذي رفض البند المتعلق بالإصلاح التقاعدي لـ«المهاجرين» وإكمال الدخل للمسنين (وهي مطالب حزب ليبرمان). ويؤخر هذا الخلاف الذي يتعلق بميزانية العامين المتفق عليهما بين نتنياهو وكحلون، والتي تخلق الاستقرار الائتلافي للحكومة. ومعروف أن هناك خلافات قائمة بين مكوّنات الائتلاف حول مجموعة من القوانين المعادية للديموقراطية والعنصرية، وبينها تمويل المنظمات الأهلية وحكم الإعدام بحق المقاومين.
وقاد الخلاف بين «إسرائيل بيتنا» ووزير المالية إلى إعلان ليبرمان أنه لم يتحقق بعد الاتفاق مع وزارة المالية بشأن متطلبات أمنية والإصلاح التقاعدي. وحسب كلامه، فإن «مطالبنا كانت متساوقة منذ الانتخابات. وطوال الوقت شددنا على أننا لا نتوقع نيلنا مئة بالمئة من مطالبنا، وكنا على استعداد للمساومة، وقد ساومنا في مواضيع الدين والدولة وعقوبة الإعدام للمخربين. وهذان موضوعان أساسيان لسنا على استعداد للمساومة عليهما، وهما الأمن والإصلاح التقاعدي. هذا إصلاح لمصلحة الجميع وليس للمهاجرين من روسيا فقط كما يعرضونه، إنه إصلاح جاء لإصلاح التشوهات ولمساعدة الشرائح الضعف. ولأسفي الاقتراحات التي تلقيناها من وزارة المالية، لا يمكننا القبول بها». وأعلن ليبرمان أن المفاوضات بلغت طريقاً مسدوداً.
وخشية وقوع سلسلة من ردود الفعل، سارع نتنياهو للإعلان في جلسة كتلة «الليكود» أن «هناك مفاوضات، ومداً وجزراً. هل تعلمون كم أدرت مفاوضات كهذه؟ لم يعد بوسعي تعداد ذلك. هذا يتطلب جهداً، ودائماً هناك أزمات وفرقعات، لكن لا شيء ينهار. الأمر يحتاج إلى وقت. هدفي هو تشكيل حكومة واسعة. أنا أقترح على الجميع عدم الانشغال بجلد الذات وإبداء الغضب، ينبغي الانضمام لحكومة واسعة قدر الإمكان لمواجهة التحديات والفرص التي تواجهنا».
وخلافاً لطبيعته، بدا ليبرمان تصالحياً مع نتنياهو، فأعلن أنه «ليس هناك أي إنذار، وأنا غير مقيد بالوقت. وإذا توفرت النية الحسنة فبالوسع التوصل لاتفاق». واعتذر عن صفات أطلقها في الماضي على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بينها «كذاب» و «دجال»، وقال إنه «في حمى السجالات السياسية تقال أوصاف لا حاجة بها. أنا أعتذر عما قلت، لم يكن لهذه الكلمات مبرر».
وكان زعيم «المعسكر الصهيوني» اسحق هرتسوغ قد أعلن رفضه للإيحاءات التي أطلقها نتنياهو بأن الباب لا يزال مفتوحاً أمام «المعسكر الصهيوني» للانضمام للحكومة. وبعدما أعلن هرتسوغ سابقاً رفضه إجراء مفاوضات مع نتنياهو بالتوازي مع المفاوضات التي يجريها مع ليبرمان للانضمام للحكومة، قال أمس لنتنياهو إن الباب بات موصداً. وطالب هرتسوغ أعضاء حزبه بالاتحاد والتراص لمواجهة «حلف المتطرفين الذي يهدد مستقبل الدولة».
وليس الاتفاق مع ليبرمان المشكلة الوحيدة التي تواجه نتنياهو حالياً. فبرغم مباركة «البيت اليهودي» لانضمام ليبرمان وحزبه إلى الحكومة، إلا أن هذه المباركة تزرع لغماً يهدد بتفجير الائتلاف. فـ «إسرائيل بيتنا»، التي نالت في الانتخابات ستة مقاعد، تأخذ في الحكومة الحالية، وفق الاتفاق، وزارة الدفاع وهي الثانية في أهميتها بعد رئاسة الحكومة وعدد من الوزارات يضاهي ما لدى «البيت اليهودي» وأكثر. وقد طالب «البيت اليهودي»، على شكل إنذار، بتعديل الخلل وإلا فإنه لن يقر الاتفاق مع ليبرمان. واختار زعيم الحزب نفتالي بينت تغليف مطلبه بتعديل عمل المجلس الوزاري المصغر «الكابينت»، وإصلاح مواضع الخلل التي تبدت في الحرب الأخيرة على غزة.
وقال بينت إنه «في الأيام الأخيرة تبدت الجوانب الإشكالية في تصرفات الكابينت الأمني لدولة إسرائيل في الجرف الصامد، والتي جاءت بعد إخفاقات مشابهة كانت لنا في حرب لبنان الثانية. أعضاء الكابينت لم يتم إشراكهم في المعلومات الاستخبارية النوعية، ولم يتم تأهيلهم بالشكل المناسب لمنصبهم، ولذلك فإنهم لم يعملوا وقت الاختبار بالشكل المناسب كمسؤولين عن الجيش الإسرائيلي». وأضاف «إنني في العامين الأخيرين توجهت مرارا لرئيس الحكومة بهذا الطلب، بما في ذلك أثناء المفاوضات الائتلافية. لكن شيئاً لم يتحرك. وبناءً عليه، سلمت أمس لرئيس الحكومة مطلبي بتنفيذ خطة إصلاح عيوب الكابينت، كحاجة حيوية لأمن إسرائيل وللحفاظ على أمن مواطني إسرائيل وجنود جيشها. وهذه الخطة هي حاجة أساسية من أجل منع نشر معلومات مضللة، ومن أجل إجراء رقابة مناسبة يتطلبها أمن مواطني إسرائيل».
وحسب كلامه، فإن «البيت اليهودي» لا يطالب بمناصب، كما أن مطالبه ليست قطاعية، ولأنها مطالب تتعلق بأمن إسرائيل، فإنه يشترط تلبيتها للموافقة على التغييرات المطلوبة في الائتلاف الحكومي. وبعد هذا الإعلان اجتمعت كتلة «البيت اليهودي» في الكنيست، وأعلنت وقوفها خلف إنذار بينت بأن لا موافقة على التغييرات في الحكومة قبل تصحيح مواضع الخلل في الكابينت، والتي تبدت في «الجرف الصامد».
وأعلن الوزير المسؤول عن المفاوضات الائتلافية في «الليكود» ياريف لفين «أننا لا ندير مفاوضات مجددة لفتح الاتفاقيات الائتلافية مع أي من شركائنا، خصوصاً البيت اليهودي. وإعلان البيت اليهودي يمس بقدرتنا على إتمام توسيع الحكومة القومية، وأنا أنتظر من زعيم البيت اليهودي التصرف بالمسؤولية المطلوبة. يجدر بالمداولات حول الكابينت أن تجري هناك».