إلى متى سنبقى نعتمد على التمويل الدولي؟

05110183010569508383113123343322
حجم الخط
بغض النظر عن الآراء والاتجاهات والتحفظات من هنا ومن هناك، إلا أن المساعدات الخارجية للتنمية في فلسطين شكلت وما زالت تشكل نسبة أساسية من مخصصات التنمية بأنواعها. وبما أن المواطن الفلسطيني هو العنوان الأول والأخير لموضوع التنمية، فإن وجهة نظر المواطن هي الأهم من أجل قياس مستوى نجاح التمويل الدولي في المساهمة في التنمية في فلسطين أو بالأحرى بما يتوازى مع ما يلمسه المواطن من تغيير ذي فائدة في حياته اليومية العادية، سواء على المدى القصير أو البعيد، أو المستدام، ولا أعتقد أن هذا المواطن ينظر نظرة إيجابية إلى ذلك، على الأقل في الوقت الحاضر، وعلى الأقل نحو جزء كبير من التمويل الدولي، سواء أكان المباشر أو التمويل من خلال مشاريع مع الجهات المحلية.
ومن المعروف أنه في الظروف الطبيعية والسيادية، تقوم الدول بوضع أو بتفصيل خطط التنمية ومن ضمنها التنمية البشرية حسب احتياجاتها وأولوياتها والإمكانيات، وتقوم بعملية قياس النتائج أو التقييم حسب اعتباراتها ومصالحها وبطرقها الخاصة، وبناء علية تقوم بإعادة الجدولة أو تغيير الأولويات حسب ما تتطلبه مصلحتها، ولكن هل هذا هو الواقع في بلادنا؟
هذا السؤال طرح ويطرح باستمرار، حتى ربما توقف  الناس عن طرحه لعدم الاكتراث أو لعدم توفر الثقة في الحصول على إجابة مقنعة عليه أو على غيره من الأسئلة. 
وإذا كان التمويل دولياً أو خارجياً ومتنوعاً، فمن المنطق أن يكون هناك أجندة أو مصالح للممول، لأنه من غير الطبيعي والمنطق أن يعطيك أحد ماله أو مال دافعي الضرائب في بلدة، دون الحصول على عائد، سواء أكان هذا العائد سياسياً وهو الأهم، أو اقتصادياً، أو ثقافياً، أوحتى إعلامياً.
وبما أن هناك تسليماً بوجود العائد أو المصالح، فإن الأهم هو كيف يمكن تحقيق الحد الأقصى من الفائدة من ذاك التمويل الدولي على التنمية وخاصة التنمية المستدامة في فلسطين، أي تلك التي لا تنتهي بزوال التمويل، وبمعنى آخر ثبات ذلك العمل ومردوده حين ينضب أو يجف التمويل الدولي وهذا وارد في أي وقت وبأي شكل.
والنقطة الأخرى والمهمة حول التمويل الدولي، هي وكما يتبادر إلى الذهن من ربط بين التمويل الدولي وعمل المنظمات غير الحكومية، سواء المحلية أو الخارجية عندنا، وذلك الكم الكبير من العاملين في هذه المنظمات، وذاك المستوى من نمط الحياة وفي مختلف النواحي الذي تشكل نمطاً من هذا العمل، وبالأحرى ذاك الاقتصاد المصغر والمميز والهش الذي تم بناؤه على ذلك، والأهم في ذلك هي التبعات الثقافية والاجتماعية وحتى السياسية التي تبلورت ونمت بسبب ذلك، وكما يقال إن جزءاً كبيراً من مدن وأطر وبرامج وليس فقط عائلات تعيش على ذلك، والسؤال هو: ماذا سيحدث لو توقف ذاك التمويل، سواء خلال المدى القصير أو البعيد؟