استمرار الوضع الراهن سيقود إسرائيل إلى «حرب أهلية»

avishai-eu-bds-politics-of-israel-divestment-1200
حجم الخط
في وعي الجمهور الاسرائيلي والعربي والمجتمع الدولي رسخ الاعتقاد بأن الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني يسيران نحو الحسم في ظل احتمالين: دولة واحدة أو دولتين لشعبين. إلا أن تطبيق أي من هذين الاحتمالين لا يمكن أن يكون استمرارا طبيعيا للواقع بسبب الاختلاف الجوهري بينهما وبين هذا الواقع. وتطبيقهما يتطلب الاستعداد القومي بقدر يشبه حجم اقامة دولة. حكومات بنيامين نتنياهو، التي تتملص منذ عقد من الحسم وتمتنع عن الاستعدادية المطلوبة، تأخذ الاطراف الى البديل الثالث.
تطبيق حل الدولتين يحتاج الاستعداد القومي وكثير من المصادر لمواجهة المحاولة التي تمت خلال خمسين سنة لمحو الخط الاخضر وتغيير الواقع الديمغرافي في الضفة الغربية، رغم أن هذه التجربة لم تحقق هدفها السياسي. انشاء ظروف ضم الضفة الغربية، دون الاضرار بالحلم الصهيوني للدولة الديمقراطية ذات الاغلبية اليهودية، نجحت في وضع الحقائق في كثير من المجالات.
إن الاستعداد لاحتمال الدولتين يجب أن يشمل اخلاء بعض المستوطنين واستيعابهم داخل اسرائيل، وتهيئة القدس لاقامة عاصمتين مع التشديد على نظام خاص في الاماكن المقدسة وتدخل المجتمع الدولي لحل موضوع اللاجئين والانفصال الاقتصادي وحرية الحركة بين جزئي الدولة الفلسطينية، إنشاء حدود جديدة وشوارع ومعابر واعادة انتشار الجيش الاسرائيلي وخطة لادارة المرحلة الانتقالية بين التوقيع على الاتفاق وبين الوضع الدائم.
إن تصميم نتنياهو على رفض المعايير المعروفة لوضع حدود متفق عليها وعدم الاستجابة لاقتراحات الفلسطينيين بالاتفاق أولا على الحدود، يمنع الفلسطينيين الذين يعانون من قدرة سيادية محدودة من إعداد خطة شاملة حسب الحدود المستقبلية لفلسطين.
إن الاستعداد لدولة واحدة أصعب. اليكم اربعة تحديات لم يعبر من يؤيدون الخطوة عن رأيهم فيها: اسرائيل لا يمكنها الامتناع عن ضم قطاع غزة إضافة الى الضفة الغربية، اذا وافق الفلسطينيون على الدولة الواحدة. تحدٍ ثان هو حسم أهداف الجيش الاسرائيلي ومميزاته وطبيعة الاجهزة الامنية الاخرى: استيعاب السلطة الفلسطينية، التي هي ذات مميزات دولة من العالم الثالث. المجتمع في الدول النامية بحاجة الى تطوير في مجال التعليم والصحة والرفا، وأخيرا سيكون على الدولة الواحدة مواجهة استيعاب جزء من الفلسطينيين.
إن تقديس الوضع الراهن من نتنياهو والذي يضمن بقاءه السياسي كرئيس للحكومة، لا يشكل خطة استعداد. ولا تشكل ايضا افكار الضم الجزئي لنفتالي بينيت خطة استعداد. إن ذلك تنقصه الخطة السياسية الامنية الفعلية والقانونية.
البديل الثالث الذي يتطور بسبب غياب الحسم السياسي هو استمرار الواقع الراهن الذي قد يتم فرضه على اسرائيل في ظروف معينة، من ضمن ذلك انهيار السلطة الفلسطينية وانهيار اجهزة الحياة في غزة واندلاع العنف مجددا والتوحد بين "عرب اسرائيل" والفلسطينيين. يصعب وصف الوضع الذي سينشأ بوضوح، لكن يمكن القول إنه سينطوي على سمات الحرب الاهلية: فوضى جزئية في الحكم، بسبب التوتر المتزايد بين القيادة الامنية ووزراء الحكومة، عنف على المستوى الشخصي واليومي، غياب تطبيق القانون، انهيار مكانة المحكمة ووجود احزاب مسلحة. كل ذلك سيضر بالاقتصاد وبالتكافل الاجتماعي، ويدفع الى التدخل الدولي على نمط المقاطعة ووجود مراقبين وأيضا فرض عقوبات.