تتدهور الأوضاع المهنية لقناة الجزيرة يوماً بعد يوم! لم تتوقف عند دسّ الرأى فى الخبر ولا عند التركيز على طرف واحد من القضية،
وهى أخطاء جسيمة يتعلم طالب الإعلام وجوب تجنبها، حتى انحدروا إلى التزوير العمدى للأخبار من منابعها، ثم زادوا على ذلك عصبية غير مبررة فى أداء المذيعين ومقدمى البرامج، بما يُرَجِّح ضيقهم من إدراكهم لحجم الفضيحة التى ورطوا أنفسهم فيها، ويبدو أنهم موقنون بازدراء الجمهور لأدائهم!
وقد وفَّر علينا جهد الاستنتاج عددٌ ممن كانوا يعملون بالقناة فى اعترافات منشورة بأن رؤساءهم فى الدوحة كانوا يُملون عليهم ما يجب أن يغطوه من أخبار وتقارير وكيف ومن أى زاوية ومع أى نوعية من المصادر، مع تعليمات مشدَّدة بتجنب كذا وكذا وفلان وفلان! وجاء فى إقراراتهم أنهم كانوا يُفاجأون، وبعد أن يلتزموا بكل التعليمات، بأن عملهم يتعرض للقص واللصق، بل ولإضافة ما لم يرسلوه، منه ما لا يعرفون مصدره، وأحياناً كانوا يعرفون أنها قصقصة من أحداث أخرى فى بلاد أخري!
آخر إنجازات «الجزيرة» التى تُلَخِّص البؤس المهنى تراه فى تبنيهم بثبات عبارات لا تتسم بحيدة الإعلام بل إنها تفضح توجهات سياسية مباشرة، مثل: اعتمادهم تنظيم داعش أنه تنظيم الدولة، بل وتزيد بوصف من يواجه داعش بأوصاف سلبية! فقوات الجيش السورى صارت قوات النظام! وفى التفاصيل اليومية، تعتبر تعامل الجيش السورى مع داعش عدواناً، وأما أفعال داعش فهى من أعمال المواجهة والتصدي! وفى العراق، وبزعم القيام بتغطية المعارك الرهيبة فى الفلوجة، فإن الجيش العراقى يفتقد روح القتال، وأما داعش فهم يوقعون خسائر بالجيش الذى يحاول أن يخترق الفلوجة..إلخ، مع التركيز على الأوضاع الإنسانية المتردية للنازحين، وكأنهم كانوا فى رغد مع انفراد داعش بهم!
وبالتوازى مع كل هذا، فهم لا يزالون على موقفهم من أن اختيار الشعب المصرى أن يطيح بحكم الإخوان، هو انقلاب، والرئيس المصرى ممثل للانقلاب، ومجلس النواب مجلس الانقلاب، وكل إرهابى يرفع السلاح ضد الدولة والشعب هو معارض للانقلاب.
ولا مجال هنا لاستنكار نقد «الجزيرة» بحجة أن إعلامنا سيئ، فهو موضوع مطروح دائما.
عن الاهرام